"كوابيس" القاعدة.. وجه الانقلاب الآخر الذي يقض مضاجع سكان أبين اليمنية
"كوابيس" القاعدة.. وجه الانقلاب الآخر الذي يقض مضاجع سكان أبين اليمنية"كوابيس" القاعدة.. وجه الانقلاب الآخر الذي يقض مضاجع سكان أبين اليمنية

"كوابيس" القاعدة.. وجه الانقلاب الآخر الذي يقض مضاجع سكان أبين اليمنية

رغم كل الهزائم التي مني بها تنظيم القاعدة في اليمن مؤخرًا في عدد من المحافظات، التي كانت عناصره تتمركز فيها، يحرص التنظيم بين الفينة والأخرى على القيام بعمليات تشبه الإعلان بأنه ما زال نشطًا وبإمكانه زعزعة استقرار تلك المناطق، وتحديدًا في عدة بلدات وقرى تابعة لمحافظة أبين اليمنية.

وفي هذا السياق، ذكرت وسائل إعلام محلية في اليمن، الخميس الماضي، أن تنظيم القاعدة  أعاد سيطرته على مدينة لودر المتاخمة لبلدة مكيراس، التي ما زال الحوثيون يسيطرون عليها، وكذا شقرة الساحلية. وأرجعت المصادر سبب سيطرة القاعدة على المدن إلى انسحاب قوة أمنية كانت تتولى مهام حماية وتأمين المدينة جراء إهمال طالها من القيادة العليا وعدم تسلمهم لمرتباتهم لعدة أشهر.

ولكن تلك الأخبار لم تؤكدها مصادر رسمية، في حين أكد شهود عيان في المنطقة أن عناصر متشددة نصبت نقطة تفتيش واحدة بالقرب من بلدة لودر عقب انسحاب القوة الأمنية التابعة للجيش اليمني.

وجاء تحرك عناصر القاعدة، بعد عدة أشهر من إطلاق قوات الجيش اليمني عملية عسكرية كبرى لتطهير محافظة أبين من عناصر القاعدة، وذلك في أغسطس / آب عام 2016، حيث اندلعت اشتباكات في عدد من مديرياتها، لكن القوات سرعان ما وصلت الى آخر بلدة شرقية من المحافظة، وهو ما أكدته تقارير محلية، وذكرت أن عناصر التنظيم انسحبوا بشكل مفاجئ، منهم من غادر المحافظة صوب البيضاء ومنهم من أبناء المحافظة من تحصن في عدد من مرتفعاتها وجبالها .

ولم تحكم قوات الجيش والأمن سيطرتها على كامل بلدات المحافظة بشكل كلي، حيث كانت تتعرض لكمائن وتفجيرات وحوادث اغتيالات عديدة بين الفينة والأخرى.

الحكومة اليمنية تستجيب لنداءات أبين

واطلعت الحكومة الشرعية في اليمن، اليوم السبت، على "الخطط المعدّة لمواجهة التهديدات الإرهابية المحتملة، في محافظة أبين" المتاخمة للعاصمة المؤقتة عدن، بعد يومين من تحركات لعناصر تنظيم القاعدة ومحاولتهم استعادة السيطرة على مناطق معيّنة من أبين، بعد الفراغ الأمني الذي باتت تشهده المحافظة مؤخراً.

وعقدت الحكومة اليمنية، اجتماعاً موسعاً لمسؤولي السلطة المحلية والقيادات العسكرية والأمنية، في محافظتي عدن وأبين، لاستعراض التطورات الأمنية، في أبين، والاحتياجات العاجلة للمنظومة الأمنية في المحافظة، بما يؤكد حضورها الفاعل.

ووفقاً لوكالة الأنباء اليمنية، سبأ، فإن الحكومة شددت على عدم تهاونها مع أي تقصير في حماية أمن واستقرار المواطنين والممتلكات العامة والخاصة، ومواجهة العناصر "الإرهابية". مؤكدة أنه سيتم محاسبة كل من يثبت تقصيره في أداء واجباته سواء على المستور المركزي أو المحلي.

كما وجهت الوزارات والجهات المعنية، وقيادة المنطقة العسكرية الرابعة، بـ"التعاون مع السلطة المحلية بمحافظة أبين بتوفير الاليات والتجهيزات الامنية اللازمة لقيام المنظومة الامنية بالمحافظة بأعمالها ومهامها على النحو المطلوب".

وأكد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عبيد بن دغر، أن اليمن "ستظل شريكا فاعلا للمجتمع الدولي في مكافحة الارهاب".

وتسعى الحكومة، للمحافظة على المكاسب في المناطق المحررة من الانقلابيين الحوثيين والموالين للمخلوع، علي صالح، والانتصار المحقق منتصف آب/ أغسطس الماضي، بعد تحرير أبين من عناصر تنظيم القاعدة.

حرب استنزاف

وبخصوص ما حدث يوم الخميس الماضي، يقول الصحفي اليمني والمهتم بشؤون تنظيم القاعدة "عبدالخالق الحود" في حديث خاص لـ "إرم نيوز" إن تنظيم القاعدة في أبين بالذات لم يعد بذات القوّة التي كان عليها قبل سنوات وبات يعاني شحًّا على المستوى القيادي والدعوي، مشيرًا إلى أنه لن يدع أفراده عرضة لضربات الطائرات في مناطق مفتوحة .

وأكد الحود أن تنظيم القاعدة يرى بأن جر قوات الجيش والأمن الى حرب عصابات "حرب استنزاف" طويلة، شبيهة بالنموذج الأفغاني، أجدى وأنجع وأقل كلفة بشرية ومادية، مشيرًا إلى أن هناك خلافًا بين مجاميع التنظيم وتباينًا فيما يتعلّق بمضمون السيطرة، والغلبة تميل لرأي القائلين بعدم جدوى ذلك الآن على الأقل .

وأوضح الكاتب اليمني أن ذلك يؤكد أن عناصر تنظيم القاعدة لن تنتشر في بلدات محافظة أبين مجددًا ولن تتعرض المحافظة لضربات أمريكية من طائرات بدون طيار لتلك الأسباب ، ويرى أن ما سيحدث هو إعطاء الحرية لهذه العناصر المتشددة للتحرك أكثر داخل بلدات وقرى نائية في المحافظة .

ولفت الحود، إلى أن بعض عناصر "القاعدة" هم من أبناء تلك المناطق ورفضوا تنفيذ أوامر قياداتهم بالانسحاب من أبين إلى مناطق في محافظات الشمال، وهم أيضًا من واجهوا قوات الحزام الأمني في أبين أثناء تطهيرها قبل أشهر، وتمركزوا في المناطق الجبلية تحديدًا في المحفد ومناطق لودر ومودية وأحور.

وأضاف أن عملية تطهير أبين كانت في بدايتها ناجعة وقويّة، وفي حال استمرت بذات الوتيرة فإنها كانت ستتمكن من تطهير كامل المحافظة، لكن هناك بعض الإخفاقات حدثت أثناء سير الحملة جعلت قوات التحالف العربي تراجع العملية برمتها، وهذا ما أدى إلى عدم تحقيق الحملة أهدافها كاملة .

وأشار إلى  أن انسحاب وحدات الحزام الأمني قبل يومين، كان ضروريًا بعد أن أصبحت تلك القوات عرضة لعمليات القاعدة بشكل متواصل، مؤكدًا في ختام حديثه أن عدد عناصر التنظيم في أبين لا يتجاوز 80 شخصًا .

إهمال الحكومة

في غضون ذلك، يرى القيادي في المقاومة الجنوبية وقائد الحملة الأمنية في بلدة المحفد بمحافظة أبين "علي الذيب الكازمي"، في حديث خاص لـ "إرم نيوز"، أن الحملة العسكرية الأخيرة كانت ناجحة وتمكنت من تطهير كامل المحافظة، لكن الإهمال الحكومي ونقص الدعم الكافي أديا إلى ارتباك المشهد وظهور العناصر المتشددة مؤخرًا .

وأكد أن محافظة أبين ليست بؤرة للإرهاب، لكن المخلوع صالح عمل منذ سنوات على زرع مثل هذه التنظيمات داخلها لأنها تمثل البوابة الشرقية الرئيسية لعدن، مشيرًا إلى أن إهمال الحكومة وخذلانها لما سمي حينها باللجان الشعبية أدى إلى مقتل معظم قياداتها برصاص تلك الجماعات المتشددة .

وطالب الكازمي، في حديثه، الرئيس هادي، باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة في اليمن وقائد المنطقة العسكرية الرابعة، بإرسال المزيد من الدعم والإسناد لقوات الجيش والأمن بأبين ، لافتًا إلى أن أبين تحتاج إلى ثلاثة ألوية عسكرية لتكون في مأمن من تلك العناصر .

وأوضح أن العناصر المتشددة في المنطقة تتبع المخلوع صالح وبعض الأحزاب الأخرى، مشيرًا إلى أن المسلحين هاجموا قوات الأمن في لودر، بينما تركوا قوات الحوثي في عقبة ثرة التي لا تبعد سوى كيلومترات عن لودر .

واختتم حديثه بالقول، إن قوات الأمن والحزام في أبين لم تتسلم رواتبها منذ ثلاثة أشهر ولم تصلها الإمدادات، مؤكدًا أن محاربة الإرهاب تحتاج إلى المزيد من الدعم .

تضخيم إعلامي

وفي المقابل، يرى سالم الحسني، وهو عقيد في الجيش اليمني في حديث خص به "إرم نيوز"، أن موضوع تنظيم القاعدة وانتشارها في بلدات لودر وشقرة وزنجبار ما هو إلا تضخيم إعلامي ، مشيرًا إلى أن عناصر من القاعدة تتواجد فقط في جبال المراقشة والخبر في المحافظة.

وبشأن ما حدث يوم الخميس، قال الحسني: إن كل ما في الأمر أن عددًا محدودًا من هذه العناصر المتشددة قام بنصب نقطة تفتيش بالقرب من لودر ولمدة ساعة واحدة، قبل أن تنسحب لاحقًا وينتهي الأمر. ولفت إلى أن سبب تواجد هذه العناصر في أبين منذ سنوات هو معاقبة المحافظة وأبنائها .

وحول انسحاب قوة من الأمن، قال الحسني: إنه كانت هناك كتيبة تسمى كتيبة لواء الحماية انسحبت فجأة من موقعها في منطقة يسوف باتجاه عدن، مؤكدًا أن الكتيبة جاءت إلى المنطقة بعد أن أصر العميد  سيف صالح على إرسالها إلى أبين قبل ثلاثة أشهر.

وأضاف الحسني، أن هناك ضعفًا في بعض قيادات الحزام الأمني وكذا مكوث بعضهم في عدن ونقص الخبرة والكفاءة الكافية، كلها أسباب أدت إلى ظهور العناصر المتشددة في أبين مؤخرًا ، مؤكدًا أنه في حال وجود قوة منظمة وقيادة مؤهلة لهذه القوات فلن يحتاج الأمر إلا ليومين للقضاء على العناصر المتشددة.

واختتم حديثه بالتأكيد على أن هناك استهدافًا واضحًا لمحافظة أبين، معتبرًا أن ما هو موجود على الأرض أقل مما يروج له الإعلام.

مداهنة الانقلابيين

عند اندلاع الحرب التي شنتها ميليشيات الحوثي وصالح في مارس / أذار 2015 ، أعلنت ألوية عسكرية في أبين تأييدها ووقوفها إلى جانب الانقلابيين الحوثيين، ومنها اللواء 115 مشاة في لودر، الأمر الذي سهل سقوط المحافظة سريعًا بيد الميليشيات الانقلابية .

وفي ذلك الوقت، أعلن تنظيم القاعدة في أبين عن مواجهته للحوثيين، لكنه قال إنه ليس مواليًا للرئيس هادي ولا للشرعية. ومع ذلك يؤكد مراقبون ومتابعون للشأن اليمني أن تنظيم القاعدة لم ينفذ عملية واحدة ضد الانقلابيين أثناء سيطرتهم على معقلهم في أبين، وهو ما ربطه بالتأكيد أن تلك الجماعات المتشددة ما هي إلا أدوات يتم دعمها وتنشئتها من المخلوع صالح لمحاربة خصومه بالداخل وابتزاز الخارج بها.

في المقابل، يصر تنظيم القاعدة على التأكيد، عبر بيانات يقوم بنشرها على مواقع إلكترونية تابعة له،  أنه ما زال يقاتل في جميع الجبهات وخاصة في مأرب وصنعاء والبيضاء، وكان آخر بيان له قبل أسابيع حين نشر عدد العمليات التي نفذها خلال شهر واستهدفت الحوثيين .

قاعدة اليمن.. النشأة والمسار

برز تنظيم القاعدة بشكل علني في محافظة أبين جنوبي اليمن عام 2011 وتحديدًا في مارس / آذار، أي بعد شهر من اندلاع الثورة التي أطاحت بالرئيس السابق علي عبدالله صالح، لكن ذلك لا يعني بأن المحافظة كانت خالية من فلول التنظيم قبل تلك الفترة، لكنها كانت تكتفي بتنفيذ عمليات خاطفة ضد نقاط تفتيش ومقرات أمنية واغتيال مسؤولين .

وعقب اندلاع الثورة، والانشقاقات التي حدثت في قوات الجيش، أعلنت العناصر المتشددة في محافظة أبين ظهورها بشكل علني، واستغلت الفراغ الأمني لتعلن مديريات في المحافظة إمارات إسلامية تابعة لها، وتحديدًا زنجبار وجعار وبعض البلدات المتاخمة .

في تلك الأثناء وخلال الثورة، اندلعت حرب ضروس بين وحدات من الجيش اليمني وبين عناصر متشددة سيطرت على مناطق في محافظة أبين وأعلنتها إمارات إسلامية، وهي المعارك التي استمرت لأكثر من شهر، وتسببت بموجة نزوح كبيرة لأهالي المحافظة صوب مناطق مجاورة ومنها عدن .

وتوقفت الحرب بعد ذلك وانسحبت قوات الجيش من المحافظة، خاصة وأن تلك الفترة شهدت انفلاتًا أمنيًا وفوضى في جميع قطاعات الدولة، بينما تحدثت تقارير محلية وأخرى دولية حينها أن قوات الجيش سلمت أسلحتها ومعداتها الثقيلة لعناصر القاعدة قبل انسحابها من أبين ، متهمة الرئيس المخلوع صالح بالمسؤولية عن ذلك.

ومع حلول عام 2012، وبعد تنصيب عبدربه منصور هادي رئيسًا انتقاليًا للبلاد، تم توقيع اتفاق مؤقت بين الجيش وعناصر القاعدة في محافظة أبين، وبدأ النازحون بالعودة تدريجيًا لمنازلهم، لكن القاعدة استمرت في فرض سيطرتها على بعض مناطق المحافظة .

وفي إبريل / نيسان من العام ذاته، شنت عناصر القاعدة هجومًا على مديرية لودر وبعض المناطق المتاخمة بهدف السيطرة عليها، اندلعت على إثرها اشتباكات مع مسلحين قبليين استمرت لأيام، في حين  شنت قوات الجيش هجومًا واسعًا بهدف استعادة مناطق سيطرت عليها القاعدة في المحافظة .

وتمكن الجيش وعناصر القبائل من السيطرة على كافة مديريات أبين، لكن عمليات التطهير جميعها لم تشهد تنظيمًا كافيًا وخططًا مدروسة لاستمرار تأمين المحافظة من هجمات العناصر المتشددة، التي كانت حينها لا تزال تتحصن في مرتفعاتها وبعض جبالها، لا سيما وأن أغلب الألوية والكتائب في المحافظة كانت لا تزال موالية للمخلوع صالح .

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com