هل يكون العام 2015 عام حسم مصير اليمن؟
هل يكون العام 2015 عام حسم مصير اليمن؟هل يكون العام 2015 عام حسم مصير اليمن؟

هل يكون العام 2015 عام حسم مصير اليمن؟

عبدالرحمن الأشول

سؤال لا بد من طرحه أمام استمرار ارتباط الأزمة اليمنية بأزمات المنطقة، ودخول اليمن في لعبة التجاذبات الدولية والاقليمية، وهيمنة الخارج على قرارات القوى السياسية في الداخل ، واستمرار التوترات السلمية واللاسلمية.



وأمام استمرار اليمن أزمة مفتوحة وورقة مساومة تتقاذفها الأطراف الخارجية، فبدلا من الدفع باتجاه الوفاق، انتقلت اليمن إلى الحوار المسلح، لينتج عنه المزيد من التشرذم والانقسام، أما السلم والشراكة فتوقف عند حدود الأقوال فعودة الرئيس هادي إلى السلطة عودة للماضي، ولن تنهي التوتر الحاصل، فالحكومة المستقيلة كانت تُحكَم ولا تَحكُم، وانتقال مهام رئيس الجمهورية لرئيس مجلس النواب وهو إجراء دستوري إلا أن بعض القوى السياسية تطعن في شرعية مجلس النواب وتعتبر انتقال السلطة لمجلس النواب يعد التفافاً من نظام صالح لاستعادة الحكم, ويدفع مكون أنصار الله باتجاه تشكيل مجلس انتقالي وهو ما رفضته كافة القوى السياسية.


أما حزب الإصلاح فيتحفظ على عودة هادي للرئاسة ويرفض المشاركة في قرار تشكيل مجلس رئاسي, ويرى بأن وضع مجلس النواب في اللادولة لا يخوله لتكوين نظام جديد..

ولعل الأصداء التي ترددت عن عزم الملك السعودي الجديد على التعامل مع أزمة المنطقة بسياسة مختلفة عن سلفه مستفيدا من الأخطاء السابقة جعلت حزب الإصلاح يعمل على تجميد الأزمة مراهناً على حل شامل يأتي من الجوار لحسم الأوضاع رغم عدم وضوح أي بوادر خارجية لحل الأزمة.


وكأن قدر اليمن أن يستمر في العيش في برزخ بين المجهول والماضي بكل تراكماته، وهذه الحالة أخطر من كل الاحتمالات السيئة.


عند هذا المفترق لا بد من مطالعة أحداث الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام 2014, فربما كان في طياتها ما يجب الاستفادة منه.


بعد انقضاء 46 يوما على تقديم محمد سالم باسندوة استقالته, تم تشكيل حكومة بحاح بتفويض من القوى السياسية للرئيس هادي ورئيس الوزراء المستقيل خالد محفوظ بحاح, التي اعتبرها الشعب حكومة إنقاذ وطني, وعلق اليمنيون آمالهم عليها, ولكن يبدو أن وزراء بحاح كانوا نرجسيون إلى درجة أعمتهم عن رؤية الواقع السياسي والأمني للبلد, فأطلق بحاح تسمية عام التعليم على العام 2015, وهو شعار غير واقعي, وكان عليه أن يركز على الوضع الأمني, و إخراج اليمن من هذه المرحلة البرزخية إلى منطقة آمنة عبر تبني جملة من المواقف الإنقاذية, بالتشاور والتنسيق مع كل القوى الفاعلة, وحل جميع الإشكالات أولاً بأول, وإطلاع الشعب من خلال مؤتمرات صحفية عن ما قدمته الحكومة وما طرحته من حلول أمام القوى السياسية, فإن عجزت نشرت بيانا للشعب عن الجهة التي أعاقت عمل الحكومة, بوضوح وشفافية, أو تقدم استقالتها في حينه.


وحين منحت الحكومة الثقة من مجلس النواب, فقد كان المأمول منها تجديد ثقة الحكومة باليمن أرضاً وسيادة وشعباً, من أجل اكتساب ثقة الشعب اليمني, في هذا الإطار لا بد من القول بأن الثقة المطلوبة لأي حكومة ليست ثقة البرلمان, ولا ثقة النظام, ولا ثقة المجتمع الدولي, لأن الثقة الوحيدة التي تؤمن الإنقاذ وتؤمن ردع اللاعبين بمصير الوطن وهي الثقة الوحيدة التي يجب الدفع باتجاهها هي الثقة بين اليمنيين أنفسهم.


وبدا أداء الحكومة رديئا للغاية وقراراتها محكوم بموافقة ما يسمى باللجان الثورية التابعة للحوثي, أما الرئيس هادي فشهدت مرحلة حكمه حالة من التخبط والعشوائية واستنزاف المال العام والعبث و الفساد, بمشاركة القوى السياسية, ليواجه سخطاً شعبياً عارما انتهى بسقوط مكن حركة انصار الله من استغلال تلك الحالة لتحقيق مكاسب سياسية, فعمد إلى استغلال تلك الحالة لإقصاء شركاء الأمس, فعمد إلى تغيير حكومي مفاجئ دون أخذ المشورة من شركائه, وكأنما كان ينتظر ما يبرر فعله, فأطاح بالوزراء المحسوبين على المجلس الوطني, ومع تصعيد الحوثي ومحاصرة صنعاء لم يقدم الرئيس هادي أي حلول لمواجهة ثورة انصار الله, وسد الذرائع بل استغل تلك الحالة لإسقاط رئيس الوزراء محمد سالم باسندوة محملاً له كامل المسؤولية.


ومما ساعد في سرعة انهيار الدولة ودفع بهذا الاتجاه هو رئيس الدولة نفسه, حين اعتقد أن بامكانه اتخاذ حركة انصار الله مطية لتحقيق مكاسب شخصية وساهم في التخلص من شركاء الأمس, وعمد على تحييد بعض الوحدات العسكرية وإضعاف بعضها, فكانت النتيجة أن أفراد الجيش باتوا يشعرون بأنهم غنم شارد لا قائد لهم, وركن إلى العصا الدولية وإلى قرار مجلس الأمن بشأن المعرقلين للعملية السياسية في اليمن. إلا أنه ما لبث أن لاقى نفس مصير سابقيه, ليجد نفسه محاصراً بقصره بعد استسلام كتائب الحماية الرئاسية ليقدم أو يجبر على تقديم استقالته من رئاسة البلاد.


عودة هادي لن تغير في مجرى الأحداث, وستبقي المسألة اليمنية على حالها, وتصبح البلاد عرضة أكثر من قبل لسيطرة الحوثيين السياسية والعسكرية والاقتصادية, كسلطة أمر واقع, فعندما نُشرت إشاعات عن عدول هادي عن استقالته, كشفت تلك الأخبار عن عمق القلق الذي يساور اليمنيين على مصيرهم ومصير وطنهم.


أيا كانت الأسباب والدوافع لتجميد الأوضاع الحالية يبقى اللاحل أمراً يهدد مستقبل اليمن, كما أن اجتهاد الحوثي لتشكيل مجلس رئاسي نتيجة هذه التناقضات في المواقف خطوة ستفاقم الأوضاع ولن تحقق الاستقرار السياسي والأمني.


وما يجب أن يدركه الجميع أن اليمن بحاجة إلى عملية إحياء عاجلة, وعملية الإحياء هذه تتطلب عقد اتفاق بين جميع المكونات السياسية ينهي الوجود المسلح على الأقل في العاصمة, ثم المضي في سياق إنقاذي و التوافق على تشكيل مجلس رئاسي وحكومة وحدة وطنية جديدة محدودة الصلاحيات, مكونة من كافة القوى السياسية بلا استثناء بمن فيهم انصار الله, بحيث يعمل الجميع على إنجاح مهمتها المقتصرة على اعادة سيادة الدولة واعادة الاعتبار للجيش, ومنحه كافة صلاحيات فرض الأمن داخل العاصمة على الأقل, والتحضير لانتخابات برلمانية ورئاسية.


على رغم ما لخطوة استعادة الدولة من أهمية ضرورية حتى لا يبقى الوطن أسير الفراغ السياسي فإن الحل يبقى بعيداً في ظل نخبة سياسية تعمل على تحريك الأحداث باتجاه مصالحها الضيقة ولا تقيم لمصالح المواطن وزنا.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com