فوّض الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، البرلمان، للحسم في تقرير لجنة الحريات والمساواة، عقب الجدل المتصاعد الذي أثاره التقرير، والذي تسبب باحتجاجات واسعة رفضًا لما ورد فيه مما اعتبروها "توصيات خارجة على تعاليم الشريعة، ومنافية لتقاليد المجتمع التونسي المحافظ".
وعلق الرئيس التونسي، في خطاب يوم الاثنين، بمناسبة عيد المرأة التونسية، على هذا الجدل قائلًا: "لا بد أن تطلعوا على الدستور، وحسب المظاهرات التي تمت أخيرًا لا أعتقد أنهم مطلعون على الدستور، ولا على أعمال اللجنة التي فيها أخذ ورد ".
وأكد السبسي أن "الدولة التونسية هي دولة مدنيَّة، تقوم على إرادة الشعب وعلوية القانون وهو الدستور، ولا شيء أعلى من الدستور الذي ينصّ في فصله الثاني على أن تونس دولة مدنية تقوم على المواطنة وعلى إرادة الشعب وعلى علوية القانون" .
وشدد على أن "المساواة منصوص عليها في الدستور وتحديدًا في الفصل الـ 21 من الدستور الذي يقول: المواطنون والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات، وهم متساوون أمام القانون من غير تمييز، وتضمن الدولة الحقوق الفردية والحريات العامة، وتهيّئ لهم مقومات العيش الكريم".
واعتبر أنه "من حسن التدبير أنه تم نشر تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة للجميع ليكون محل دراسة"، حسب قوله.
وشدد السبسي على أن "المساواة في الميراث ستصبح قانونًا، وأن موقعه كرئيس لكل التونسيين، يفرض عليه أن يترك المسألة اختيارية"، موضحًا أنه "سيكون ممكنًا لصاحب التركة الذي يريد تطبيق الشريعة في اقتسام الميراث".
وقال السبسي إنه "سيتم تمرير هذا الاقتراح إلى مجلس النواب التونسي للبت فيه"، مؤكدًا أن "الاقتراح مُستمد من روح الدستور التونسي".
وتابع أن "تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة، ليس قانونًا بل هو مجهود فكري وأخلاقي ومذهبي يقع الرجوع إليه عند الضرورة، باعتباره عملًا مركزًا وتمت صياغته بموضوعية".
وكانت ساحة "باردو" في قلب العاصمة التونسية، شهدت مظاهرات احتجاجًا على ما اعتبره البعض "انزلاقًا خطيرًا" جاء به تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة، معلنين رفضهم القطعي لما ورد فيه.
وحشدت منظمة "الدفاع عن القرآن والدستور والتنمية"، السبت الماضي، جماهير غفيرة على متن حافلات ومركبات نقل جماعي، وحولتهم إلى العاصمة التونسية ومن ثم إلى مقر البرلمان.
وطالب المحتجون الرئيس التونسي بحل اللجنة التي شكلها في أغسطس/آب 2017، وكلفها بصياغة مقترحات لإصلاحات دستورية ترسخ للمساواة في الميراث بين الرجل والمرأة، وتُجيز للمثليين ممارسة طقوسهم بكل "حرية".
كما ندد المحتجون بمساعٍ لعرض التقرير المثير للجدل على البرلمان بهدف المصادقة عليه، وبناءً على هذا قرروا التصعيد بتنظيم احتجاجات مناوئة أمام مجلس النواب ونقل الغضب إلى قصر "قرطاج" الرئاسي.