مبادرات "الإجماع الوطني" في الجزائر.. خطط لحل الأزمة أم لتعميقها؟
مبادرات "الإجماع الوطني" في الجزائر.. خطط لحل الأزمة أم لتعميقها؟مبادرات "الإجماع الوطني" في الجزائر.. خطط لحل الأزمة أم لتعميقها؟

مبادرات "الإجماع الوطني" في الجزائر.. خطط لحل الأزمة أم لتعميقها؟

يأخذ الحديث عن عقد مؤتمر وطني بعنوان "الإجماع" في الجزائر، كبديل لرئاسيات أبريل/ نيسان 2019، مساحة كبيرة من النقاشات في البلاد، وسط انقسام في الرؤى حول ما إذا كانت هذه الندوة حلًا للخروج من أزمات متعددة تميز المشهد العام المتسم بالغموض، أم أنها مجرد ورقة جديدة من نظام يبحث عن ربح الوقت.

ويتواصل الجدل في الجزائر منذ إعلان الوزير السابق، عمار غول، الذي يقود حزب "تجمع أمل الجزائر" عن عقد مؤتمر يجمع مكونات المجتمع كافة، بدعوى "إيجاد أرضية مشتركة لتسوية الخلافات بين المعارضة الجزائرية بكل ألوانها وبين النظام الحاكم بما في ذلك أحزاب الموالاة التي تقف إلى جانبه".

وشكلت دعوة غول، صدمة حقيقية في بلد يستعد لتنظيم استحقاقات رئاسية ربيع العام المقبل، يبقى مصيرها معلقًا بموقف الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة حيال هذا الموعد سواءً بالترشح لولاية خامسة يغلق بها ربع قرنٍ من تربعه على عرش السلطة في الجزائر، أو الانسحاب من المشهد العام.

سيناريو التأجيل

ويعتقد مراقبون، أن النظام الحاكم في الجزائر يمُرُّ بأصعب مراحله في ظل تضاؤل مخارج النجدة، حيث تذهب التحليلات إلى التأكيد أن الحالة الصحية للرئيس بوتفليقة لن تسمح له بالترشح لولاية خامسة، ومع غياب شخصية رئاسية بديلة يدرس النظام الحاكم فرضية عقد ندوة إجماع وطني، تَعقُب الإعلان عن تأجيل الانتخابات، وتمديد عهدة الرئيس الحالي لفترة يتم التوافق حولها.

ووسط الغموض الحاد الذي يميّز المشهد العام، يضبط الشارع الجزائري، عقارب ساعاته على التاريخ القانوني لاستدعاء الهيئة الناخبة المقرر منتصف شهر يناير المقبل، إذ يعتبر الإعلان ترسيمًا لإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، كما أنه يفتح باب الترشح رسميًّا للراغبين في خوض سباق الرئاسة.

بينما يُعرف بوتفليقة بأنه يفضل منذ بداية حكمه عام 1999 “السوسبانس”، ومن مميزات تسييره لشؤون الدولة هي الإعلان الفجائي عن القرارات والتعبير عن المواقف بربع الساعة الأخير.

ويستبعد الخبير الدستوري، عامر رخيلة، كل السيناريوهات المروجة من طرف النظام، التي يرى أنها مجرد أطروحات لجس النبض، بالنظر إلى أنها لا تستند إلى أي نصّ قانوني أو دستوري.

وبهذا الخصوص، يؤكد رخيلة في تصريحات لـ" إرم نيوز"، أن "المشرع الجزائري حدَّد حالة تأجيل الرئاسيات إلا في الحرب، وكل ما يثار عن إمكانية التأجيل أو التمديد لفترة حكم بوتفليقة كلها دعوات تتجاوز الدستور".

مبادرة مفخخة

ولا تلقى مبادرة الإجماع الوطني تأييدًا من طرف فعاليات المجتمع، بسبب ظروف استدعائها وتوقع فشل نتائجها نظرًا لعدة اعتبارات، أبرزها طبيعة النظام الحاكم الذي يرفض كل مبادرات التغيير، وبسبب الحياة السياسية المكبلة منذ استقلال البلاد عام 1962.

وبهذا الخصوص، يُؤكد القيادي البارز في حزب العمال الجزائري، جلول جودي، أن "الحديث عن عقد ندوة إجماع لا يتم بالشكل المروج له حاليًّا"، ويُشير إلى أن تشكيلته السياسية غير متحمسة للفكرة لأنها تأتي في "ظروف غير عادية تمر بها البلاد".

وشكك جلول جودي في تصريح لـ"إرم نيوز"، في خلفيات مبادرة الإجماع الوطني التي دعا إليها أحد أحزاب التحالف الرئاسي، مشيرًا "لا نملك معلومات كافية عن الندوة، وهل هي مبادرة رسمية من السلطة أو لا؟"، مضيفًا:" علينا معرفة مصدرها ومحتواها لنفصل في موقفنا".

وفي المقابل، يُدافع عضو المكتب السياسي لحزب تجمع أمل الجزائر الطاهر شاوي، عن فكرة تنظيم ندوة وطنية لـ ”الإجماع الوطني لبناء جزائر جديدة”، والتي ستدرس إمكانية تأجيل الانتخابات الرئاسية.

وقال في تصريح لـ "إرم نيوز"، إن "حزبه مستعد لمناقشة كل المقترحات التي تصب في مصلحة البلد"، مشيرًا إلى أن "كل مكونات المجتمع مدعوة للمشاركة فيها من دون إقصاء أو تهميش".

أدوار العسكر

وفي خضم الجدل الدائر حول إمكانية تأجيل الرئاسيات وعقد مؤتمر وطني جامع، يترقب السياسيون موقفًا صريحًا من المؤسسة العسكرية، التي ترفض الانخراط في كل مساعي مرافقة أي "انتقال ديمقراطي هادئ" دعت إليه حركة مجتمع السلم سابقًا.

وهو ما أكده نائب وزير الدفاع، قائد أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح، بالقول إن "الجيش الوطني الشعبي يبقى الضامن الفعلي والحقيقي لسيادة الجزائر وصون أمنها وتثبيت استقرارها وحفظ استقلالها الوطني".

وشدّد قائد أركان الجيش في آخر خطاب له "فليعلم الجميع أن الجزائر ستبقى دومًا، بإذن الله تعالى فوق الاعتبارات كافة، وتبقى المحافظة على مصلحتها العليا رمزًا أبديًّا من رموز الوفاء".

وأحدثت دعوة حركة مجتمع السلم صائفة 2018 "بتدخل الجيش لإنقاذ الوضع في البلاد" زلزالًا في البلاد، وهو ما اعتبره البعض "مَطالب بالانقلاب على الدولة المدنية، واستعادة لدور الجيش في صناعة رؤساء الجزائر".

ويعتقد مراقبون، أن أصل المعضلة الجزائرية هو الانقلاب الذي نفَّذه عسكريون على شرعية الحكومة المؤقتة في العام 1962، أي بعد استقلال الجزائر مباشرةً عن فرنسا الاستعمارية، ومنذ ذلك الحين والجزائر تئن تحت وطأة الأزمة التي تتعمق عامًا بعد عام، وفق الرأي السائد.

Related Stories

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com