"مُفرّق الأحبة".. قصص صعبة خلّفها الإعصار "دانيال" في ليبيا
خلّفت العاصفة "دانيال" التي تحولت إلى إعصار مدمر أطلق عليه ليبيون اسم "مُفرّق الأحبة وجامع العائلات لدى ملك الموت"، مآسي وقصصًا إنسانية، على طول طريقها في مناطق شرق ليبيا.
واجتاح الإعصار، الأحد، مناطق شرق ليبيا، أبرزها مدن: بنغازي، والبيضاء، والمرج، بالإضافة إلى سوسة، ودرنة، حيث تسبب بمقتل أكثر من 6000 شخص في حصيلة أولية مرشحة للارتفاع بسبب وجود آلاف المفقودين.
وأدى الإعصار في بعض الحالات إلى مقتل نصف أفراد عائلات، وأبعدهم عن باقي أحبابهم في ذات العائلة، بينما تسبب بجمع كامل أفراد عائلات أخرى وهم أموات غير أحياء في حالات كثيرة.

وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية في الحكومة المكلفة من البرلمان الليبي الضابط طارق الخراز: "مدينة درنة وحدها سجلت أعلى إحصائية لضحايا الإعصار (دانيال) جُلهم عائلات كاملة".
وأضاف الخراز: "تسبب ذلك في مشكلة كبيرة عند الدفن، حيث لم يوجد من يتعرف على الضحايا (..) لكننا دفنّا منهم عددًا كبيرًا بعد تصويرهم جنائيًا لعرض الصور لاحقًا على الأهالي فربما يتم التعرف على الجثث".
مُفرّق الأحبة
وإلى جانب المأساة الجماعية، خلّف الإعصار قصصًا أخرى لا تقل صعوبة، حيث مزَّق عائلات، وكان بعض أفرادها شاهدًا على لحظات فراق البعض الآخر للحياة غرقًا، دون أن يستطيع مده بطوق نجاة.
إحدى تلك القصص التي تفرقت فيها العائلات بين ناجٍ وقتيل هي قصة أب فقد ابنه، عرضتها قناة المسار الليبية، من خلال لقاء مع الأب، داخل أحد المشافي في مدينة طبرق.
وسرد الأب، وهو من مدينة درنة لحظات وفاة ابنه أمام ناظريه، قائلاً: "كان ابني في منزل صديقه وذهبت كي أعود به فداهمنا السيل فجأة (..)، تمسكنا بسقف المنزل بعد أن رفعتنا المياه للأعلى وبقينا على ذلك الحال نصف ساعة".

وأضاف الأب المكلوم: "أثناء ذلك قال لي ابني يا بوي سامحني، يا بوي سامحني (..)، قلت له أنا مسامحك، أنا مسامحك.. بعدها تمكن من السباحة إلى باب المنزل، لكن جسمه خرج بينما علِق رأسه في الداخل".
وأشار الأب إلى أن ابنه الوحيد وهو طالب جامعي اسمه "عطية"، ظل على ذلك الحال بجانبه لا يستطيع أن يمد له يد العون حتى توفي، لكنه أضاف: "أنا صابر على ما أصابني، والله صابر".
وفي كلمات تجاوز فيها حزنه الشخصي على فقده ومصيبته متطلعًا لحال بلاده المنقسم بين حكومتين، ينهي الأب حديثه، قائلاً: "ربي يوحّد بلادنا من شرقها لغربها، ويلم شمل الليبيين".