الاحتفال بالمولد النبوي في ليبيا.. ماذا تغيّر بعد سقوط القذافي؟
الاحتفال بالمولد النبوي في ليبيا.. ماذا تغيّر بعد سقوط القذافي؟الاحتفال بالمولد النبوي في ليبيا.. ماذا تغيّر بعد سقوط القذافي؟

الاحتفال بالمولد النبوي في ليبيا.. ماذا تغيّر بعد سقوط القذافي؟

كل ما اقتربت ذكرى الاحتفال بالمولد النبوي؛ احتدم الجدل في الدول العربية حول مشروعية الاحتفال بالمناسبة، بين مؤيد ومعارض، ولم تكن ليبيا التي سيطر منهج التصوف تاريخيًا على سكانها، بعيدة من هذا النقاش.

 وكان مؤسس الدولة الليبية الحديثة الملك إدريس السنوسي " 1951 – 1969" ينتمي للدعوة السنوسية إحدى أهم الطرق الصوفية في ليبيا، ومن المعروف أن مؤسس هذه الدعوة في ليبيا هو جد الملك إدريس الإمام محمد المهدي السنوسي.

ويقول الدكتور سالم القديري المتخصص في الطرق الصوفية لـ"إرم نيوز" إن الاحتفال بهذه المناسبة استمر طوال حقبة حكم معمّر القذافي، التي استمرت 42 عامًا، رغم أن الزعيم الراحل في بعض السنوات ضيق على المنهج الصوفي؛ لأسباب تتعلق بأمنه وصراعه السياسي مع مؤيدي حكم الملك إدريس.

صراع فكري

لكن الصورة بحسب القديري تغيرت منذ العام 2011 تاريخ سقوط القذافي، عندما ظهرت للسطح بعض الحركات الدينية الأصولية التي تنتمي للتيار السلفي، وتباينت معها النظرة لاحتفالات المولد النبوي، وحدث ما يشبه الصراع الفكري الديني حول هذه العادة الاحتفالية، خاصة في صفوف الشباب.

ويشير القديري إلى أن الزوايا الصوفية التي تعتبر مراكز علم وتحفيظ قرآن وتدارس أصول علم التصوف، توقفت تمامًا بعد سيطرة الجماعات المتشددة، خاصة في بنغازي ودرنة، حين أصبح الصراع الفكري على أشده، مع سيطرة الحركة الأصولية على المشهد الديني في عدة مدن ليبية.

وحتى الآن لا تزال أغلب الأسر الليبية تحتفل بالمولد بشكله المتوارث، حيث يحمل الأطفال القناديل ليلة المولد ويطوفون بها الشوارع، كما تقدم بعض الأطعمة الشعبية صباح المولد مثل ( العصيدة) بالسمن والرُّبْ.

ويرى الباحث السياسي والاجتماعي محمود الجالي بأن الظاهرة التي تستدعي التوقف أمامها هي أنه مع حلول ذكرى المولد النبوي، كانت تمر هذه الذكرى وسط تفاعل حميم مع هذه الذكرى في مواقع التواصل الاجتماعي في ليبيا، غير أنها تحولت حاليًّا إلى نقاش حاد بين الشباب حول مشروعية الاحتفال من عدمها.

ويقول الجالي في حديث مع "إرم نيوز"، إن المؤيدين لظاهرة الاحتفال يرون فيها ذكرى تمثل محبة للرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- بينما يرى معارضونها بأنها أمر مستحدث وابتداع لم تكن في العصور الأولى من الدعوة الإسلامية.

عودة للاحتفال

على الصعيد الرسمي في الدولة الليبية فقد مالت الحكومات المختلفة للصمت حيال ما يحدث، فلم تصطف تأييدًا لأي تيار طوال السنوات الماضية، بعد الإطاحة بحكم القذافي، غير أن إشارات ظهرت في الشهور الأخيرة ربما تعطي توجهًا جديدًا حول هذا الصراع، وبحسب ما ظهر من إجراءات فإن الصورة تشير إلى العودة إلى تأييد ظاهرة الاحتفال بالمولد النبوي.

واتخذت حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج خطوة يمكن اعتبارها تأييدًا لإعادة زخم هذه الظاهرة الاحتفالية، فقد وجه فائز السراج رسالة لوزير داخليته ولرئيس هيئة الأوقاف التابعة له، بالتنسيق فيما بينهما، لتأمين الاحتفالات سواء في المساجد أو الزوايا أو الساحات العامة والميادين.

ومما جاء في رسالة السراج، إن "إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف مناسبة لإظهار قيم الإسلام السمحة، ووسطية ديننا الحنيف، ونبذ العنف والتطرف"، وهي إشارة كافية لاعتبار حكومة الوفاق ميلاد الرسول -صلى الله عليه وسلم- مناسبة دينية.

كما دعا السراج رئيس هيئة الأوقاف إلى ضرورة حث المساجد والزوايا على الاستعداد والترتيبات لإحياء المناسبة بما جرت به عادة أهل العلم والذكر في البلاد، كما أشار السراج إلى وسائل الإعلام التابعة لحكومته إلى تخصيص برامج لإبراز المعاني، واستلهام الدروس من السيرة العطرة.

 وفي مدينة بنغازي التي تخضع لسلطة الحكومة المؤقتة وحماية الجيش الليبي أصدر الفريق عبدالرازق الناظوري رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة ورئيس الغرفة الأمنية المركزية في المدينة، قرارًا بإعادة افتتاح الزوايا الصوفية في المدينة وممارسة عملها.

وأشار الناظوري إلى أن الغرض من إعادة افتتاح الزوايا الصوفية، وممارسة نشاطها الديني يأتي في إطار "ممارسة تعاليم الدين الإسلامي السمح، وإحياء السنة المحمدية" كما جاء في نص القرار.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com