القمة الخليجية الأمريكية.. نحو نظام إقليمي جديد
القمة الخليجية الأمريكية.. نحو نظام إقليمي جديدالقمة الخليجية الأمريكية.. نحو نظام إقليمي جديد

القمة الخليجية الأمريكية.. نحو نظام إقليمي جديد

تتوجه الأنظار إلى منتجع كامب ديفيد الأمريكي الذي سيستضيف في 13 الشهر الجاري قمة أمريكية خليجية تعقد وسط تحديات تعصف بمنطقة الشرق الأوسط.

وجاء الإعلان عن القمة المنتظرة بعد توصل إيران والغرب إلى توقيع اتفاق مبدئي حول برنامج إيران النووي مطلع إبريل الماضي، والذي سيخرج بصيغته النهائية نهاية يونيو المقبل.

وتسبق القمة في أمريكا، والتي تأتي في ظل استمرار الصراع في اليمن، قمة خليجية في العاصمة السعودية الرياض في الخامس من الشهر الجاري، للاتفاق والتنسيق بشأن ما سيطرح بين قادة الخليج والرئيس الأمريكي باراك أوباما.

وبالنظر الى توقيت قمة أمريكا، فإن مراقبون يرون أن أبرز ما ستناقشه القمة المقبلة هي مخاوف الدول الخليجية من الاتفاق النووي مع إيران، وسبل تعزيز التعاون على الصعيد الأمني، إلى جانب الحملة العسكرية لدول التحالف العربي على الحوثيين في اليمن.

ومن المتوقع أن يطلع أوباما قادة الخليج على تفاصيل الاتفاق مع إيران وسيؤكد لهم أن توقيع هذا الاتفاق سيسهم في جعل المنطقة أكثر أمنا واستقرارا، لأن الصفقة تزيل تهديد إيران النووي.

وترى مصادر خليجية أن اللقاء سيكون بداية لتشكيل نظام إقليمي جديد يواجه التحديات ويحدد الأولويات التي تتغير باستمرار في منطقة تنوء تحت ثقل ملفات معقدة من أفغانستان إلى إيران فالعراق وسوريا ولبنان مرورا باليمن وليس انتهاء بليبيا.

وتعبر القمة من زاوية أخرى عن الاهتمام الأمريكي بالعالم العربي وبالخليج، إذ أعرب الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن حرص بلاده على حلفائها في المنطقة، وضمان أمن تلك الدول الحليفة.

بهذا المعنى، فان اللقاء سيسعى الى تبديد الانطباع القائل إن الاتفاق النووي جاء على حساب الصداقة التاريخية بين واشنطن ودول الخليج التي ستتلقى تأكيدات أن الصفقة النووية تفرض تقييدًا واضحًا على برنامج إيران النووي.

ويرى خبراء ان التصور الأمريكي لمرحلة ما بعد الاتفاق النووي يكمن في خطة أمريكية ـ غربية ستعمل على تحويل إيران، عبر آليات ناعمة، إلى بلد أكثر تكيفا وانضباطا في الإقليم.

ورغم الضمانات الأمريكية التي سيشرحها ويقدمها أوباما لضيوفه، غير أن الحديث عن إيران كشريك في معالجة أزمات المنطقة سيكون مثيرا للاستياء.

ولعل من أكثر الانتقادات التي توجه للاتفاق النووي المنتظر هو ان واشنطن تسعى الى عزل الملف النووي الإيراني عن سلوك طهران السياسي، وهو ما يهدد نجاح الاتفاق المنتظر، فالسياسات الإيرانية الهادفة الى بسط نفوذها في المنطقة هي التي تزعج الخليج ربما أكثر من البرنامج النووي.

وكانت الرياض أعربت مرارا عن رفضها لأي دور إيراني في الملف اليمني، باعتبار اليمن دولة عربية ولا يحق لإيران التدخل في شؤونه، كما اعترضت على هذا الدور في كل من سوريا والعراق.

وتناغمت واشنطن مع هذا التصور عندما قال أوباما إن على العرب حل مشكلة سورية ومواجهة نظام الأسد، وأردف، بعد أيام، أن في وسع العرب المساهمة في حل الأزمة في ليبيا، وهو أمر يتعدى الطلب إلى إعطاء شرعية للتحرك ضمن الإقليم، ولتعزيز هذا التوجه، أيدت الإدارة الأمريكية "عاصفة الحزم" على أكثر من مستوى.

ويعكف مسؤولون أمريكيون من وزارة الخارجية والدفاع إلى جانب مسؤولين في البيت الأبيض على مناقشة كل القضايا المتعلقة بالحلفاء العرب ومنها مهمات عسكرية تدريبية مشتركة بين الجيوش العربية والولايات المتحدة إضافة الى صفقات بيع أسلحة إضافية، وحتى اتفاق دفاعي مرن قد يلمح الى أن الولايات المتحدة ستدعم حلفاءها إذا تعرضوا لهجوم من إيران، وفقا لتقرير نشرته "نيويورك تايمز".

ونفى مسؤول في الإدارة الأمريكية إمكانية التوقيع على اتفاق دفاعي مع السعودية والإمارات وقطر لأن ذلك سيتطلب مصادقة من الكونغرس الأمريكي، ويتوقع أن يواجه هناك معارضة أعضاء في مجلس الشيوخ يؤيدون إسرائيل، خصوصا وأن ذلك من شأنه أن يهدد تفوقها العسكري في الشرق الأوسط.

وأشارت مصادر إلى أن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري سيجتمع مع وزراء الخارجية العرب بعد أيام، من أجل الإعداد لقمة كامب ديفيد، وسيطرح حزمة من العروض التي قد تقدمها الولايات المتحدة للدول العربية، لكن تلك الحزمة إذا لم ترض الحلفاء الخليجيين، فإنها قد تدفع السعودية لتخفيض مستوى تمثيلها في هذه القمة، وحتى إرسال ولي العهد الأمير محمد بن نايف، لحضور القمة بدلًا من العاهل السعودي ما قد يعتبر إهانة للإدارة الأمريكية.

من جانبها اعتبرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن التغييرات الجديدة على قيادة المملكة العربية السعودية تشير الى تغيير في السياسة الخارجية السعودية والى حزم أكبر.

ورأت الصحيفة أن تعيين الأمير محمد بن نايف وليا للعهد والأمير محمد بن سلمان وليا لولي العهد وتقديم الجيل الأصغر من الأمراء لقيادة المملكة قد يعني سياسة خارجية سعودية أكثر حزما وحسما حيال مختلف الملفات الإقليمية.

ويرى مراقبون أن أهمية التغييرات في السعودية تكمن في أنها "تؤسس لنهج جديد في التعاطي مع متطلبات الحكم يقوم على قاعدة تكييف الأسرة الحاكمة وتطوير دورها لتصبح على مقاس الدولة والتحديات التي تواجهها، لا أن تكون الدولة محكومة بمقاس الأسرة ورهينة بالتوازنات والحسابات والحساسيات التي تحكمها".

ووفقا لهذا التحليل، فإن ثمة نظاما إقليميا جديدا يتشكل بالتدريج، تقوده السعودية، وقد تظهر ملامحه على نحو أوضح بعد قمة كامب ديفيد المرتقبة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com