حلويات عدن الشهيرة مهددة بالإندثار
حلويات عدن الشهيرة مهددة بالإندثارحلويات عدن الشهيرة مهددة بالإندثار

حلويات عدن الشهيرة مهددة بالإندثار

مثلما اشتهرت مدينة عدن بمعالمها التاريخية وميناءها العالمي ومساجدها العتيقة ومعابدها المختلفة، كان أيضاً لحلويات عدن وتنوعها شهرة خاصة على المستوى المحلي والعالمي، لما تتميز به المدينة من موقع استراتيجي هام، جعلها قبلة لجميع الأجناس منهم السائح ومنهم من أقام ومكث فيها منذ القدم .

ويقول المؤرخ اليمني محمد أحمد بيضاني، إن تنوع الحلويات في مدينة ما، يعتبر دلالة على غنى ورخاء سكان هذه المدينة، وهو ما يميز مدينة عدن .

وتنتشر في مدينة عدن، محلات كثيرة لبيع الحلويات بمختلف أنواعها، منها الحلويات العربية وكذا الحلويات الهندية وبأشكال جذابة وجميلة، وتضع معظم محلات بيع الحلويات ، قهوة مرة "بن وزنجبيل" فوق طاولات وكراسي صغيرة تجدها داخل المحل، ليتناول المشتري حلوته ويعادل مذاقها الحالي مع القهوة المرة التي تعطيه مذاقا خاصا .

واتت هذه العادات القديمة والحلويات الشهيرة في عدن مهددة بالإندثار، لاسيما وأن بعض المحلات، أصبحت لا تضع طاولات وكراسي بداخلها، فيما امتنع البعض الآخر منها بتقديم القهوة المرة، لكن بعض الحلويات القديمة في عدن إندثرت مؤخراً، ولم تعد موجودة في الوقت الراهن، مع ظهور أنواع جديدة من الحلويات، وعادات جديدة بدأت تنتشر في معظم محلات بيع الحلوى، وهي بيع بعض المقليات الى جانب الحلويات مثل "السمبوسة والباجية والمطبق والفرولي والبطاط الحمر" .

شبكة إرم الإخبارية، زارت بعض محلات بيع الحلويات في عد ، وأجرت لقاءً مع مالك محل "الهلال"، وهو أحد أبرز محلات الحلويات في الشارع الطويل بمديرية كريتر "خلدون الحلواني" ، الذي لم يبخل علينا في سرد كل هذه التفاصيل الاتية :

حلويات هندية

كانت عدن قديماً، إحدى مستعمرات بريطانيا،التي كانت تتخذ من الهند مقراً رئيسياً لها في المنطقة، وبسبب ذلك تجد مدينة عدن فيها الكثير من الهنود الذين باتوا مواطنين رسميين فيها، بعد مكوثهم في عدن لسنوات طويلة واختلاطهم بالعدنيين وامتزاجت أعراقهم وانسابهم فيها لعقود طويلة .

والحلويات الهندية في عدن، هي إحدى أقدم وأشهى الحلويات في المدينة، وتتميز بأشكال جميلة وجذابة، تلفت انتباه المشتري وتجبره على شراءها .

وأشهر محلات بيع الحلويات في عدن وأعرقها، تتواجد في مديرية كريتر "عدن القديمة"، وتتركز في شارعين فقط، هما شارع الزعفران والشارع الطويل وسط الحي التجاري بالمدينة، لعل أبرزها حلوى الصوري وحلوى الفيل والهريس، فيما تعتبر حلوى اللبن ، اللدو ، الجلاب ، افلتون ، القمرية ، المشبك ، الميسور ، الماوى ، وحلوى الجزر أشهر الحلويات الهندية العريقة في عدن .

عادات مرتبطة بالحلويات

ترتبط الحلويات الهندية في عدن بعادات وتقاليد سكان المدينة منذ القدم، إلا أنها لم تعد حاضرة في الوقت الحالي، وأهم تلك الحلويات التي اندثرت فعلاً في عدن هي "القمرية" أو كما يسميها البعض "بنت الشيخ".

وكان من الضروري تناول هذه الحلوى مع الحليب، وتصنع عادة من الدقيق والزيت أو الزبدة والسكر وبعض العسل، وأخيراً أصبحت بعض المحلات الهندية تبيع القمرية بشكل جديد، حيث يضعوا بداخلها حلوى لبن وبعض المكسرات وتدعى بالهندية (الكاجا).

وكان أهالي عدن لاسيما الهنود منهم، يوزعون القمرية في بعض المناسبات سواء أفراحا أو وفيات، وخاصة في الدينية منها التي تقام داخل المساجد، فما هو معروف في عدن قديماً، أن أهل المتوفي يقيمون له ثلاث ليال داخل المسجد القريب من منزله يحيونها بقراءة القرآن وترتيل بعض الموشحات والدعاء ويسمى بـ "درس" واليوم الثالث يدعى "ختم درس"، وفيه يتم توزيع حلوى القمرية مع كأس من الحليب الممزوج بصبغة حمراء بنكهة الفراولة ويدعى "شُربيت"، كما توزع حلوى القمرية في عقد القران، ولكن هنا يقوم أهل العروس بدهنها باللونين الأحمر والأخضر للتفريق بين المناسبات الفرائحية والحزينة، ولازال بعض الهنود في عدن متمسكين بهذه التقاليد والعادات .

وأهالي عدن العرب حاكت عاداتهم، عادات الهنود ايضاً، فكانوا يحرصون على ممارسة هذه التقاليد، ولكن بتوزيع حلوى عربية أخرى حمراء باللوز والمكسرات، قبل أن تتحول لاحقاً الى توزيع عبوات من البسكويت وقراطيس من العصير الجاهز وخاصة للأطفال الذين يتجمهرون داخل وخارج المسجد عند معرفتهم بوجود "ختم درس".

حلوى اللدو



يسمي هنود عدن حلوى اللدو بـ "بونديا"، وهي عبارة عن حبيبات صغيرة بعضها لونه أحمر والبعض الآخر أصفر، ويتم خلطهما ليشكل مزيجاً جذاباً، ويصنع اللدو من الطحين ودقيق "السنبرة" وخلطهما بالماء، و يتم وضع العجينة في منخل كبير له فتحات متوسطة الحجم وإسقاط العجين المتساقط من فتحات المنخل على زيت مغلي، وبعد إخراجه يتم مزجه بالسكر السائل أو العسل .

وبعض محلات بيع الحلويات بعدن، تقوم بتشكيل اللدو بشكل كورات مدورة ورش جوز الهند عليه، في شكل جميل يلفت انتباه المشتري ويزين المحل بأشكال مختلفة .

ولايزال هنود عدن، متمسكين بعاداتهم القديمة، فيقومون بتوزيع "اللدو" في مناسباتهم الفرائحية مثل حفلات الأعراس، أو ختان الأطفال أو عند مرور أربعين يوماً من الولادة، فيما يقوم أهالي عدن بتناوله في أي وقت ولاسيما بعد الغذاء .

حلوى المشبك



وهي عبارة عن حلزونات مدورة مثل الشبك ، ولهذا اسموه بالمشبك، فيما يسموه هنود عدن بـ "جليبي او جلابيا"، ويصنع المشبك من الطحين وبعض النكهات ويتم رش سكر سائل أو عسل عليه، ويختلف شيئاً ما عن المشبك الخاص بمحافظة الحديدة، فهو أصغر حجماً منه ولونه أحمر أو برتقالي، بينما مشبك الحديدة لونه بني، ويستخدم في صناعته السكر الهندي الأحمر .

حلوى العطرية



تسمى الحلوى العطرية بالهندية "الجاتيا"، وهي عبارة عن معجنات رفيعة يتم طيها قليلاً، ولها شكلين احدهما رفيعة أكثر من الأخري، وتشبه كثيراً الشعيرية التي تسمى بالعدني "العطرية"، ولها لونين الحمراء وهي حارة لانه يتم مزج الفلفل الحار معها، والبيضاء ليست حارة ويتم مزج فيها الشمار و بهار آخر يدعى "النخوة" بالعامية، وهي تشبه الكزبرة اليابسة، والشكل الآخر الذي يكون شكله رفيعاً جداً يسمى بالهندي "سيو" ولها ذات المذاق .

حلوى الجزر



مثل هذه الحلوى لا تجدها في عدن كثيراً في الوقت الراهن، فتجد محلين أو ثلاثة لديهم حلوى الجزر التي شهدت إندثاراً، رغم عراقتها، وتسمى أحياناً بـ "الدبة"، وهي تتكون من الجزر والطحين والزيت ونكهة الجزر والسكر .

واشتهر محل "الهلال" في مديرية كريتر ببيع حلوى الجزر في عدن، فتجد حلوى الجزر لا تلبت كثيرا من الوقت حتى يستنفذها المشتريين سريعاً .

حلوى اللبن

وهي من أشهر الحلويات في عدن، ولازالت تباع بكثرة وفي الكثير من المحلات، حتى أنها تصدر الى دول عربية أخرى، ولحلوى اللبن أشكال وألوان مختلفة، وتتزين محلات بيع الحلويات بحلوى اللبن، التي تضعها على واجهة المحلات لتجذب الزوار وتلفت انتباه المتسوقين .

وتسمى حلوى اللبن بالهندية "برفي"، وهي نوعين، احدهما يصنع من الحليب الصافي والسكر، بينما يصنع النوع الآخر من الحليب والسكر والمكسرات، ويتم خلط مكونات حلوى اللبن بجهاز خلط خاص، وخلال العقود الماضية ظهرت ألون مختلفة لحلوى اللبن، فقد باتت محلات الحلويات تضع أصبغة ملونة ونكهات مختلفة على الحلوى لتظهر بشكل جذاب، بينما يقوم آخرون بتشكيلها بأشكال مختلفة مثل القلب أو الدوائر وتسمى الاخيرة بالعامية "ابو عانة" .

لقمة القاضي



وتسمى بالهندية "جلاب"، وهي عبارة عن كرات مدورة صغيرة تصنع من الطحين والسكر وبعض النكهات، ويتم وضعها على زيت حار، وبعدها تضع داخل إناء واسع ممتلئ بالسكر السائل أو العسل حتى تصبح لزجة .

وحتى هذه الحلوى لا تجدها منتشرة في عدن كثيراً في الوقت الراهن، فقد عزفت بعض المحلات عن بيعها مؤخراً لاسيما بعد ظهور أنواع جديدة من الحلويات العربية مثل جوز الهند باللبن والعرائسي وتوفي وغيرها الكثير .

حلوى الصوري



وتعد حلوى "الصوري" من حلويات عدن الشهيرة والعريقة، وتعود تسميتها بهذا الاسم نسبة الى حلواني من منطقة صور العُمانية، الذي قدم الى عدن مطلع القرن الماضي ومكث فيها، وفتح له محلا لبيع الحلوى في شارع الزعفران بكريتر، وسميت الحلوى الذي يبيعها بهذا الاسم .

ولكن الصوري غادر عدن، بعد مقتل نجله برصاص عشوائي أصابه في المنطقة أثناء تنفيذ عملية اغتيال، طالت أحد كوادر جبهة التحرير في العام 1964، وخلفه في المحل عدد من أصدقائه وأقربائه، لكنهم لم يتمكنوا حتى اليوم من إعداد ذات الحلوى القديمة التي كانت تتميز برائحتها الطيبة وطعمها اللذيذ .

حلوى الفيل



وهي حلوة سوداء داكنة تشبه الى حد ما حلوى الصوري، ولكنها شديدة السواد مائلة للون الدخان، ولم تعد تباع في عدن في الوقت الراهن، إلا بعض المحلات تحاول أن تصنع شبيها لها مثلما هو الحال مع محل الوادي لبيع الحلويات في شارع الزعفران بكريتر .

وهناك الكثير من الحلويات المشهورة في عدن ايضاً، ومعظمها يعود أصلها الى محافظة لحج مثل حلوى الصابوني وحلوى المضروب والهريسه وغيرها، كما تم استحداث أنواع جديدة من الحلويات مؤخراً مثل حلوى العرائسي وحلوى توفي "البقرة" وحلوى النارجيل "جوز الهند" وحلوى الحليب مع النارجيل والشوكلاته وغيرها الكثير ، وهو ما يعد سبباً رئيسياً لإنذثار بعض الحلويات القديمة في مدينة عدن .

حلي حلي

حلوى قديمة اندثرت كلياً، ولم يعد لها وجود في عدن منذ سنوات طويلة، تدعى "حلي حلي"، وهي ليست حلوى كما بقية الحلويات السابقة، فهي تختص بالأطفال فقط، حيث يلف شخص مميز بثيابه وشكله الغريب الحارات الشعبية في عدن، ويحمل على كتفه عمود طويل اشبه بـ "المداعة"، وملفوف عليها أنواع مشكلة من الحلوى المطاطية وبألوان زاهية وجميلة، ويلتف حوله الأطفال ويهتفون حلي يا حلي ، جاء "ابو الحلي"، ليشترون منه "عود حلي" بحسب الأشكال الذي يختارونها، فكان يصنع أشكالا مختلفة بشكل إبداعي جميل، عبر مط الحلوى وتشكيلها الى "دجاجة" مثلاً أو حمامة أو قطة أو طيارة وغيرها الكثير من الأشكال الإبداعية .

ولم يتم الإهتمام بهذه الشخصية، التي لايزال الكثير من أهالي عدن يتذكرونها حتى اليوم رغم مرور أكثر من 20 سنة على اندثارها، ولم يتم حتى التقاط صورة له، لكنه لازال عالقاً في أذهانهم .

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com