حوادث "شرع اليد" في المغرب.. حراسة للقيم أم قانون غاب؟
حوادث "شرع اليد" في المغرب.. حراسة للقيم أم قانون غاب؟حوادث "شرع اليد" في المغرب.. حراسة للقيم أم قانون غاب؟

حوادث "شرع اليد" في المغرب.. حراسة للقيم أم قانون غاب؟

بدأت مجموعة من حوادث الاعتداء على مواطنين في المغرب، نفذها مواطنون عاديون، بذريعة ما يسمى بـ "شرع اليد" أو "قضاء الشارع"، بإثارة قلق المجتمع المغربي، الذي حذر من انتشار الفوضى، وانعدام الأمن والسلم جراء تجاهل سيادة القانون، وتحكيم شريعة الغاب.

ووثقت مقاطع فيديو حوادث الاعتداء على فتاتين في مدينة "إنزكان" المغربية، بسبب ارتدائهما لتنورتين قصيرتين، وضرب شخص "مثلي" بمدينة فاس بعد محاصرة سيارة أجرة كان يركبها، بالإضافة إلى اعتداء ملثمين على شابة ورجل كانا داخل سيارة نقل خاصة في نواحي مدينة "آسفي".

وآخر هذه المقاطع، التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، اعتداء مجموعة من الملثمين على الفتاة والرجل داخل سيارة النقل الخاصة.

ويبين المقطع شابة بوجه مضرج بالدماء، بعدما أقدم الملثمون على ضربها بالعصي، متهمينها بـ"ممارسة الجنس في رمضان" مع سائق السيارة، بينما كانت الفتاة تصرخ مؤكدة أنه لا علاقة لها بالرجل، وأنها ترافقه من أجل بحث جامعي، على اعتبار أنها طالبة.

"تغيير المنكر"

المبدأ الذي يسير عليه "قضاء الشارع" هو محاولة تغيير المنكر باليد، في تجاهل لدور القانون ووظيفته في الردع، فيما إذا ما ارتكب شخص مخالفة ما.

ورغم التحذيرات الأمنية المتكررة والمشددة من تطبيق ما يسمى بـ"شرع اليد" في حق مواطنين، إلا أن الحوادث تكررت مرات عديدة.

وشاع المصطلح في عهد ما يسمى "بلاد السيبة" الذي يشير إلى فضاء غير مؤمَّن من طرف السلطات، حيث يلجأ المواطنون إلى الانتقام من اللصوص ومعاقبتهم، وأخذ حقوقهم بأيديهم دون الرجوع إلى القانون.

في هذا السياق، يؤكد المتخصص المغربي في علم الاجتماع، علي شعباني، لـ"إرم نيوز" أن "ظاهرة شرع اليد في المجتمع المغربي لها تفسير من زاويتين، الأولى مرتبطة بفقدان الثقة في المؤسسات، إذ يعتقد بعض المواطنين أن العدالة غائبة فيلجؤون إلى استعمال شرع اليد لأخذ حقوقهم بأنفسهم وبذلك ينتهكون القوانين".

أما الزاوية الثانية، حسب شعباني، فهي "مرتبطة بنوع من الهمجية، إذ هناك مبادئ سائدة لدى الفئات المتعصبة، تجعلهم يؤمنون بمسألة تغيير المنكر، فيحاولون تغيير ما يشاهدونه في المجتمع، مثل تصرفات بعض الفتيات أو المثليين، معتبرين أن في ذلك انتهاكًا لحرمة الدين والمجتمع، ومعتبرين أنفسهم حماة الدين والمجتمع من الانتهاكات الأخلاقية، لكن هذا يبقى سلوكًا همجيًا لا يأخذ بعين الاعتبار الدولة ومؤسساتها".

الشبكات الاجتماعية تفضح

بالنسبة للمتخصص المغربي في الشبكات الاجتماعية مروان هرماش، فإن "مواقع التواصل الاجتماعي ساهمت في ظهور ما يسمى بالإعلام المواطن، الذي أصبح ناطقًا رسميًا باسم المواطنين، ويلعب دورًا كبيرًا في تطبيق القانون".

ويضيف هرماش في تصريحه لـ"إرم نيوز" أن "دور الشبكات الاجتماعية في فضح حالات الاعتداء، يبرز بشكل أكبر في المجتمعات التي تعاني من تجاوزات قانونية، اذ يضطر المواطن إلى البحث عن سبل أخرى، للضغط من أجل تطبيق القانون في حق المعتدين".

ويتابع: "حتى السلطات أصبحت تستجيب بسرعة لنداءات المواطنين عبر الشبكات الاجتماعية، وفي الكثير من الحالات، تمت معاقبة المعتدين ممن يظهرون في الفيديوهات، ما يبين أن تطور التكنولوجيا ساعد على أن يكون للجميع صوت، وساهم في الكثير من حالات "قضاء الشارع" في تدخل السلطات بشكل إيجابي، وتعاملها بشكل سريع مع القضايا قبل أن تكون موضوعًا للصحافة الإلكترونية أو الورقية".

إصلاح منظومة القيم

بالرغم من أن التكنولوجيا أصبحت تلعب دورا كبيرا في فضح الكثير من التجاوزات والاعتداءات التي تحصل في المجتمع المغربي، خاصة تلك التي تدخل فيما يُسمى بـ"قضاء الشارع"، إلا أن الحل بالنسبة لهذه الظاهرة يبقى صعبًا، بالنسبة للمتخصص في علم الاجتماع علي شعباني، مؤكدًا أنه "مرتبط بالدرجة الأولى بالوعي وبالأدوار التي يجب أن تقوم بها المؤسسات".

ويوضح شعباني في تصريحه لـ"إرم نيوز" أن "الظلم والأمية والجهل والاختلالات التي تعرفها الكثير من المؤسسات، تدفع العديد من الناس إلى الانحراف وتجاوز القوانين".

وبحسب شعباني، فإن الحل يكمن في "إصلاح مؤسسة القضاء، ومنظومة التعليم، والقيم الاجتماعية، والتوزيع العادل للثروات، وغيرها من الإصلاحات الجذرية، التي يمكن أن تعيد الثقة بين المواطنين والمؤسسات، وتقضي على هذا النوع من الظواهر".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com