بعد 26 شهرًا من الصراع المسلح.. "الحسم لا يزال بعيدًا" في اليمن
بعد 26 شهرًا من الصراع المسلح.. "الحسم لا يزال بعيدًا" في اليمنبعد 26 شهرًا من الصراع المسلح.. "الحسم لا يزال بعيدًا" في اليمن

بعد 26 شهرًا من الصراع المسلح.. "الحسم لا يزال بعيدًا" في اليمن

شارفت الحرب الدائرة في اليمن بين القوات الحكومية المسنودة بالتحالف العربي من جهة، ومسلحي جماعة الحوثي وقوات الرئيس السابق، علي عبد الله صالح من جهة أخرى، على إكمال الـ26 شهراً، وسط تزايد حالة القلق الشعبي جراء التدهور المطّرد للأوضاع الإنسانية، والضبابية التي تكتنف مستقبل الصراع عسكريا وسياسيا.

وعلى الجبهات كافة، كانت عمليات الكر والفر هي السمة الغالبة للمواجهات المسلحة بين طرفي الصراع، منذ أن سيطر الحوثيون وقوات صالح على العاصمة صنعاء في الـ 21 من سبتمبر/ أيلول 2014، دون أن يكون هناك أفق لحسم هذه الحرب.

وفي ظل هذا الغموض، يطرح الشارع اليمني تساؤلات حول أسباب تأخر الحكومة في إنهاء الانقلاب، بعد تشكيلها جيشا وطنيا، وإطلاق تحالف عربي يضم 10 دول بقيادة السعودية، لعملية "عاصفة الحزم" في الـ 26 من مارس/ آذار 2015، قبل أن تبدأ عملية ثانية، تحت مسمى "إعادة الأمل"، علاوة على تفوق القوات الحكومية عسكريا بامتلاكها سلاح جو متطورا، فضلا عن اكتسابها للشرعية السياسية الدولية.

ضبابية المعركة

ورغم تفوقها العسكري، إلا أن الحكومة اليمنية لا تقلل من قدرات الحوثيين وصالح، إذ قال مسؤولون في تصريحات متكررة، إن "المتمردين يمتلكون قوة لا يستهان بها، سواء على صعيد العناصر أو التسلح، خاصة وأنهم سيطروا على سلاح الجيش النظامي ومخازن ذخيرته إبان الانقلاب، فضلاً عن أنهم يتلقون دعما مسلحا من إيران عبر البحر".

ولعل ما يزيد ضبابية المعركة، اتسام المواجهات بأسلوب "الضربات الخاطفة" التي ينتج عنها تقدم سريع وسيطرة للقوات الحكومية تستمر لشهور دون تحرك جديد، كما هي الحال في محيط منطقة "ميدي" الإستراتيجية، ومديرية عيسلان النفطية، في محافظة شبوة (جنوب) ومديريات نهم، وحرض، والبوابة الشرقية بالعاصمة صنعاء.

الحسم لا يزال بعيدا

ويرى الخبير العسكري والرائد طيار في الجيش اليمني مقبل الكوماني، في تحليله لسير المعارك ومصيرها، أن "قوات الحكومة والتحالف العربي متفوقة في المعركة لامتلاكها الطائرات المتطورة، والقاعدة العسكرية تقول إن من يحسم الجو فهو المنتصر".

إلا أن الكوماني، يعتقد أن "حسم المعركة لا يزال بعيدا؛ بسبب الطبيعة الجغرافية الجبلية لليمن، التي تحتاج لطيران حربي ومروحي خاص يقوم بإسناد جوي". ويعتبر أن "عدم توافر هذا النوع من الطائرات يعد السبب الرئيس في تأخر حسم المعركة البرية".

ويوضح، أنه "في عدن (جنوب) حسمت قوات التحالف والمقاومة الشعبية، المعركة في أسرع وقت؛ وذلك للطبيعة الساحلية المسطحة الخالية من الجبال، بعكس الطبيعة الجغرافية في الشمال". مشيرا إلى أنه "إذا لم يتم إشراك طائرات هجوم أرضي متخصصة في الإسناد الجوي القريب للقوات البرية مثل (سوخوي 24 و25) و(أباتشي)، والتي أثبتت نجاحها في معارك وتضاريس الجبال، كما حدث في أفغانستان والعراق، فلا ننتظر حسما بريا للمعركة".

ويُبين الكوماني، أن "طائرات الأباتشي تتميز بأنها تحمل قرابة 4 أطنان من السلاح، وهي مخصصة للقتال في الطبيعة الجبلية، وتطير بسرعات تحت صوتية، بحيث يستطيع الطيار المقاتل تحديد الهدف بسهولة، كما تتميز بالمناورة بين الأودية والجبال".

معركة صعدة

ومن جانبه، يقول مدير الدراسات والبحوث في المنطقة العسكرية الثالثة بالجيش اليمني، المقدم ناجي منيف، إن "الحكومة لها توقعاتها بناء علی الوضع السياسي المحيط بها، ولذلك اتخذت الأسبوع الماضي، قرارا عسكريا مفاجئا بتحويل تجاه المعركة من العاصمة وميدي إلى معقل الحوثي في محافظة صعدة، عبر منفذي البقع وعلب الحدوديين مع السعودية، وهو تحول يتجه نحو حسم المعركة".

ويرى منيف، أن "نقل المعركة إلى صعدة يمثل عسكرياً، خطوة ذكية تهدف إلی مباغتة الانقلابيين وإرباكهم وتشتيت قواتهم المحيطة بصنعاء، وهو ما سيسهل من عملية دخول العاصمة بأقل خسائر بشرية ومادية، وفي زمن أقل".

ويرجح، أن "خطوة الحكومة الأخيرة ستدفع الحوثيين إلى سحب مقاتليهم من صنعاء إلى صعدة للدفاع عن معقلهم، بينما ستبقى قوات صالح في العاصمة، باعتبارها أولوية بالنسبة لها؛ الأمر الذي سيشتت قوات الانقلابيين، وبالتالي يتمكن الجيش الحكومي والمقاومة الشعبية الموالية له من الانتصار".

خريطة الطريق

وتصاعدت حدة القتال في اليمن، مع تعثر الجولة الثالثة من المحادثات التي رعتها الأمم المتحدة بين طرفي الأزمة، وكانت الأولى في جنيف منتصف يوليو/تموز 2015، والثانية في مدينة بيال السويسرية منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي، والثالثة في الكويت (في الـ21 من إبريل/نيسان الماضي وحتى الـ 6 من أغسطس/آب)، لكنها فشلت جميعا في تحقيق السلام.

وخلال مداخلة أمام جلسة لمجلس الأمن الدولي خاصة باليمن، يوم الـ30 من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، قال المبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ أحمد، إن جميع الأطراف اليمنية رفضت خريطة الطريق التي سلمها لهم بنفسه، متهما إياها بالعجز عن تجاوز خلافاتها وتغليب المصالح الشخصية على المصلحة الوطنية.

ويرجع مراقبون، رفض الحكومة للخريطة الأممية، لأنها، وبحسب التفسير الحكومي، تهمش دور الرئيس الشرعي، عبد ربه منصور هادي، وتسحب صلاحياته لصالح نائب له يُعين بالتوافق حتى إجراء انتخابات عامة.

ويعتبر تحالف "الحوثي/ صالح"، أن الخريطة تحمل اختلالات جوهرية، سواء في إطارها العام أو تفاصيلها أو تراتيبيتها الزمنية، فضلا عن أنها، وفقا لهذا التحالف، تستوعب رؤية الطرف الآخر (يقصد الحكومة الشرعية).

خطوة على المجاعة

وخلال جلسة مجلس الأمن المذكورة، حذر منسق وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، ستيفان أوبراين، من أن اليمن على بعد خطوة واحدة من المجاعة.

وبحسب جورج خوري، مدير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن، فإن هذا البلد العربي يقترب من أزمة إنسانية خطيرة، إذ يعاني 14 مليون يمني (من أصل 26 مليون نسمة) من انعدام الأمن الغذائي.

وشدد خوري في تصريحات صحفية مطلع الشهر الجاري، على أن المستشفيات غير قادرة على التعامل مع حالات سوء التغذية، خاصة وأن معظم العائلات في اليمن صارت تعيش على "كوب شاي وقطعة خبز".

ووفقا لأحدث تقدير للأمم المتحدة في أغسطس/ آب الماضي، شردت الحرب 3 ملايين يمني، وأودت بحياة عشرة آلاف شخص، إضافة إلى ما يزيد عن 35 ألف جريح.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com