عدن والعيد.. بسمة أم ابنها شهيد ‏
عدن والعيد.. بسمة أم ابنها شهيد ‏عدن والعيد.. بسمة أم ابنها شهيد ‏

عدن والعيد.. بسمة أم ابنها شهيد ‏

عدن- "الحزن يلف كل ما حولي، لكنني سأفرح بالعيد ليعلم الذين أرادوا سرقة الفرحة من قلوبنا، أننا لن ننكسر، وحتمًا سننتصر"، هكذا أرادت الأم اليمنية الخمسينية، "حليمه أحمد المرزوقي"، التي فُجعت قبل أيام في وحيدها، أن تعبّر عن رفضها الاستسلام لثقافة اليأس والألم، بالرغم من أن مآسي الحرب التي تحاصر "اليمن السعيد" من كل جانب.

ففي أحد البيوت الشعبية المتواضعة، وتحديدًا في حي "جولد مور" بمدينة "التواهي"، حيث يقع ميناء عدن الشهير، تجلس "حليمه" (52 عاما)، وبجانبها بعض النسوة من أهالي الحي، بعد أن فقدت ابنها الوحيد "أحمد" (26 عاما) في التفجير الذي استهدف مركزًا للمجندين بحي "السنافر" بمدينة "الشيخ عثمان"، في 29 أغسطس/آب الماضي، وذهب ضحيته 70 شابًا.

تقول لـوكالة "الأناضول"، وعلامات الحزن والأسى تعلو مُحياها رغم محاولتها إبداء الصمود: "الحمد لله على ما قدر واختار، ها أنا أعيش وحيدة بعد أن فقدت ولدي الوحيد أحمد، ليلتحق بوالده المتوفى منذ 17 عاما، لمرض عارض".

وتضيف بصوت متحشرج: "عشت لولدي وعانيت كثيرًا لأجله، لم يكن معي مصدر دخل غير راتب والده الذي لا يكفي إلا لجلب القليل من الطعام، عانيت من ظروف شتى؛ كدحت وكنست وطبخت في بيوت الميسورين من أجل أن أوفر له مصاريف التعليم، حتى تخرج من الجامعة قبل ثلاث سنوات، تخصص "هندسة كمبيوتر".

وتستطرد: "لم يتحصل (أحمد) على عمل، وظل يتردد على مكاتب المسؤولين والشركات الخاصة دون فائدة"، وتضيف: "فور علمه بتسجيل الشباب الراغبين في الالتحاق بالجيش، قرر الذهاب والتسجيل معهم على أمل الحصول على وظيفة وإن كانت بعيدة تمامًا عن تخصصه كمهندس".

تقول "حليمة": "خرج في الصباح الباكر يوم الحادث الأليم، دون أن يتناول شيئا من الطعام لأنه لا يوجد معنا شيء في البيت".

وتستكمل مأساتها مضيفة: "مات ابني ولا أعلم إن أكل شيئا أم لا، كان يتطلع لحياة أفضل ويعدني بتعويض سنوات التعب التي قضيتها في تربيته وتعليمه، ولم أكن أعلم وهو يودعني قبل خروجه من المنزل أن تكون تلك اللحظة هي آخر عهدي به".

"أم أحمد" ليست سوى واحدة من النساء اللائي ثكلن أبناءهن، لكنهن لم يفقدن الرغبة في الحياة، ولا الاحتفال بالعيد رغم آلام جراحهن الغائرة.

فالمرأة الستينية، التي اكتفت بذكر لقبها "أم عمر"، هي نموذج آخر لهؤلاء النسوة التي يتمتعن بصلابة في مواجهة المحن.

وتقول "رغم كل الظروف المحبطة والمؤلمة التي نتجرع مرارتها منذ فترة ليست بالقصيرة، إلا أننا سنفرح بالعيد، كما لم نفرح من قبل، فقد تعودنا على الفرح، وتدرج فينا ومعنا مذ كنا صغارًا".

وتستطرد "أم عمر": "سحابة الحزن التي تغطي سماء أيامنا بسبب الحرب وكثرة الأوجاع والمحن، ستنقشع عما قريب، لتتبعها بإذن الله، أيام سعادة وهناء".

على النحو ذاته من الصمود والمثابرة استقبلت الشابة الجامعية "زهراء فضل المرفدي" (25 عاما) أول أيام العيد.

وتقول "العيد هذا العام رغم ما يحمله من أوجاع شتى، في ظل الظروف التي تمر بها البلاد، وحوادث القتل التي تحصد حياة الكثير من الأبرياء، إلا أن إرادة العيش، والتمسك بكل ما هو جميل في الحياة أكبر، من حقد الحاقدين، الذين لا يريدون لعدن العودة إلى ماضيها، يوم أن كانت ميدانًا تركض فيه البسمة، وتتسابق على جنباته البهجة".

وقبل أيام من العيد، لم تمنع صور الألم والمعاناة المتمثلة في عدم صرف المعاشات الشهرية، وتردي خدمات الكهرباء والمياه، فضلا عن المخاوف الأمنية العديدة، دون خروج الأهالي إلى الشوارع، واقتناء "حاجيات" العيد، في صورة من صور التحدي للواقع المرير، على غرار شوارع مدينة "كريتر" العتيقة، أشهر أسواق "عدن" على الإطلاق؛ حيث بدا المشهد فيه وكأنه مزيج من تراتيل العشق الأبدي للأرض والحياة، وتحدي الظروف القاهرة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com