عزوف الناخبين يثير مخاوف الأحزاب السياسية في تونس
عزوف الناخبين يثير مخاوف الأحزاب السياسية في تونسعزوف الناخبين يثير مخاوف الأحزاب السياسية في تونس

عزوف الناخبين يثير مخاوف الأحزاب السياسية في تونس

أثارت المشاركة الضعيفة جدًا في الانتخابات الجزئية التي جرت هذا الأسبوع في تونس لانتخاب مجلس محلي جديد لبلدية باردو، شمالي العاصمة التونسية، مخاوف من تواصل عزوف الناخبين عن المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية القادمة، رغم زيادة مليون ونصف مليون ناخب جديد في سجل الناخبين.

والانتخابات الجزئية هي إجراء يتم اللجوء إليه لسد فراغ في المجلس التشريعي أو المجالس المحلية، عند حل تلك المجالس أو سحب الثقة من أغلبية أعضائها، ما يقتضي تركيز مجلس جديد يكتسب شرعيته من الانتخاب.

وأكدت الهينة العليا المستقلة للانتخابات أن نسبة مشاركة المواطنين في الانتخابات الجزئية لبلدية باردو لم تتجاوز 11.66 % ولم يتقدم للتصويت سوى 5202 ناخب من أصل 44626 مسجلًا مؤهلًا للانتخاب، ما اعتُبر رقمًا مفزعًا لا سابق له، وفق الأرقام الرسمية لنسب الناخبين في مختلف الاستحقاقات الانتخابية التي شهدتها تونس على امتداد ثماني سنوات.

واعتبر مراقبون أن هذه النسبة التي تزداد تقلصًا من انتخابات إلى أخرى تمثل مؤشرًا سيئًا على مدى استعداد الناخبين التونسيين للإدلاء بأصواتهم رغم إقبالهم على التسجيل طيلة الفترة التي خصصتها الهيئة لذلك، محذرين من أن تراجع ثقة التونسيين في الأحزاب السياسية الحزبية، قد يسبب أزمة حقيقية في الانتخابات التشريعية التي تقتضي نسبة مشاركة محترمة تعزز من شرعية البرلمان المنتخب ومن ثقة الجهات الدولية في التجربة الديمقراطية التونسية.

وقال المحلل السياسي شكري بن يوسف في تصريح خاص لـ "إرم نيوز"، إن الانتخابات الجزئية وإن كانت لا تمثل مقياسًا حقيقيًا ولا يمكن تعميمها على كافة الجهات والمحافظات، فإنها تقدم مؤشرًا في المنحى الإيجابي أو السلبي، مشيرًا إلى أن اشتراك الانتخابات الجزئية لإعادة تركيز مجالس محلية في محافظات سيدي بوزيد وتوزر، والآن تونس العاصمة، في ضعف نسب الإقبال، يمكن اعتباره دليلًا على ضعف ثقة التونسيين بالنخبة السياسية وإيثارهم المقاطعة على إعادة انتخاب شخصيات تعيد تنفيذ نفس السياسات وبنفس نسب الفشل، وفق تعبيره.

غير أن بن يوسف حذر من أن التفكير بهذا المنطق فيه خطورة كبيرة على المسار الديمقراطي الذي يقتضي التغيير والتداول السلمي على السلطة، موضحًا أن المقاطعة تكرس النظام القائم وتعزز من موقع المنظومة الحاكمة، وهذا ما يتعارض مع مبدأ التغيير ومبدأ عدم الرضا إجمالًا على السياسات القائمة.

من جانبه، اعتبر المحلل السياسي صالح الحساني أن المقاطعة لا تمثل حلًا بالنسبة للراغبين في التغيير والمواطنين الذين يعتبرون أن من حقهم غدًا محاسبة المجلس المحلي أو البرلمان المنتخب على سياساته وتوجهاته وحصيلة عمله، لأن التقييم والمحاسبة يكتسبان شرعيتهما من الانتخاب والمشاركة في العملية الديمقراطية، بحسب تأكيده.

واعتبر الحساني أن المفارقة التي تشهدها تونس اليوم هي أن هناك زيادة معتبرة لعدد الناخبين، في عملية التسجيل الأخيرة، وهي أكبر عملية تسجيل للناخبين في تاريخ تونس، حيث بلغ عدد الناخبين المؤهلين للتصويت في الاستحقاقات الانتخابية القادمة سبعة ملايين ومئتي ألف ناخب، والمفارقة أن نسبة ضعيفة جدًا من هؤلاء تخرج للتصويت، وهذا ما يفرز مجلسًا محليًا أو برلمانًا لا يمثل إلا من انتخبه، محذرًا من أن استمرار هذا الوضع سيؤدي إلى استمرار المنظومة الحاكمة حاليًا في بسط نفوذها ولكن بأقل نسبة ممكنة من الأصوات وبشرعية أقل، وثمة تكمن الخطورة، وفق تعبيره.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com