العسكر والساسة في الجزائر.. من يحسم الرئاسة في 2019؟
العسكر والساسة في الجزائر.. من يحسم الرئاسة في 2019؟العسكر والساسة في الجزائر.. من يحسم الرئاسة في 2019؟

العسكر والساسة في الجزائر.. من يحسم الرئاسة في 2019؟

ساد جدل حاد خلال الأيام الماضية بين الطبقة السياسية في الجزائر، حول دور المؤسسىة العسكرية في الانتقال الديمقراطي قبل انتخابات الرئاسة المقررة عمليًّا في أبريل/نيسان 2019، وسط غموض حاد يميّز المشهد العام وتوالي نداءات ترشيح الرئيس، عبد العزيز بوتفليقة، لولاية خامسة، يغلق بها ربع قرنٍ من تربعه على عرش السلطة في الجزائر.

وجمعت حركة مجتمع السلم (أكبر حزب إسلامي معارض) مجموعة أحزاب سياسية لمناقشة مقترح تدخل الجيش الجزائري، لضمان الانتقال الديمقراطي المنشود، ما أثار موجة انتقادات عارمة لمسعى الحزب المحسوب على تنظيم الإخوان الذي شارك في الحكومة خلال السنوات الأولى لحكم بوتفليقة.

ودعا رئيس الحركة، عبد الرزاق مقري، قيادة أركان الجيش الجزائري علنًا إلى "مُرافقة الخيّرين في البلاد لتحقيق انتقالٍ ديمقراطيٍّ سلسٍ وآمنٍ، ونحن نعتبر أن المؤسسة العسكرية هي الضامن لانتقال ديمقراطي هادئ"، مخلّفًا بذلك جدلاً واسعًا وانتقادات حادةً في البلاد.

وشن زعيم حزب جبهة التحرير الوطني، جمال ولد عباس، هجومًا حادًا على زعيم حركة "مجتمع السلم" وكل القوى الداعمة لمقترح تدخل الجيش في الحياة السياسية، رافضًا بشدة دعوة نائب وزير الدفاع وقائد أركان الجيش إلى "الإسهام في أيّ تحوّل ديمقراطي" بمفهوم الحزب الإسلامي، ومدافعًا بالمقابل عن حكم بوتفليقة.

بدع في السياسة

وفيما قال أمين الإعلام في قيادة حركة "مجتمع السلم"، بوعبد الله بن عجمية، لــ"إرم نيوز"، إن "المطالبة بتدخل الجيش لإنقاذ الوضع في البلاد، لا تعني انقلابًا على الدولة المدنية، ولا استعادة لدور الجيش في صناعة رؤساء الجزائر"، مضيفًا أن "الدعوة إلى تدخل المؤسسة العسكرية تعكس حالة الغموض السياسي قبل 8 أشهر من انتخابات الرئاسة التي لم تتضح معالمها بعد".

يعتقد الخبير في القانون الدستوي، عامر رخيلة، أن "دعوة حركة مجتمع السلم للجيش بالتدخل في إحداث انتقال ديمقراطي في الجزائر، غريبة وليست حدثًا سياسيًا للنقاش، وقد كان الأولى أن تجدد الطبقة السياسية خطابها السياسي وتتنافس على عرض أفكار وبرامج واقعية وجادة بدل تمييع النقاشات".

ويعتقد عامر رخيلة أن نداءت السياسيين للجيش الجزائري بالتدخل مهما كانت التسميات التي يطلقها الداعون على الوضع، هي "بسبب نقص الخبرة في الممارسة السياسية، وبحثًا عن مطامع سياسية لكسب موقع في المشهد العام خلال الفترة الانتقالية التي تلي تدخل الجيش".

تأريخ الأزمة

وترفض جبهة القوى الاشتراكية، وهي أقدم حزب معارض في البلاد، مطالبات أحزاب معارضة بتدخل العسكر في السياسة، وتعتبرها "بدعًا وجب رفضها، والتنديد بها، والتحذير منها".

ويكشف القيادي في الحزب، عبد المالك بوشافة، أن "أصل المعضلة الجزائرية هو الانقلاب الذي نفذه عسكريون على شرعية الحكومة المؤقتة في العام 1962، أي بعد استقلال الجزائر مباشرةً عن فرنسا الاستعمارية".

ويعتبر بوشافة أن "الخروج من نمط الحكم الذي يتميز بالاستبداد والتسلط والقهر، يستوجب التأسيس لجمهورية ثانية، قوامها العسكري تحت سلطة السياسي، وحينها فقط يمكننا التفاؤل بإمكانية حدوث انتقال ديمقراطي سلس وواعدٍ ويستجيب لانشغالات الجزائريين الذين أصابهم القنوط من الوضع المترهّل".

وسبق لرئيس حكومة الإصلاحات زمن تسعينيات القرن الماضي، مولود حمروش، أن وجّه نداءات مماثلة لقيادة الأركان، عشية إجراء انتخابات 2014 والتي فاز بها عبد العزيز بوتفليقة لولاية رابعة، بعد حملة انتخابية مثيرة للجدل، ومع ذلك أنهى أحلام خصومه في الوصول إلى السلطة.

وحمروش أحدُ المنسحبين الـ6 من أول انتخابات رئاسية جاءت ببوتفليقة رئيسًا للبلاد، في أبريل/نيسان 1999، وقد توسل لجنرالات الجيش بأن يسهموا في إحداث تحوّل ديمقراطي "خدمةً للدولة والوطن والأمة"، وفق تعبيره، ولكن دعواته قوبلت بالرفض.

استياء معسكر الرئيس

وسخر الأمين العام لحزب الرئيس الجزائري، من دعاة الانتقال الديمقراطي بمفهومه "الجديد"، مطالبًا الساسة بإبعاد "المؤسسة العسكرية عن التجاذبات والصراعات السياسية"، وأضاف  أنه "ينبغي ترك الجيش الجزائري يُمارس مهامه الدستورية بتأمين الحدود والسهر على أمن البلاد".

وتدفع أحزاب وتنظيمات عمالية وجمعيات مساندة للرئيس إلى تمديد فترة حكم عبد العزيز بوتفليقة إلى ربع قرن، لكن بوتفليقة لم يعلن عن قراره في  الترشح لولاية خامسة أو الانسحاب من المشهد السياسي لحد الساعة.

وقد ضاعف موقف الرئيس الجزائري من الغموض الذي يضرب الساحة السياسية منذ فترة، بينما يُعرف بوتفليقة بأنه يفضل منذ بداية حكمه "السوسبانس"، ومن مميزات تسييره لشؤون الدولة هو الإعلان الفجائي عن القرارات والتعبير عن المواقف بربع الساعة الأخير.

وتخوض الجزائر في نيسان/أبريل القادم، انتخابات رئاسية يعتقد كثيرون أنها ستكون حاسمة، لكنها مرهونة بموقف من بوتفليقة إمّا أن ينسحب من السباق الرئاسي ويطوي بذلك حكمًا استمرّ منذ 1999، أو يُتمّم ربع قرن من التربع على عرش السلطة بقراره الترشح لولاية خامسة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com