صنعاء تستنفر لمواجهة "القاعدة"
صنعاء تستنفر لمواجهة "القاعدة"صنعاء تستنفر لمواجهة "القاعدة"

صنعاء تستنفر لمواجهة "القاعدة"

هجمات تستهدف القصر الرئاسي والبعثات الدبلوماسية تحصّن مقراتها

يحفل المشهد السياسي اليمني بالكثير من الالتباسات والالغاز، ورغم ما بدا من انتقال سلس للسلطة من علي عبد الله صالح إلى عبد ربه منصور هادي، قبل نحو ثلاث سنوات، فإن ذلك لم يسهم في ترتيب أوضاع اليمن الذي يوصف بـ "السعيد".

وفي موازاة تعقيدات المشهد السياسي، يطل الوضع الأمني كأحد أبرز التحديات التي تواجه السلطات، واذا ما أراد المرء أن يحصي التيارات المتناحرة في هذا البلد فسيعثر على عدد كبير من القوى المتنفذة والميليشيات المسلحة والحركات القبلية ونشطاء الثورة، ناهيك عن المتشددين الاسلاميين الذين ينتمون للقاعدة، وكل هذه التيارات تعمل وفقا لأجندات خاصة تذهب بالبلاد إلى الفوضى والاضطرابات التي لا تنتهي.

ولا تقتصر تعقيدات المشهد على الداخل اليمني فحسب، بل تمتد علاقة هذه الأحزاب والحركات المحلية الى الحلفاء الاقليميين الذين يدعمون هذا الطرف أو ذاك وفقا لمصالحهم، وتبدو الدولة اليمنية حيال ذلك بين خيارات محدودة وأحيانا متناقضة، خصوصا وأنها دولة فقيرة الموارد ولا تستطيع أن تتصرف باستقلالية، بل وفق حسابات دقيقة.

وليس هناك خاسر وسط هذه المعادلة الصعبة سوى الشعب اليمني الذي يجد نفسه في بؤرة الصراعات التي تدار من خارج الحدود وتمول من قبل دول إقليمية قريبة أو بعيدة تظهر حرصها على استقرار البلاد، بيد أنها تمضي، في الخفاء، نحو تأجيج الصراع.

ضمن هذه الأوضاع المضطربة قرر الجيش اليمني القيام بأكبر حملة أمنية لاستئصال الإرهاب والقضاء على المجموعات المتشددة التي لا تأبه بسلطة الدولة، ولا تخضع لاية قوانين أو ضوابط.

ويقوم الجيش بأكبر حملة منسقة منذ حوالي عامين على تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذي تراه واشنطن أحد أقوى أجنحة التنظيم. وألقي باللوم على التنظيم في هجمات قاتلة على قوات الأمن والأجانب ومنشآت النفط والغاز.

وتأتي الحملة بعد سلسلة من غارات الطائرات بدون طيار ضد القاعدة في أبريل/ نيسان قالت الحكومة إنها أدت إلى مقتل 55 متشددا على الأقل.

استنفار أمني في صنعاء

في السياق ذاته، تشهد العاصمة اليمنية استنفاراً أمنياً لمواجهة أي اعتداءات مُحتملة ينفّذها تنظيم "القاعدة"، غداة استهداف حراسة دار الرئاسة، ومحاولة اغتيال وزير الدفاع، فيما يشهد الجنوب هدوءاً حذراً في اليوم الثاني عشر على بدء الجيش الحملة البرية ضد المتطرفين.

وأكد بيان لوزارة الداخلية أن قوات الأمن "اتخذت عدداً من الإجراءات والتدابير الاحترازية في مناطق الحزام الأمني المحيطة بأمانة العاصمة صنعاء وداخلها تحسبّاً لأي أعمال إرهابية".

وذكر البيان أن القوى الأمنية "قامت بتكثيف تواجد الخدمات الميدانية وحواجز التفتيش والنقاط الأمنية، ومضاعفة أعداد الجنود المكلفين بحماية المرافق الحكومية والمنشآت الحيوية، مع إيلاء اهتمام خاص لحماية المصالح الأجنبية ومقرات السفارات وأماكن سكن الديبلوماسيين".

وشدّدت الوزارة على أنها "تعمل ليل نهار وعلى مدار الساعة لضبط أي تحركات مشبوهة حفاظاً على أمن العاصمة".

استهداف القصر الرئاسي

وكان متشددون يشتبه أنهم مرتبطون بتنظيم القاعدة هاجموا، الجمعة، القصر الرئاسي في العاصمة صنعاء، وحاولوا، في حادثة منفصلة، اغتيال وزير الدفاع في سيارته.

واختار المتشددون هدفا كبيرا لهجماتهم في رد انتقامي على ما يبدو على أكبر حملة يشنها الجيش ضد المتشددين خلال ما يقرب من عامين.

وقال مصدر أمني إن أربعة جنود يمنيين قتلوا في تبادل لإطلاق النار مع متشددين امتد لساعة تقريبا عندما هاجم متشددون البوابة الرئيسية لقصر الرئاسة في العاصمة صنعاء.

وأصيبت المدينة بشلل بعد المعركة وأقيمت نقاط تفتيش عند المداخل الرئيسية للعاصمة.

ونشرت وكالة الأنباء اليمنية "سبأ" بيانا مقتضبا جاء فيه أن ثلاثة من رجال الأمن قتلوا حين هاجمت "جماعة إرهابية" سيارة الدورية التي كانت تقلهم.

وفي الجنوب نجا وزير الدفاع اللواء محمد ناصر أحمد من محاولة اغتيال نفذها مسلحون يشتبه أنهم من تنظيم القاعدة هاجموا موكبه الذي كان يرافقه فيه عدد من كبار مسؤولي الأمن في محافظة شبوة.

وقال موقع وزارة الدفاع في وقت لاحق إن الطلقات التي سمعت قرب موكب احمد أطلقت للاحتفال.

وجاءت أعمال العنف بعد عدد من الأيام الحافلة بالأحداث بالنسبة لليمن وحلفائه الغربيين.

وتعتبر واشنطن اليمن واحدا من ساحات القتال الرئيسية في حملتها الدولية على المتشددين الإسلاميين .

وقتل موظف أمن فرنسي يعمل لصالح الاتحاد الأوروبي بالرصاص في العاصمة الاثنين. وصعدت قوات الأمن هجماتها على متشددين مشتبه بهم في أنحاء العاصمة يوم الأربعاء وقتلت رجلا قالت إنه المسؤول عن قتل الفرنسي وعن عدد من الهجمات الأخرى ضد الغربيين.

وأغلقت السفارة الأمريكية في صنعاء أبوابها أمام الجمهور مشيرة إلى الهجمات التي استهدفت المصالح الغربية في اليمن مؤخرا.

كوماندوس أمريكي في العاصمة

في هذه الأثناء، ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أمس الجمعة إنه منذ أسبوعين قام عنصر من كوماندوس العمليات الخاصة الأمريكية وضابط بجهاز المخابرات الأمريكية بقتل مدنيين يمنيين إثنين مسلحين بعد محاولتهما خطفهم في متجر للحلاقة في صنعاء.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين كبيرين قولهما إنه تم نقل الأمريكيين الإثنين بسرعة خارج اليمن بعد أيام فقط من إطلاق النار بموافقة الحكومة اليمنية.

وقال مصدر أمني رسمي الجمعة إن قوات الأمن اليمنية ألقت القبض على فرنسيين يعتقد أنهما عضوان في خلية تابعة لتنظيم القاعدة باليمن.

وأكدت باريس أن اثنين من رعاياها اعتقلا.

البعثات الدبلوماسية تتحصن

إلى ذلك، شددت البعثات الدبلوماسية الغربية إجراءاتها الأمنية بعد هجمات جريئة شنها تنظيم القاعدة على الأجانب رغم تكبد مقاتليه خسائر في حملة للجيش في جنوب البلاد.

وبعدما أعلنت الولايات المتحدة تعليق العمل في سفارتها قال الاتحاد الأوروبي وفرنسا إن الاتحاد قلص وجوده في اليمن ليقتصر على الموظفين الأساسيين وإن فرنسا قيدت حركة دبلوماسييها.

وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية إن المستوى الأمني في اليمن عند حده الأقصى.

وزارة الخارجية البريطانية، بدورها، اصدرت تحذيرا جديدا من السفر ونصحت بعدم السفر إلى اليمن ودعت مواطنيها إلى مغادرة البلاد.

وأعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر تقليل بعثتها في صنعاء التي وصفت الأوضاع الأمنية فيها بأنها "مقلقة للغاية ولا يمكن التنبؤ بها."

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com