اليمن.. سخط جنوبي من الإعلام الحوثي
اليمن.. سخط جنوبي من الإعلام الحوثياليمن.. سخط جنوبي من الإعلام الحوثي

اليمن.. سخط جنوبي من الإعلام الحوثي

بعد أن سيطرت جماعة الحوثيين (أنصار الله) على أجزاء واسعة من اليمن، ومكّنت قبضتها من الاستيلاء على السلطة ودفعت الرئيس اليمني ورئيس حكومته إلى الاستقالة، تغيّر الخطاب الإعلامي للجماعة تجاه الجنوب، ليتحوّل إلى خطاب "مزوّر لمطالب الجنوبيين" ومستفزّ لهم، بشكل يناقض لغة الإعلام الحوثي الذي كان يخطب ودّ الجنوب ويؤكد على حقه المشروع في المطالبة بالانفصال عن شمال اليمن.

ودأب الإعلام الحوثي قبل تحوّله الأخير، على التأكيد على عدالة القضية الجنوبية وتعرّض الجنوب لمظالم متعددة من قبل نظام الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح، وأحقية الجنوبيين في اختيار مصيرهم حتى وإن كان الانفصال؛ مستعرضاً على قناته التلفزيونية وصحفه الورقية، الانتهاكات التي يتعرّض لها الجنوبيون من قبل القوات الأمنية الحكومية وعمليات الإقصاء والتهميش التي تعاني منها كوادرهم القيادية.

وإبان انعقاد جلسات مؤتمر الحوار الوطني، شهدت علاقة الحوثيين بالحراك الجنوبي المشارك في المؤتمر، تقارباً محدوداً، بعد الرؤية التي قدّمها الحوثيون لمعالجة القضية الجنوبية عبر إقامة نظام فيدرالي في اليمن مكوّن من إقليمين لفترة انتقالية لا تتعدى أربع سنوات يتم بعدها منح الجنوبيين حق تقرير مصيرهم، ليتماشى ذلك مع الخطاب الإعلامي للجماعة تجاه الجنوبيين، وهو ما رآه بعض الجنوبيين الموقف الأكثر اعتدالاً بين القوى السياسية في شمال اليمن فيما يتعلق بقضية الجنوب، لكن ذلك التقارب لم يدم طويلاً، وسرعان ما تراجع الحوثيون في خطابهم الإعلامي، ورؤيتهم لشكل الدولة اليمنية الجديدة، بعد أن وسعوا نفوذهم الميداني وتصدروا المشهد السياسي في البلاد.

وباتت وسائل إعلام الحوثيين وإعلامييهم في الآونة الأخيرة، تتحدث كثيراً بأن الانفصال ليس حقاً للجنوبيين وحدهم، بل شأناً يخص اليمن بأسره، بينما يواصلون بثّ الأخبار عن تواجد لـ "التكفيريين والدواعش" في المحافظات الجنوبية، واستنجاد الجنوبيين بالحوثيين لتخليصهم من "بطش" اللجان الشعبية (الموالية للرئيس المستقيل عبدربه منصور هادي) والمسيطرة على محافظة عدن، في حين تحتضن قناة المسيرة التابعة لهم ضيوفاً مجهولين تعرّفهم على أنهم قيادات في الحراك الجنوبي ورؤساء منظمات مدنية جنوبية، ليعلنوا تأييدهم للخطوات السياسية للحوثيين.

وأثار هذا التناول الإعلامي سخط الشارع الجنوبي ويصفه البعض بالإعلام المزيف، حيث يقول الناشط السياسي في الحراك الجنوبي باسم محمد لـ"إرم" إن لغة الإعلام الحوثي تحوّلت إلى لغة استقواء وفرض وإجبار بعد إطاحتها بالرئيس هادي، وإن قناتهم التلفزيونية تمارس الكذب والتدليس والتضليل، وتقترف جريمة بحق الوعي، وتزييفاً لا يصدقه عاقل، عبر استضافة شخصيات غير معروفة لتتحدث عن الجنوب بشكل مزر ومبتذل.

ويرى الكاتب والصحافي فؤاد مسعد، أن "إعلام كل جهة هو صوتها وانعكاس صورتها، وبالتالي فإن إعلام الحوثيين نسخة من خطابات زعيمهم عبدالملك الحوثي، وقد تنكّرت الجماعة وزعيمها للجنوب، وبدأت تتحدث عنه بلغة لم تكن مألوفة، إذ صار الجنوب في نظرهم خطراً يحتوي على داعش والقاعدة، والقاعدي عندهم هو من يرفض الانقياد لأوامرهم".

وقال مسعد في حديثه لـ"إرم" إن الكثير من قيادات الجماعة يتحدث مؤخراً عن "ضرورة اجتياح الجنوب من أجل محاربة القاعدة وداعش، وصار إعلامهم يتحدث تلميحا وتصريحا عن وجود مسلحي القاعدة في الجنوب، وعن تهديد محتمل يكمن في المناطق الجنوبية، ويجب التصدي له، ومن عادة الحوثي وإعلامه أنهم حينما يتهمون منطقة بوجود عناصر القاعدة فيها فهذا يعني أنها أصبحت هدفا لهم، والأدلة كثيرة تبدأ شمالا من دماج صعدة ولا تنتهي برداع البيضاء المجاورة للجنوب".

وأشار إلى أن إيران وتوابعها الإعلامية العربية المؤيدة للحوثيين باتت تتحدث مؤخراً عن وصول قيادات من "داعش" إلى مناطق الجنوب، كما أوردت ذلك قناة الميادين الفضائية، وهذا ليس من فراغ فهو جزء من منظومة أهداف إيران التي تحرك أذرعها الإعلامية والمسلحة صوب هدف واحد، وهو شيطنة الجنوب واعتباره هدفا مشروعا للحرب القادمة للحوثيين بحجة محاربة الإرهاب.

وحول تناقض مواقف جماعة الحوثيين تجاه الجنوب، يعتقد رئيس مركز مسارات للاستراتيجيا والإعلام، باسم فضل الشعبي، أن الرؤية الواضحة "لدى أنصار الله (الحوثيين) حول معالجة القضية الجنوبية لم تتبلور حتى الآن، خصوصا بعد سيطرتهم على العاصمة صنعاء في أيلول/سبتمبر الماضي، على الرغم من رؤيتهم المقدمة لمؤتمر الحوار الوطني التي انقلبوا عليها مؤخراً، وقد تحدثوا عن تأجيل الحديث عن الفيدرالية لخمس سنوات مقبلة والاستعاضة عن ذلك بمشروع الحكم المحلي كامل الصلاحيات، وهو مشروع طرحه الرئيس السابق علي عبدالله صالح في 2010 ولم يتم تنفيذه بسبب الوضع الشكلي والصوري الذي تعاني منه المجالس المحلية".

وقال الشعيبي في حديثه لـ"إرم" إن الحكم المحلي واسع الصلاحيات قد تم تجاوزه قبل أربع سنوات، وبطرح الحوثيين لهذا المشروع يبدون تناقضاً كبيراً في خطابهم تجاه القضية الجنوبية، خصوصاً وهم يطرحون أيضاً موضوع تقاسم السلطة مع الجنوبيين.

مضيفاً: "نحن لا ندري هل سيتم تقاسم السلطة مع الجنوبيين بناء على ما أقره مؤتمر الحوار، أم أن ثمّة صيغة أخرى للتقاسم سيضعها الحوثيون للجنوبيين، ثم يتحدثون عن دولة اتحادية دون تحديد الأقاليم، وهذا أيضا يعتبر نوعا من المراوغة، وهو أمر يجعل المتابع يستخلص أن الحوثيين قد ينقلبوا على مشروع الفيدرالية وعدم القبول به".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com