المكلا اليمنية.. من جحيم القاعدة إلى نعيم التحالف العربي
المكلا اليمنية.. من جحيم القاعدة إلى نعيم التحالف العربيالمكلا اليمنية.. من جحيم القاعدة إلى نعيم التحالف العربي

المكلا اليمنية.. من جحيم القاعدة إلى نعيم التحالف العربي

بعد أكثر من شهر على تحرير مدينة المكلا اليمنية، من قبضة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، بدأ اليمنيون يتلمسون الفرق تحت حكم التحالف العربي الذي تقوده السعودية، في ظل عودة مظاهر الحياة إلى المدينة بشكل كبير.

وتقدم التنظيم نحو المكلا في نيسان/ أبريل 2015، مستغلًا الفراغ في السلطة، الذي خلفته الحرب بين الحوثيين وأتباع المخلوع علي عبدالله صالح من جهة، والقوات الداعمة للرئيس عبدربه منصور هادي، من جهة أخرى، لكن الأخيرة استطاعت بدعم من التحالف العربي تحرير المدينة نهاية نيسان/ أبريل الماضي.

وخلال عام حكم فيه التنظيم مدينة المكلا، عانى سكانها من الممارسات المتشددة، وفرض قوانين صارمة زادت العبء على المدنيين الذين أنهكتهم الحرب، قبل أن يتنفسوا الصعداء بطرد المتشددين ودخول قوات التحالف إلى المدينة.

ويقول سالم با الحسابي، وهو مهندس اتصالات يبلغ من العمر 33 عامًا، إن "الحياة تتحسن تحت حكم التحالف العربي".

وأضاف الحسابي، في حديث لصحيفة "وول ستريت جورنال"، إن "ميناء المدينة يدار الآن بشكل أفضل من أي وقت مضى، كما يجري إصلاح المولدات الكهربائية، وهناك آمال كبيرة في أن يبدأ التحالف قريبًا إصلاح الطرق وبناء مدارس جديدة".

وأكد أن "الحياة تسير نحو الشكل الطبيعي، والأسواق ومراكز التسوق تعج بالمتسوقين".

وحشية

وبالرغم من سيطرة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، لمدة عام على مدينة المكلا التي كان يعتبرها "درة تاجه"، إلا أنه لم يحقق السيطرة الإقليمية خلال سبعة أعوام من العمل منذ تأسيسه في اليمن.

وهذه المدينة التي يقطنها 300 ألف نسمة، والتي تقع عند سفح سلسلة من الجبال الساحلية، كانت أكثر المناطق اليمنية اكتظاظًا بالسكان التي سيطر عليها تنظيم القاعدة منذ تأسيسه.

ونقلت الصحيفة عن سكان محليين أنه "رغم أن العام الذي حكمته الجماعة المتطرفة للمدينة كان يجمع بين الاستقرار والوحشية على حد سواء، إلا أنهم انتابتهم سعادة غامرة عندما قرروا مغادرة المدينة، معددين مساوئ التنظيم، وفي مقدمتها: إغلاق مطار المدينة الوحيد، وعدم وجود خدمات هجرة وسفر، وإغلاق المدارس في بداية حكمهم لرفضهم وجود الأولاد والبنات في نفس المؤسسات، إلا أن أولئك المتشددين رضخوا في وقت لاحق فيما يتعلق بالبند الأخير".

وتقول نجوى الساوماحي، وهي أم لطفلين تعمل مدرسة لغة إنجليزية في مدرسة حكومية: "سعدنا عندما قرروا مغادرة المدينة".

كما فرضت الجماعة المتشددة، قوانين متشددة في المدينة، مثل إجبار النساء على تغطية أجسادهن ووجوههن بالكامل في الأماكن العامة، كما فُرض على الرجال الصلاة خمس مرات في اليوم، فيما لا يمكنهم التلكؤ في الشوارع في أوقات الصلاة المفروضة.

ويروي السيد أوبثاني، كيف أشهر متشدد مسدسه في وجه مراهق بعدما رفض الأخير الانضمام إلى صلاة العشاء في مسجد قريب، وقد توسل إليه الجيران لكي يقتنع بالتراجع، مضيفًا "لولا تدخل هؤلاء الناس، لقتل على الفور".

وفي قصة أخرى تكشف وحشية التنظيم، اعتقل الصحافي أمير با أودان، بعد مشاركته في مظاهرة ضد الإرهاب، وسُجن لمدة سبعة أشهر، بينما فرضت عليه مراقبة كاميرا فيديو، وحُرم من المكالمات أو الزيارات.

وقبل فترة وجيزة من دخول قوات التحالف إلى المدينة، تم اقتياد السيد أودان مع سجناء آخرين، إلى الشاطئ، حيث أعدموا البعض، وأطلقوا سراح آخرين بينهم أودان، الذي قال إنه "لا يعرف لماذا أطلقوا سراحه.. كنت مخدرًا".

كما كانت حياة النساء تحت حكم القاعدة في جزيرة العرب، قاسية بصفة خاصة، حيث وصف العديد من سكان مدينة المكلا إحدى الحالات التي اتهمت فيها امرأة أحد متشددي التنظيم باغتصابها، إلا أنها سرعان ما أدينت بالزنا والرجم بالحجارة حتى الموت.

أرضية من الولاء

وقال بعض السكان، إن تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب، وبالرغم من ممارسات وقوانينه المتشددة، "وفر مستوى من الاستقرار والمشاركة، والتي كانت غائبة في ظل الحكومات السابقة، وهو إنجاز من شأنه أن يساعد على الحفاظ على أرضية من الولاء له على الرغم من انسحابه".

ويتذكر محمد الكثيري، وهو أب لستة، كيف هب أعضاء تنظيم القاعدة للمساعدة، عندما هبت رياح عاتية على الساحل الجنوبي في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.

وأضاف –بحسب تقرير الصحيفة- "لقد اتخذوا كل التدابير اللازمة لحماية الناس، بل أنهم أخلوا الأشخاص المعرضين للخطر، فضلًا عن تزويدهم مساكن مؤقتة للمتضررين"، متابعًا "لم تتخذ الحكومة السابقة مثل هذه التدابير، عندما ضربتنا الفيضانات العام 2008".

ويؤكد كثيرون أن "القضاء المدني كان يدار بعدالة"، فيما يقول أحد السكان إنه "تم حل العديد من نزاعات الملكية التي كانت سائدة منذ فترة طويلة".

وبحسب الصحيفة الأمريكية، كان "التنظيم يمتلك المال للإنفاق، والذي جاء من إدارة الميناء وعائدات النفط، فضلًا عن مبلغ يقدر بحوالي 100 مليون دولار أمريكي، تم نهبه من فرع البنك المركزي في المدينة".

شبح العودة

هناك مؤشرات قليلة، تفيد بأن القاعدة في جزيرة العرب، سيحاول العودة إلى المكلا. وتقول المحللة في معهد "أمريكان إنتربرايز" في واشنطن، كاثرين زيمرمان، إن "هزيمة القاعدة في جزيرة العرب، ستستغرق أكثر بكثير من نشر القوات، الأمر يتطلب تضافر الجهود لتلبية تطلعات الشعب من الخدمات التي يجب على الحكومة توفيرها".

 وأعلن مسؤولون أمنيون يمنيون، هذا الشهر، أنهم أحبطوا عملية تفجير مخطط لها في المكلا، من قبل المتطرفين، الذين فروا تحديدًا إلى الغرب بحثاً عن مأوى في محافظات شبوة وأبين.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com