2015 عام صعب على الاقتصاد التونسي
2015 عام صعب على الاقتصاد التونسي2015 عام صعب على الاقتصاد التونسي

2015 عام صعب على الاقتصاد التونسي

تعيش تونس خلال السنة الحالية 2015 وضعاً اقتصادياً صعباً، رأى خبراء اقتصاد أنه يعود أساساً إلى الوضع العالمي، وخاصة ما تعيشه أوروبا منذ سنوات، إلى جانب تأثير الإرهاب الذي قوّض كلّ عملية استثمار جديدة، والطلبات المجحفة للتشغيل والزيادة في الأجور، عقب ثورة 2011.

ومنذ تنصيبها في الخامس من فبراير 2015، عملت الحكومة التونسية برئاسة الحبيب الصيد، على استمالة المستثمرين في الداخل والخارج لمساعدتها على توفير فرص للعاطلين عن العمل، الذين ازداد عددهم في الفترة الأخيرة، وبالتالي تحسين مستوى عيش المواطن، لكنها اصطدمت بانتشار الإرهاب، الذي ضرب في أكثر من موقع فأثار ذلك تخوّف المستثمرين والسيّاح، وانخفض بالتالي نسبة النموّ من 2.5% إلى حدود 0.5% منتظرة في آخر السنة الحالية، وهو ما يعني شبه ركود حقيقي للاقتصاد التونسي.

جدل حول ميزانية 2016

وأكد الخبير الاقتصادي عبد الجليل البدوي، أنّ مشروع قانون المالية للعام ،2016 "لا يرتقي إلى مستوى التحديات والرهانات". مضيفاً أنّ قانون المالية 2016 يمثل السنة الأولى من المخطط الخماسي 2016-2020.

وشدد البدوي، على أنه "من المفروض أن يندرج هذا القانون في إطار هذا المخطط، وأن يعمل على بداية تحقيق أهدافه الكلية والقطاعية وأن يرتكز على السياسات والآليات والمراجع، التي وقع إقرارها من طرف المخطط، إلاّ أنّ غياب وثيقة المخطط الأول للجمهورية الثانية، نظراً لأنها مازالت محلّ حوار ونقاش على المستوى الجهوي، يجعل مشروع قانون المالية 2016، مثل المشاريع التي سبقته منذ 2011 بدون إطار مرجعي مفصّل وواضح".

وأوضح الخبير الاقتصادي، أنّ ميزانية 2016 "اتّسمت باعتماد سياسة ذات منحى تقشفي، يميل إلى الحفاظ على استقرار نسق الطلب الداخلي بصفة مختلّة لفائدة الاستهلاك وعلى حساب الاستثمار"، مبيّناً أنها "أعطت الأولوية لتحسين التوازنات المالية والتخفيض من عجز الميزانية العمومية من 4.4% محيّنة سنة 2015 إلى 3.9% مبرمجة لسنة 2016، وذلك طبقاً لتوصيات صندوق النقد الدولي."، وفق رأي الخبير.

ووفق التقرير السنوي لمنتدى دافوس 2015/2016 حول التنافسية، فقد احتلت تونس المرتبة 92 من مجموع 140 بلداً مسجلة، تراجعاً بخمس مراتب مقارنة بتقرير 2014/2015، وبستّين مرتبة مقارنة بتقرير 2011 حيث كانت تونس تحتلّ المرتبة 32.

الإرهاب والسياحة

وضرب الإرهابيون القطاع السياحي "في مقتل"، عندما استهدفوا موقعين سياحيين، الأول هو متحف باردو في الثامن عشر من مارس الماضي، وتمّ قتل 19 سائحاً أجنبياً، وفي مرة ثانية، تم استهداف نزل سياحي في أفضل المواقع التي يزورها السياح وهي مدينة سوسة، وقتلوا 39 سائحاً من بينهم 30 سائحاً بريطانياً، وهو ما حدا بوزارة الخارجية البريطانية إلى مطالبة رعاياها بالمغادرة، ونسجت على منوالها بعض الدول الأخرى.. هذا العنصر الخطير كان له أسوأ الأثر على السياحة التونسية، التي عرفت ركوداً كبيراً، حيث تمّ غلق نحو 48% من مجموع النزل المصنّفة أي ما يمثل 270 من ضمن570 وحدة، إلى غاية 15 ديسمبر الجاري، وفق الكونفدرالية مؤسسات المواطنة التونسية (كوناكت).

وتمثل طاقة استيعاب هذه الوحدات المغلقة 116 ألف سرير من مجموع 793 206 سريراً.

وتعدّ تونس 823 وحدة سياحية منها 470 نزلاً مصنفاً و253 إقامة بديلة، مثل نزل إقامة صنف راقي وإقامة ريفية وإقامات عائلية ومخيمات سياحية.

اتفاقيات مشتركة

وأدى رئيس الحكومة زيارات إلى عدد من الدول الشقيقة والصديقة، للإشراف على اللجان العليا المشتركة، لتحريك الاقتصاد والرفع من التبادل التجاري، وقد رأى هذا الأخير، أنّ الخلاص "يكمن في كسب الدعم الخارجي والالتفاف الدولي، وبالخصوص فتح مسالك وعلاقات جديدة قديمة كانت نوعاً ما مقفلة أو هي موجودة لكن ليست معلنة، الأمر الذي فرضته الحسابات السياسيّة والمصالح الحزبيّة والإيديولوجيات.".

وأبرمت تونس، اتفاقيات اقتصادية واستراتيجية، حيث أفضت الزيارة إلى الأردن إلى إمضاء 9 مذكرات تفاهم وبرامج تنفيذية وبرتوكولات للتعاون، شملت "برنامجاً تنفيذياً للتعاون الصناعي" و"برتوكول للتّعاون في مجال التنمية الاجتماعية". إلى جانب التوقيع على "برتوكول للتعاون الفني في مجال الكهرباء والغاز والطاقة المتجددة" و"برتوكول للتعاون الفني في مجال الجيولوجيا والتعدين" و"برنامج تنفيذي للتّعاون في المجال التربوي" و"برنامج تنفيذي لاتفاقية التعاون في مجال حماية البيئة" و"برنامج تنفيذي لبرتوكول التعاون الصحي" و"برنامج تنفيذي لاتفاقية التعاون في المجال الشبابي"، للسنوات 2016/2018.

وإلى جانب تدشين الجانبان مشروعا زراعيا ضخما، يشارك فيه مستثمرون تونسيون (65 %)، و أردنيون (20%)، وإسبان (15%)، يقام على مساحة 50 ألف متر مربع، وينتج 3 ملايين شتلة زيتون، وأنواع أخرى من الأشجار.

أما في قطر، المستثمر الثاني عالميّاً في تونس بحجم استثمارات في حدود 2.1 مليار دينار (1 مليار دولار) خلال 2014.

وقد توّجت اجتماعات اللّجنة العليا المشتركة بين تونس وقطر بتوقيع 12 اتفاقيّة، تشمل ميادين عديدة منها "البرنامج التنفيذي الثّاني للاتفاق الثقافي والفني، والبرنامج التنفيذي الرابع لاتفاق التعاون الإعلامي بين تونس وقطر خلال السنوات ما بين 2016 – 2018".

انخفاض نسبة الديون

وأكد الخبير الاقتصادي عبدالجليل البدوي، أنّ نسبة الدين العام خلال 2015 انخفضت عمّا كانت عليه في 2014، مضيفاً أنه يتوقع أن تتراجع نفقات خدمة الدين خلال 2015 بقرابة 120 مليون دينار، مقارنة مع المبلغ المسل خلال 2014. لكن البدوي أشار إلى أنّ خدمة الدين المقدرة لسنة 20165، ينتظر أن ترتفع بقيمة 430 مليون دينار، مقارنة بالنتائج المحيّنة لسنة 2015، حيث ستبلغ 5130 مليون دينار مقابل 4700 مليون دينار محيّنة لسنة 2015.

وأشار الخبير الاقتصادي، أنّ الدين العمومي سيبلغ 53.4% من الناتج المحلي الخام، مقابل 52.7% محتملة لسنة 2015، و49.4% مسجلة في سنة 2014.

الأزمة الليبية وتأثيراتها

الوضع الليبي المتأزم، أثّر سلبياً على الاقتصاد التونسي، وقد أكد رئيس لجنة شؤون الإدارة والقوات الحاملة للسلاح بالبرلمان التونسي "جلال غديرة"، أنّ الأزمة الليبية "كانت لها تداعيات كبيرة على الوضع الاقتصادي، حيث تتحمل تونس عبئاً مالياً مضاعفاً جرّاء بناء الساتر الترابي على حدودها مع ليبيا بهدف منع تسلل العناصر الإرهابية إلى الداخل.

وأضاف غديرة، لبوابة أفريقيا، أنّ بناء الجدار العازل على الحدود التونسية مع القطر الليبي "كلّف تونس غالياً، وذلك في إطار إجراء وقائي للاقتصاد التونسي رغم نجاعته الأمنية العالية المتمثلة في مكافحة الأنشطة الإرهابية والتصدي لظاهرة التهريب في تلك المنطقة".

وبيّن غديرة، أنّ قيمة الخسائر الاقتصادية جراء الأزمة الليبية، قدرت بنحو 6 مليار دينار، دون نسيان الأعباء الأمنية التي تحملتها تونس، ولا تزال لمواجهة المخاطر الإرهابية القادمة من ليبيا.

وحول الوضع الليبي، وتأثيره على تونس، قال رئيس الحكومة الحبيب الصيد: "لابدّ من التعجيل بتشكيل حكومة الوفاق الوطني بليبيا وتعزيز المساعي الرامية إلى إيجاد تسوية سياسية للأزمة.".

تعاون سياحي تونسي إيراني

قبل أسبوع، أبرمت تونس اتفاقاً مع إيران لاستقطاب 10 آلاف سائح إيراني في إطار برنامج تنفيذي للتعاون السياحي.

ووقع الجانبان التونسي والإيراني، عدة اتفاقيات لتعزيز التعاون بينهما في قطاع السياحة، من بينها إحداث خط جوي مباشر بين البلدين.

وفي بيان ثنائي بين وزيرة السياحة والصناعات التقليدية سلمى الرقيق ونائب الرئيس الإيراني ورئيس مؤسسة التراث الثقافي والسياحة مسعود السلطاني، أكدا أنه تمّ توقيع برنامج تعاون يمتد على 3 سنوات ويشمل إقامة مشاريع استثمارية وتسهيل حركة السياحية ومساعدة وكالات الأسفار على تصميم بامج سياحية مشتركة وتبادل الخبرات والمشاركة في التظاهرات والمعارض.

صعوبات ولكن..

وقال رئيس الحكومة، الحبيب الصيد، بداية الشهر الجاري، أمام تجمّع لرجال الاعمال التونسيين والألمان، إنّ تونس: "ما تزال تواجه ذات الصعوبات، التي أدت إلى قيام الثورة أواخر العام 2010 ومن بينها البطالة والتفاوت الجهوي والنمو الاقتصادي إلى جانب تأثير الأوضاع العالمية.".

وصادق البرلمان التونسي، على ميزانية 2016 بموافقة 142 نائباً وامتناع 7 نواب، والتي ستبلغ 29.250 مليون دينار (14.52 مليون دولار) بزيادة 7% مقارنة بالميزانية التكميلية للعام الماضي، وذلك وسط رفض واسع من المعارضة.

وتوقعت الحكومة، أن ترتفع نسبة النمو في نهاية العام 2016 إلى 2.5% مقارنة بنموّ متوقع في حدود 0.5 % في 2015، أما العجز فسيكون في حدود3.9% في 2016 مقابل 4.4% متوقعة مع نهاية 2015.

وأكد خبراء، شاركوا أخيراً في المؤتمر الدولي الثالث الذي انعقد مؤخراً بمدينة الحمامات، تحت إشراف وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وبالتنسيق مع جامعة القيروان ومركز النهوض بالبحث والثقافة بسوسة، أنّ "الاقتصاد التونسي بإمكانه أن يتعافي قريباً، ويرتقي إلى مستوى الدول المتقدمة شرط تحفيز القطاع العمومي ومكافحة الفساد وإهدار المال العام، لأنّ نجاح أيّ اقتصاد يرتبط أساساً بالحرية والديمقراطية والشفافية ويقظة المجتمع المدني".

تحوير وزاري مرتقب

أكد رئيس الحكومة الحبيب الصيد، أنه سيجري تحويراً وزارياً قبل نهاية العام الحالي 2015 في إطار رؤية جديدة للوضع الأمني والاقتصادي والاجتماعي الذي تعيشه تونس.

وقالت بثية بن يغلان، كاتبة الدولة لدى وزير المالية، إنّ نسبة النمو المقدّرة في قانون المالية لسنة 2016 "ستبلغ 2,5℅، وسيتواصل العمل بكل الإمكانات المتاحة حتى ترتفع إلى 5℅ في غضون 2020.".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com