ما دلالات سيطرة "الانتقالي الجنوبي" على عدن بهذه السرعة؟
ما دلالات سيطرة "الانتقالي الجنوبي" على عدن بهذه السرعة؟ما دلالات سيطرة "الانتقالي الجنوبي" على عدن بهذه السرعة؟

ما دلالات سيطرة "الانتقالي الجنوبي" على عدن بهذه السرعة؟

عندما أعلن نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي هاني بن بريك، يوم الأربعاء الماضي ”النفير العام“، ضد ألوية الحماية الرئاسية في منطقة معاشيق بعدن، لم يكن أحد يتوقع أن تحسم القوات الجنوبية الأمور بهذه السرعة، فأربعة أيام فقط كانت كافية لتعلن قوات المجلس الانتقالي الجنوبي أنها حسمت الاشتباكات المسلحة الدائرة في عدن، وبسطت سيطرتها الكاملة على المدينة.

فبعد سقوط كافة المعسكرات التابعة لألوية الحماية الرئاسية في عدن، وأهمها معسكرات "بدر" واللواءان الثالث والرابع في قبضة قوات المقاومة الجنوبية، بات المجلس الانتقالي الجنوبي متصدرًا للمشهد في مدينة كانت تتخذها الحكومة الشرعية مقرًا لها، فكيف نجح الانتقالي الجنوبي في حسم الأمور بهذه السرعة؟ وما دلالات الانشقاقات في صفوف الشرعية ومسارعة قادة المناطق والوحدات العسكرية للانضمام إلى أصحاب الحسم؟

التطورات الأخيرة في عدن، وإن انتهت بترجيح كفة المجلس الانتقالي الجنوبي، فإنها أظهرت الانتقالي الجنوبي كقوة مؤثرة لم تقم لها الحكومة وزنًا، وكانت تتعامل مع المجلس كما لو كان سحابة صيف يتوقع زوالها في أي لحظة.

رسائل الانتصار

لكن جولة الصراع هذه التي وضعت أوزارها مساء اليوم أو تكاد، أفرزت معادلة جديدة قوامها قوة مسيطرة على الأرض، تتحرك ضمن إحداثيات حاضنة شعبية عريضة ومؤمنة بقادة المجلس الانتقالي، الذين نجحوا في تحريك الضمير الجمعي وأحيوا آمال الجنوبيين بانفصال عن الشمال يعيد أمجاد ما كان يعرف ذات يوم بـ"جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية"، التي تلاشت بعدما وحد الرئيس الراحل علي عبدالله صالح شطري اليمن في تسعينيات القرن الماضي.

ويقول متابعون للشأن اليمني، إن المجلس الانتقالي حسم هذه الجولة من صراع "إثبات الذات" ضد حكومة مشتتة في الخارج، لاتملك حاضنة شعبية يمكن التعويل عليها، خاصة أن الجنوبيين قد ضاقوا ذرعًا بفساد الحكومة وفشلها في تقديم الخدمات، بل إن البعض يتهم جهات في الشرعية بتنفيذ طعنات غادرة، ولعل حادثة تصفية القيادي الجنوبي العميد منير اليافعي وعدد من الجنود في هجوم استهدف معسكر ”الجلاء“ هي التي أججت الغضب من الشرعية رغم نفي مسؤوليها هذه الاتهامات بشكل قاطع، ولم يستطع أتباعها الصمود كثيرًا في اختبار الميدان.

ويرى مراقبون، أن ما حدث في عدن هو حسم عسكري خاطف لكن رسائله السياسية هي الأهم، ومفادها أن المجلس الانتقالي ـ الذي تأسس في 11 مايو 2017، باعتباره هيئة سياسية تسعى إلى إعادة قضية الجنوب اليمني إلى الواجهة، وتمثل فيه مختلف محافظات جنوب وشرق اليمن ـ يملك قاعدة شعبية قوية في الجنوب عمومًا وعدن على وجه الخصوص، وأن سكان عدن سئموا حكومة تنالها سهام الانتقاد من كل مكان، وتتخبظ في تهم الفساد، وتكاد تكون واجهة لحزب الإصلاح الإخواني الذي يناصبه الجنوبيون العداء، ويعتبرونه متواطئا مع الحوثيين، وما الحديث عن تسريب إحداثيات معسكر الجلاء إلا دليل على ذلك، وفق تقدير المتابعين.

صفوف تتعزز

رسالة أخرى بدت سلبية جدًا للحكومة الشرعية، وهي تلملم جراحات هذه الجولة من أحداث عدن، ألا وهي موجة الانشقاقات حيت توالت بيانات القادة العسكريين والأمنيين، المعلنين عن طلاق الشرعية والالتحاق بركب الانتقالي الجنوبي، وهو ما أعلنه حتى الآن قادة المنطقة العسكرية الرابعة، والقوات الخاصة في الحكومة اليمنية، وقائد الشرطة العسكرية في محافظة لحج، وجميعهم أعلنوا الانضمام للمقاومة الجنوبية.

ورغم أهمية هذه الانضمامات بالنسبة للمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يقوده محافظ عدن السابق اللواء عيدروس الزبيدي، إلا أن أبرزها يبقي على انضمام قائد القوات الخاصة في الحكومة اليمنية اللواء "فضل باعش"، لكونه من أبناء محافظة أبين مسقط رأس الرئيس عبدربه منصور هادي، ما ينسف الاتهامات الموجهة للانتقالي بالمناطقية.

ماذا بقي للشرعية؟

الحكومة الشرعية في اليمن، والتي تعيش تحت الصدمة، لم تستطع إنكار حالة الاستنزاف التي تعيشها، واكتفت باتهام القوات الجنوبية بتنفيذ ”انقلاب“ في عدن بعد سيطرة مسلحيهم على جميع الثكنات العسكرية في المدينة التي تعد مقرًا للحكومة.

وقالت وزارة الخارجية في بيان على ”تويتر“: "ما يحصل في العاصمة المؤقتة عدن من قبل المجلس الانتقالي هو انقلاب على مؤسسات الدولة الشرعية"، غير أنها لم تكشف عمّا في جعبتها لوقف ما أسمته "الانقلاب".

والواضح وفقًا لمحللين، أن على الحكومة اليمنية اليوم التعاطي مع مستجدات جديدة، قوامها هيئة سياسية جنوبية اجتازت مرحلة التهديدات إلى مرحلة الحسم، وما بعد استهداف معسكر الجلاء، سيكون مختلفًا تمامًا عمّا قبله، و"النفير العام" أعطى أكله للانتقالي الجنوبي.. ليبقى السؤال الأهم هو كيف ستتعاطى القوى الإقليمية والدولية مع هذه التطوارات؟

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com