"المبكيات الثلاثة" تفسد فرحة استقبال رمضان في عدن اليمنية
"المبكيات الثلاثة" تفسد فرحة استقبال رمضان في عدن اليمنية"المبكيات الثلاثة" تفسد فرحة استقبال رمضان في عدن اليمنية

"المبكيات الثلاثة" تفسد فرحة استقبال رمضان في عدن اليمنية

ما بين رمضان مضى، وآخر آت، تظل مدينة عدن اليمنية، مساحة "وجع دائم"، وهي التي كانت قبل أعوام قليلة، ميدانًا تركض على جنباته البهجة في مثل هذا الشهر.

فمن دائرة القتل والتشريد والتدمير والحصار، التي كانت عليها عدن في رمضان الماضي، أثناء سيطرة الحوثيين ومسلحي المخلوع علي عبدالله صالح، على أجزاء كبيرة منها، إلى هموم ومشاكل شتى، يعاني منها سكان المدينة، قبل ساعات من حلول شهر رمضان لهذا العام، متمثلة في "المبكيات الثلاثة": انقطاعات الكهرباء المتكررة، ونفاد الوقود، وارتفاع أسعار السلع.

ويقول عبدالله محمد صالح مهيم، وهو صحافي من سكان حي صلاح الدين في مدينة البريقة، التي تتبع محافظة عدن "ما وصلت إليه أوضاع الناس في عدن، قبل دخول الشهر المبارك، من حال بائس، جراء الانقطاعات المتكررة للكهرباء، وانعدام الديزل والبترول، يقلل من استعدادات الناس وفرحتهم بالشهر الفضيل".

ويضيف مهيم، في تصريح صحافي، "الوضع الكارثي الذي تشهده عدن حاليًا، وباقي المحافظات القريبة منها، شواهد على عجز الجهات المعنية عن إيجاد حلول ناجعة، حيال مشكلة الكهرباء، وانعدام المشتقات النفطية، وارتفاع الأسعار، وكلها أمور ستدخل المحافظة في مأزق خطير، ما لم تسارع الجهات ذات العلاقة لحل المشاكل فورًا، وبالذات ما يتعلق بالكهرباء والوقود وأسعار السلع، وألا تترك الباب مفتوحًا لمزيد من الفوضى في أجواء لا تنقصها المشاكل".

في مدينة إنماء السكنية في عدن، القريبة من محطة "الحسوة"، التي تزود عددا من محافظات البلاد بالطاقة الكهربائية، افترش كل من حسين محمد، وعبدالله الجفري ومحمد زيد، ورشيد الدولة، وآخرون، رصيف الشارع العام جراء انقطاع التيار الكهربائي، وارتفاع درجة حرارة الجو.

ويقول رشيد الدولة "الوضع الذي نعيشه هذه الأيام مؤلم جدًا وغير مسبوق"، مشيرًا إلى "حادثة وفاة سبعة أشخاص في مستشفيات عدن، الإثنين الماضي، جراء انقطاع التيار الكهربائي عن قسم العناية المركزة فيها".

ارتفاع الحرارة والأسعار

"لا علاقة بما يجري حاليًا من تدهور للأوضاع في عدن بأدنى اعتبارات المسؤولية والأمانة، التي من المفترض حضورهما وبقوة في مثل هذه الأوضاع الكارثية"، هكذا استهلت ليلى الشبيبي، الناشطة الحقوقية اليمنية، حديثها عن الأوضاع الصعبة التي يعيشها سكان عدن قبل ساعات من حلول شهر رمضان.

وتضيف الشبيبي "أن يأتي رمضان ونحن في وضع أسوأ من الذي كنا عليه أيام الحرب في عدن؛ فهذه هي الكارثة بعينها".

وتستطرد "عشنا أياما صعبة ومؤلمة إبان سيطرة الحوثيين على عدن في رمضان الماضي، لكن أحدنا لم يكن يتوقع قدوم رمضان هذا العام، ونحن في وضع أصعب من ذي قبل، بعد أن صارت الحياة في عدن جراء انقطاع التيار الكهربائي وانعدام الوقود جحيمًا لا يطاق"، على حد تعبيرها.

وتشير الشبيبي إلى أن رمضان في عدن له طقوس خاصة، "لا تبدأ عند شراء الحاجيات الضرورية من الأطعمة والمشروبات، وانتهاء بتبادل الزيارات واللقاءات، وهي أمور دأب على فعلها الناس هنا أيام الشهر الفضيل، ولكنها تتعدى ذلك إلى الأمور الروحانية؛ المتمثلة في الصيام والقيام وقراءة القرآن وغيرها".

وتساءلت باستنكار "كيف يمكن القيام بذلك والإحساس بوقع تلك الأيام والليالي الجميلة في ظل الظروف المحبطة التي نعيشها، ونتقاسم تفاصيل وجعها حاليا مع أهالينا وأقاربنا؟".

ما تقدم من منغصات شتى، لم تثن بعض الأسر من الاستعداد والفرح بقدوم الشهر الفضيل، حيث تمتلئ الأسواق بالأطفال والنساء والباعة المتجولين الذين يقدمون مختلف الأشياء المتعلقة برمضان من أوان منزلية وبهارات وحلويات ومكسرات وغيرها؛ حيث تجد الكثير من الأسر في التسوق "متنفسًا"، من حالة الكبت التي تعيشها داخل منازلها، جراء الانقطاع المتواصل للكهرباء.

وحول ذلك تقول وديعه ناصر الحربي، من سكان مدينة المنصورة في عدن "عبثًا نحاول التكيف مع واقعنا الحالي رغم صعوبته؛ حيث نجد في الخروج من المنزل والتسوق، واقتناء بعض الحاجات المتعلقة برمضان، فرصة للترويح عن النفس، بعيدًا عن مشاكل الحياة، التي أرهقت قلوبنا وعقولنا وجيوبنا أيضًا".

وتضيف "رؤية الناس وهي تتسابق في شراء كل ما هو متعلق بالشهر الكريم، يعد متنفسًا جميلًا، وبقعة فرح صغيرة وسط مساحة حزن لا حصر لها؛ بدأت بالكهرباء ولم تنته عند الارتفاع الجنوني للأسعار، في استغلال فاضح من بعض التجار للأحوال المضطربة التي تمر بها البلاد عامة، وعدن خاصة".

في سوق عدن الدولي بمدينة الشيخ عثمان، كان الزحام على أشده، ربما لوجود الهواء البارد المنبعث من التكييف (مبرد الهواء)، وهروبًا من حرارة الجو اللافحة، حيث كانت أقسام الأواني المنزلية ومراكز بيع الحلويات والمكسرات تشهد إقبالًا كبيرًا من النسوة والأطفال.

وتقول أشجان أحمد المطري، إحدى رواد السوق، وهي من سكان مديرية "دار سعد" في عدن: "أخذت بعض الأغراض المتعلقة برمضان، لكن الأمر المزعج لنا هو الارتفاع الجنوني للأسعار، جراء الظروف غير الملائمة التي تشهدها عدن حاليًا".

وتستطرد "كأن معاناتنا من الكهرباء وارتفاع أجرة المواصلات وغيرها، غير كافية حتى يتم ذبح ما بقي لدينا من أمل في الحياة، من خلال أسعار البضائع التي تحولت إلى ضعف ما كانت عليه قبل شهر من الآن، وكأنهم عمدا يريدون إفساد فرحتنا برمضان".

وقالت امرأة في العقد السادس من عمرها: "أين سيذهب المسؤولون عنا من عقاب الله، أما يكفي ما نحن فيه من ألم ووجع بفقداننا لأبنائنا وتشريدنا من منازلنا في رمضان الماضي، حتى يعود لنا القهر مرة أخرى في رمضان الحالي بوجه آخر وثوب جديد؟".

لكن محافظ عدن، عيدروس الزبيدي، يطمئن أهالي المدينة بخصوص أزمة الكهرباء ونفاد الوقود، واعدًا إياهم بحلها خلال الأيام القليلة المقبلة.

وقال الزبيدي، في تصريحات لـ الأناضول، إن "السلطة المحلية في عدن سعت، خلال الأيام الماضية، إلى معالجة أزمة انقطاع الكهرباء ونفاد الوقود من خلال التنسيق مع الإخوة في دولة الإمارات، والتي تشرف بشكل مباشر على ملف محافظة عدن والمحافظات المجاورة لها، في إطار الجهود التي تبذلها دول التحالف العربي في اليمن".

وأضاف "تم الاتفاق على أن يتم تزويد عدن بالطاقة الكهربائية المشتراة، وتزويد محطات البترول والديزل بالوقود اللازم خلال أقرب فترة ممكنة".

وفي سياق طمأنته للمواطنين بالمحافظة، لفت المحافظ إلى أن الباخرة "سي جون" رست، أول أمس الخميس، في ميناء الزيت في عدن، وعلى متنها شحنة من وقود ديزل خاصة بتشغيل محطات كهرباء عدن؛ لإنقاذها من حالة الانهيار التام الذي كان يتربص بالمؤسسة الخدمية الكبيرة.

وأكد أن "معالجات كثيرة سيشهدها قطاع الكهرباء قريبًا"، لافتا في هذا الصدد إلى "جهود يبذلها الإخوة في الإمارات وتركيا من أجل وضع حلول عاجلة لمشكلة الكهرباء، من خلال استقدام مولدات كهربائية إسعافية خلال الأيام القليلة القادمة؛ بحيث تتلاشى الأزمة تدريجيًا مع بداية الأيام الأولى لشهر رمضان".

وأوضح أن الإمارات ستتحمل كلفة المولدات الكهربائية التي ستدخل عدن قريبًا، فيما يتولى الجانب التركي مهام التركيب والأعمال الفنية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com