ثغرات في العقوبات تعزز المخاوف من الاتفاق النووي الإيراني
ثغرات في العقوبات تعزز المخاوف من الاتفاق النووي الإيرانيثغرات في العقوبات تعزز المخاوف من الاتفاق النووي الإيراني

ثغرات في العقوبات تعزز المخاوف من الاتفاق النووي الإيراني

واشنطن ـ في إطار تهدئة المخاوف من أن يؤدي الاتفاق النووي التاريخي إلى تعزيز قدرات إيران العسكرية طمأنت إدارة الرئيس باراك أوباما حلفاءها ممن كانت لهم مآخذ على الاتفاق أنها ستواصل تطبيق عقوباتها المشددة الباقية على طهران.

ومع ذلك توضح مراجعة لسجلات قضائية ومقابلات مع اثنين من كبار المسؤولين المكلفين بتنفيذ العقوبات أن ما تابعته الحكومة الأمريكية من انتهاكات لحظر السلاح المفروض منذ مدة طويلة على إيران في العام الأخير أقل كثيرا مما تابعته منها في السنوات الأخيرة.

وقال المسؤولان إن الانخفاض الحاد في عدد القضايا الجديدة لا يعكس تراجعا في محاولات ايران لكسر الحظر بل إن غموض الصورة لدى المحققين والضباط المسؤولين عن تنفيذ الحظر فيما يتعلق بمدى تأثير بنود الاتفاق النووي على القضايا هو الذي جعلهم يمتنعون عن استخدام ما لديهم من موارد شحيحة بنفس الحماسة التي استخدموها بها في السنوات السابقة.

ويثير هذا التراخي في تنفيذ العقوبات تساؤلات حول مدى التشدد في تطبيق حظر السلاح والعقوبات الباقية في المستقبل لأن الاتفاق النووي لم يطبق بعد وبسبب الحساسية التي قد تشعر بها ايران إزاء التشدد في تطبيق العقوبات.

وتبين سجلات قضائية أن المسؤولين عن إنفاذ القانون في الولايات المتحدة وجهوا في السنة المالية 2014-2015 التي انتهت في 30 سبتمبر ايلول الماضي اتهامات جديدة في حالتين فقط ضد متهمين بمحاولة تهريب السلاح وما يرتبط به من تكنولوجيا من الولايات المتحدة إلى ايران.

وكان عدد مثل هذه القضايا ثمانية في السنة المالية 2013-2014.

وفي السنوات الست السابقة على ذلك تراوح عدد القضايا من هذا النوع بين 10 و12 قضية.

وقال أحد المسؤولين الأمريكيين طلب عدم الكشف عن اسمه "حدث انخفاض أرعن ... الحقائق هي الحقائق. وما من تفسير آخر."

وأضاف أن ثمة "تحفظ" في بعض الوكالات ومكاتب المدعين الاتحاديين الأمريكيين على متابعة القضايا لصعوبة جمع الأدلة ولأنها تستهلك وقتا طويلا.

وتابع "وإذا كنا سنقوم بتطبيع الأمور مع ايران قريبا فالناس يتساءلون هل الأمر يستحق ذلك؟"

وينص الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه في يوليو تموز بعد عامين من المفاوضات على أن تفكك إيران جانبا كبيرا من البنية الأساسية النووية مقابل رفع قدر كبير من العقوبات الدولية التي فرضت عليها في السنوات الخمس الماضية.

والعقوبات الأمريكية التي سترفع تمثل في جانب كبير منها إجراءات متعلقة بالصناعة النووية تمنع الدول الأخرى من التعامل مع قطاعي البنوك والنفط في ايران.

أما العقوبات الامريكية التي فرضت بسبب اتهامات لايران بانتهاك حقوق الانسان أو دعم جماعات متشددة فستظل سارية وكذلك ما اتخذ من تدابير لمنع الأشخاص الأمريكيين من إجراء معظم التعاملات التجارية مع ايران.

كما سيرفع حظر فرضته الأمم المتحدة على الأسلحة التقليدية خلال خمس سنوات وحظر من الأمم المتحدة أيضا على الصواريخ البالستية خلال ثماني سنوات.

ومازالت قوانين ولوائح أمريكية متعددة تمنع تصدير سلع وتكنولوجيا أمريكية لايران خاصة كل ما يتعلق بشؤون الدفاع.

ويقول مسؤولون بإدارة أوباما إنهم واصلوا تنفيذ العقوبات بهمة ضد ايران طوال فترة المفاوضات وإنهم مازالوا يفعلون ذلك وسيواصلون تنفيذ العقوبات الباقية بحذافيرها بعد تطبيق الاتفاق النووي.

وقال مارك ريموندي المتحدث باسم وزارة العدل إن الوزارة "تواصل متابعة الدعاوى الجنائية ضد أولئك الذين يسعون للتحايل على العقوبات الأمريكية المفروضة على ايران وغيرها من ضوابط التصدير." وأضاف أن قضايا عديدة منظورة حاليا.

وقال مسؤول كبير بوزارة التجارة إن مكتب تنفيذ قواعد التصدير "مستمر في تنفيذ العقوبات على ايران بكل همة" وإن القضايا المتعلقة بايران تمثل الجانب الأكبر من ملفاته حاليا.

ولم يرد متحدث باسم وحدة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك بوزارة الأمن الوطني على طلب للتعليق على هذا التقرير.

وقالت اليزابيث بوراسا المتحدثة باسم مكتب معلومات الارهاب والاستخبارات المالية بوزارة الخزانة إن الوزارة طبقت العقوبات بوتيرة واحدة منذ إعلان التوصل إلى الاتفاق مع ايران في ابريل نيسان مثلما فعلت في السنة ونصف السنة السابقة.

وينفذ مكتب الرقابة على الممتلكات الأجنبية (أوفاك) التابع لوزارة الخزانة مجموعة متنوعة من العقوبات التي لا تتعلق بالانتشار النووي وتشمل تدابير مالية ونفطية وتدابير تتعلق بالارهاب.

وقالت بوراسا "منذ بداية فترة التفاوض فرض مكتب أوفاك عقوبات على أكثر من 100 فرد وكيان لهم صلة بايران واستكمل أكثر من 20 عملية إنفاذ للقانون ترتبط بايران وقام بتقييم غرامات تصل قيمتها إلى نحو 525 مليون دولار تقريبا عن انتهاكات لعقوبات مرتبطة بايران."

انتهاكات

تبين وثائق قضائية إن أفرادا حاولوا في السنوات العشر الأخيرة تصدير سلع أمريكية مختلفة لها تطبيقات عسكرية إلى ايران مثل أجزاء الطائرات وأجهزة الرؤية الليلية ومخارط أفقية تستخدم في صنع الصلب عالي الجودة.

وفي إحدى القضايا في السنة المالية الأخيرة اتهم مسؤولون أمريكيون عددا من أفراد ما وصفوها بأنها "شبكة مشتريات ايرانية" بتصدير سلع قيمتها 24 مليون دولار إلى ايران بالمخالفة للقوانين ومنها أجهزة الكترونية متطورة أمريكية المنشأ.

وفي قضية أخرى اتهم رجل من أوكلاهوما سيتي في أكتوبر تشرين الأول 2014 بتهريب مظاريف طلقات سلاح ناري إلى ايران.

وقال المسؤول الثاني عن انفاذ القانون إنه مع اقتراب التوصل لاتفاق مع ايران في العام الأخير كان الضباط والمحققون القائمون على تنفيذ العقوبات يتابعون الوضع عن كثب ويدرسون بكل حرص ما إذا كان فتح تحقيقات جديدة يستحق العناء.

وأضاف المسؤول إن قضايا حظر السلاح المفروض على ايران يمكن أن تكون شديدة التعقيد والتخصص وتستهلك وقتا طويلا كما أنها في بعض الأحيان تتطلب عمليات سرية شديدة المخاطر.

وتابع المسؤول الذي طلب الحفاظ على سرية هويته إن بعض المحققين والضباط يخشون استثمار سنوات وأموال في قضايا قد تصبح فجأة جدلية.

وقال "لم يوزع أحد مذكرة تقول: لا تعملوا في هذه القضايا، فلا أحد بمثل هذا الغباء. لكن مع اقتراب هذا الاتفاق أصبح كل شيء معلقا في الهواء وكان الكل يتطلع إلى التوجيه."

كذلك ثمة مؤشرات على أن مسؤولين في إدارة أوباما كانوا يشعرون بالقلق حول مدى تأثير تنفيذ العقوبات على سير المحادثات خلال الصيف مع بلوغ المفاوضات نقطة حرجة.

وأظهرت رسالة بالبريد الالكتروني مؤرخة في يونيو/ حزيران الماضي واطلعت عليها أن مسؤولا بوزارة الخارجية اتصل بمسؤول من إدارة الخدمات المالية في نيويورك مبديا انزعاجه من تحقيق يتعلق بايران.

وكتب المسؤول الذي كان اسمه واضحا في الرسالة يقول "أي تصرفات تتخذ فيما يتصل بانتهاكات العقوبات المتعلقة بايران قد يكون لها آثار خطيرة على المفاوضات الجارية وأهداف السياسة الخارجية الأمريكية."

وقال النائب الجمهوري باتريك ميهان الذي يعارض الاتفاق النووي وهو مدع عام اتحادي سابق إن تراجع القضايا والرسالة التي كتبها مسؤول بوزارة الخزانة تشير إلى أن إدارة أوباما خففت العقوبات لحماية المفاوضات.

وقال "كان من المفروض أن تكون هناك مؤشرات واضحة من الادارة على أنه لا انقطاع (في تطبيق العقوبات) وأن القانون واضح لا لبس فيه."

وميهان هو صاحب مشروع قانون يمنع تخفيف العقوبات على ايران إلى أن تدفع تعويضات لضحايا هجمات تمت بدعم ايراني وهو ما دفع البيت الابيض إلى إعلان أن أوباما سيستخدم حق النقض (الفيتو) لمنع أي تشريع يحول دون تطبيق الاتفاق.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com