أفارقة جنوب الصحراء في المغرب.. رحلة شاقّة لتحقيق الاندماج
أفارقة جنوب الصحراء في المغرب.. رحلة شاقّة لتحقيق الاندماجأفارقة جنوب الصحراء في المغرب.. رحلة شاقّة لتحقيق الاندماج

أفارقة جنوب الصحراء في المغرب.. رحلة شاقّة لتحقيق الاندماج

أعادت حادثة تفكيك مخيم للمهاجرين الأفارقة بمدينة فاس المغربية، نهاية الأسبوع الماضي، إلى الأذهان الأوضاع المزرية لهؤلاء المهاجرين في المغرب، ونضالهم المستميت في مطاردة أحلامهم.

من اللاجئين من مات في رحلته الطويلة والشاقة، ومنهم من استطاعت أقدامه وطء أرض المغرب، لكنه لا زال يعاني الفقر والعنصرية ويعيش "من المزابل"، ومنهم أيضًا من وجد له عملًا محترمًا واستطاع الاندماج وسط المغاربة، بالرغم من كل الصعوبات.

مامادو: نتشارك الطعام

"مامادو. ب" واحد من هؤلاء الذين نجحوا في الاندماج سريعًا في المجتمع المغربي، بمجرد أن دخل المغرب سنة 2010، وجد له عملًا في مركز اتصال ناطق باللغة الفرنسية بمدينة الدار البيضاء.

ويقول مامادو القادم من السنغال لـ "إرم نيوز": "كان الاندماج صعبًا في البداية، لكن سكني في حيّ مغربي مئة بالمئة ساعدني على التعرف على المغاربة عن قرب، كما أنّ عملي في مركز اتصال أتاح لي تكوين صداقات مغربية".

بعد ثماني سنوات كاملة في المغرب، يعترف مامادو بكونه لم يتعرض لموقف عنصري واحد هنا، ويضيف:  "المغاربة الذين عرفتهم طيبون جدًا ولطفاء، تقاسمنا الطعام، تناولنا كسكسهم (طبق مغربي شهير) وأكلوا من أطباقنا الأفريقية، حضرنا حفلات زفافهم وشاركونا الاحتفال بالعقيقات…".

حليمتو: المغاربة متسامحون 

لا تخفي "حليمتو. م" القادمة بدورها من السنغال، تعرّضها في بعض الأحيان لمواقف عنصرية، خاصّة في الشارع، من طرف أشخاص لا يعرفونها، تقول لـ"إرم نيوز": "عندما يعرفونك جيدًا، يتوقفون عن إيذائك، أنا أعرف مغاربة كُثرًا يعاملونني وكأنني واحدة منهم، خاصة الجيران والأصدقاء".

جاءت حليمتو من السنغال عام 2015 من أجل الدراسة، وساعدها لسانها الفرنسي الطليق على إيجاد عمل في مركز اتصال بسرعة، تضيف لـ"إرم نيوز": "بعد ثلاث سنوات من العيش في المغرب يمكنني أن أؤكد أن الشعب المغربي شعب متسامح، فأنا أمارس شعائري الدينية المسيحية بحرّية تامة، وهم يحترمون اختلافي عنهم في الدين واللون".

وبالرغم من ذلك، تراود حليمتو في الكثير من الأحيان نوبات حزن وحنين لبلدها السنغال، فالغربة، بالنسبة لها، صعبة كيفما كان الحال، تقول: "في النهاية، لا يمكن أن يجد المرء مثل بلده، جئت إلى هنا مدفوعة بالطموح والحلم، سأنهي دراستي هذه السنة، وأتمنى أن أجد عملًا يؤهلني للعودة إلى بلدي في يوم من الأيام".

ياسمين.. واقع مر

في أحد شوارع طنجة شمال المغرب، تبدو لك فتاة سوداء البشرة تجلس على كرسي صغير على الرصيف، مرتدية لباسًا أفريقيًا مزركشًا، طارحة أمامها إكسسوارات من أساور وخواتم ذات طابع جنوب أفريقي.

هذه الفتاة هي "ياسين" أو "ياسمين" كما يطلقون عليها في المغرب، شابة في الـ 24 من عمرها، قدمت من الكونغو إلى المغرب كمهاجرة سرية؛ هربًا من شظف العيش في بلدها، وبحثًا عن آفاق أفضل في المغرب، لكنّها اصطدمت بالواقع المرّ، على حدّ قولها.

تحكي لـ "إرم نيوز" قصتها بفرنسية ركيكة: "بعد وفاة والدي وانقطاع سبل العيش في بلدي، جئت إلى المغرب، كنت أظنّ أنني سأعثر على عمل أفضل هنا، لكنني لم أجد غير الرصيف أفرش عليه بضاعتي البخسة آملة في ربح بعض الدراهم حين يحلّ المساء".

وتضيف: "تركت هناك أمي المريضة وأختي الصغيرة، أعمل كثيرًا وأتحمّل الشمس الحارقة والبرد الشديد لأجد ما أرسله لأمي في آخر الشهر، أتقاسم غرفة صغيرة في حيّ فقير مع ثلاث من المهاجرات الأفريقيات مثلي".

تفكّر ياسمين في مغادرة المغرب يومًا، لكن "ليس بسبب العنصرية، فالمغاربة اعتادوا على وجودنا وسطهم، لكن بسبب ظروف العيش الصعبة، والوجهة القادمة ليست العودة إلى الكونغو، ولكن العبور إلى أوروبا".

دافيد.. الحبّ للاندماج

أما قصة دافيد السنغالي فتختلف تمامًا عن الآخرين، إذ إنّ اندماجه التامّ في المغرب كان نتاج قصة حبّ جميلة عاشها مع فتاة مغربية، هو القادم من أجل مطاردة حلمه في استكمال دراسته في إحدى المدارس الخاصّة بالمغرب، والعمل إلى جانب ذلك في مركز للاتصال، وهي جارته المغربية التي تسكن معه نفس العمارة.

"بدأ ذلك حين كانت نادية تتردد عليّ بين الحين والآخر لتهديني طبقًا مغربيًا، واستمرّ الأمر إلى أن تحول إلى حبّ، ذهبتُ بعد ذلك لخطبتها، ولحسن الحظ أنني لم أتلقّ أي رفض من والديها اللذين كانا لطيفين للغاية"، يحكي دافيد لـ "إرم نيوز".

يعيش دافيد اليوم مع زوجته نادية في مدينة الدار البيضاء، بعد أن أصبح جزءًا من عائلة مغربية يشاركها عاداتها وتقاليدها وأطباقها، يسترسل في حديثه: "أحببت المغرب؛ لأنه احتضنني حين كنت في حاجة إليه، ولأنه أهداني امرأة متفهمة ومنفتحة ساعدتني على الاندماج بشكل لا يصدّق، وبذلك صار المغرب بلدي الثاني الذي سأنجب فيه أطفالي وأكمل فيه حياتي".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com