كيف قاومت المؤسسة العسكرية في تونس إغراءات الساسة؟
كيف قاومت المؤسسة العسكرية في تونس إغراءات الساسة؟كيف قاومت المؤسسة العسكرية في تونس إغراءات الساسة؟

كيف قاومت المؤسسة العسكرية في تونس إغراءات الساسة؟

رغم الصّراع السياسي الذي يلفّ المشهد العام في تونس بالتزامن مع الاستعداد للمحطات الانتخابية الرئاسية والتشريعية مع نهاية عام 2019، إلا أنّ المؤسّسة العسكرية التونسية نأت بنفسها عن جميع المطبات السياسية، وحافظت على انحيازها للوطن دون سواه.

وعلى امتداد أكثر من 60 عامًا، لم يحاول الجيش التونسي البحث عن أدوار خارج حدود ثكناته، رغم محاولات أطراف عدّة للزجّ به داخل العملية السياسية في تونس، والتي كانت يمكن أن تتمّ بيسر كبير في مناسبات عدة، أوّلها مع قيام الثورة التونسية عام 2011، ثم خلال اعتصام الرحيل عام 2013 مع مطالبة أصوات سياسية بضرورة تدخل الجيش آنذاك.

ويرى مراقبون، تحدّثوا إلى موقع "إرم نيوز"، أنّ موقف العسكر في تونس ظلّ منحازًا إلى خيار الشعب التونسي، بما جعله من أكثر المؤسسات الحائزة على ثقة التونسيين في جلّ استطلاعات الرأي، وتمسّك بحياده التام عن التجاذبات السياسية ونأت قيادات المؤسسة العسكرية بنفسها عن اغراءات الحكم.

تقليد تونسي

ويؤكّد الباحث التونسي في الشؤون العسكرية فيصل الشريف، أنّ الجيش التونسي ابتعد عن معترك الحياة السياسية، وكان ذلك توجهًا عامًّا، وبقي محافظًا على عقيدته المبنية على احترام الجمهورية، وحماية الحدود، وعدم التدخّل في الخلافات الخارجية.

وتحدث الباحث العسكري لـ"إرم نيوز"، عن محاولات جهات سياسية في فترة حكم الترويكا (أحزاب الائتلاف الحاكم في تونس بقيادة النهضة الإسلامية عام 2013)، لاستقطاب قيادات عسكرية وإقحامها بالمشهد السياسي في البلاد، إلا أنّ هذه الإغراءات لم تنجح بكسب ودّ العسكر التونسي الذي تمسك بعقيدته الواضحة، وفق تعبيره.

ويرى الشريف أنّ "محافظة المؤسسة العسكرية التونسية على عقيدتها وهويتها منذ تأسيسها، هي تقليد تونسي نادرًا ما تمتلكه دول عربية أخرى، باعتبار أنّ تونس دولة مدنية، منوّهًا إلى أنّ من أسباب نجاح ثورة تونس هو ابتعاد الجيش وعدم تدخله في الأجواء السياسية المشحونة بذلك الوقت وبقي حاميًا للبلاد والعباد".

عقيدة الولاء

من جانبه اعتبر العميد السابق بالجيش التونسي أنور دبّيش أنّ الجيش التونسي لا تستهويه إغراءات الحكم أو السلطة، ويرجع ذلك إلى تكوين الجيش التونسي لا سيما بعد سنوات الاستقلال حيث تدربت أغلب القيادات العسكرية التونسية بدول غربية لا تتدخل في المعارك السياسية، وفق تعبيره.

وأضاف في تصريح لموقع "إرم نيوز"، أنّ ضبّاط الجيش التونسي وقياداته لا يطمحون إلى كرسي السلطة، لأنّ بوصلتهم الوحيدة هي الولاء للوطن، ولهذا ظلت المؤسسة العسكرية بعيدة عن الصراعات السياسية خاصة بعد ثورة تونس ومحاولات أطراف سياسية بإخراج الجيش من ثكناته والزجّ به في الخلافات السياسية.

ولفت إلى أنّ وضعية المؤسسة العسكرية في البلاد لم تتحسّن كثيرًا ما بعد الثورة، ورغم ذلك حافظ الجيش التونسي على حياده التام.

محاولة للزج بالجيش في السياسة

وتطرّق العميد التونسي، وهو مؤسس جمعية ضباط قدماء الجيش التونسي، إلى مشاركة حملة السلاح في الانتخابات المحلية الفائتة، مشيرًا إلى أنّ السماح لقوات الجيش بممارسة حق الانتخاب يعدّ دعوة صريحة لهم إلى الاهتمام بالشأن السياسي.

وقد يدفع ذلك -يقول العميد التونسي- إلى تطوّر الميولات السياسية لدى أفراد القوات العسكرية ودعم طرف سياسي على حساب بقية الأحزاب، وجرّهم بالتالي إلى الصراعات السياسية، وهو ما يتقاطع مع مفهوم الانضباط داخل المؤسسة العسكرية.

ويعدّ السماح للأمنيين والعسكريين بالتصويت، سابقة في تاريخ تونس منذ استقلالها في خمسينيات القرن الماضي، وقد أحدثت الخطوة نقاشات كبرى لدى الرأي العام قبل إقرارها، ويجيز القانون الانتخابي الجديد لقوات الأمن والجيش التصويت فقط في الانتخابات المحلية دون سواها.

ويفوق عدد الأمنيين والعسكريين في تونس الـ100 ألف، لكن عدد المسجّلين في قوائم الناخبين المخوّل لهم التصويت في البلديات، يبلغ 36 ألف عنصر، غير أنّ نسبة مشاركة القوات الحاملة للسلاح خلال الانتخابات المحلية الماضية، كانت متدنّية وقدرت بـ10% بنحو 3600 ناخب بين أكثر من 36 ألف أمني وعسكري مسجل في الانتخابات.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com