التصعيد الحوثي يُعيد تحالفات القبائل اليمنية إلى الواجهة
التصعيد الحوثي يُعيد تحالفات القبائل اليمنية إلى الواجهةالتصعيد الحوثي يُعيد تحالفات القبائل اليمنية إلى الواجهة

التصعيد الحوثي يُعيد تحالفات القبائل اليمنية إلى الواجهة

صنعاء - وقّعت مطلع الأسبوع الجاري قبائل في محافظة مأرب (شرقي اليمن) وثيقة "عهد وميثاق" تفرض على جميع أبناء القبائل مساندة بعضهم، وأن يكونوا يداً واحدة ضد "كل من تسوّل له نفسه محاولة السيطرة أو افتعال أي صراع" داخل أراضي القبيلة.



وأعادت الوثيقة التي وقعتها قبائل "عبيدة" و"الأشراف" إلى الواجهة، التحالفات القبلية التي تلجأ إليها القبائل فيما إذا شعرت بأن ثمة تهديد يستهدفها اياً كان مصدره أو قوته.

وثيقة "العهد والميثاق" التي وقعتها قبائل "عبيدة" بمحافظة مأرب شرق اليمن (تبعد 160 كيلو متراً عن العاصمة وتوجد بها حقول النفط والغاز) نصت على وجوب التصدي لأي اعتداء على المحافظة من أي جهة، وتجريم مَنْ يُسهّل عمليات دخول أي جماعة مسلحة، أو من اسمتهم الوثيقة بـ"الغزاة والمخربين"؛ وهي إشارة إلى جماعة "أنصار الله" المعروفة إعلاميا باسم الحوثي المسلحة التي تخوض حرباً شرسة على حدود محافظة مأرب والجوف ضد الجيش ومسلحي اللجان الشعبية ( قبليون موالون للجيش) منذ أشهر.

ويبدو جلياً أن منسوب المخاوف بدأ يزداد، ليس فقط على المستوى الرسمي اليمني، بل حتى على المستوى الشعبي والقبلي في اليمن، وبدأت القبائل تتحرك بشكل ملحوظ خلال الأيام القليلة الماضية.

وجرت العادة في اليمن، أن يلجأ النظام السياسي إلى القبيلة في حال شعر بخطر ما، يهدد وجوده، وهذا ما ظهر واضحاً إبان اندلاع ثورة فبراير/شباط 2011، آنذاك لعبت القبيلة دوراً بارزاً في الثورة، والثورة المضادة، لكن ثقلها المساند لثورة الشباب كان أكبر مقارنة بالطرف المضاد.

ومع التصعيد الذي تفرضه جماعة الحوثي الشيعية المسلحة هذه الأيام، بدأ الرئيس عبدربه منصور هادي يستقبل وفوداً قبلية من مناطق شتى من البلاد، في محاولة لكسب مساندة القبائل ضد الحوثيين.

والتقى الرئيس اليمني عدداً من المشايخ والشخصيات الاجتماعية والقبلية من جميع محافظات الجمهورية على رأسهم عضو مجلس الشورى (الغرفة الثانية بالبرلمان) الشيخ صادق بن عبد الله حسين الأحمر، زعيم قبيلة حاشد، كبرى القبائل اليمنية.

وقدّم "هادي"، خلال اللقاء، شرحاً مفصلاً عمّا يدور في البلاد، خاصة التحركات المسلحة التي تقوم بها جماعة الحوثي على مداخل العاصمة صنعاء، وعلى الخط الرئيس للمطار وإغلاقها لبعض الطرقات، إضافة إلى الحرب المستعرة في محافظة الجوف شمال البلاد بين مسلحي الحوثي من جهة والجيش واللجان الشعبية من جهة أخرى، وناقش معهم السبل الكفيلة بمواجهة ذلك.

زعماء القبائل أكدوا من جانبهم أنهم "جنود مجندة" إلى جانب جهود الدولة في تجاوز هذه المخاطر، وسيقفون بقوة وصرامة ضد الغطرسة والعنف واستخدام الأساليب الملتوية التي تتآمر على استقرار وأمن اليمن.

ويرى الزعيم القبلي البارز في محافظة مأرب "علي حسن غُريب" أن التحالفات القبلية هي نتاج طبيعي للحروب والصراعات التي يفتعلها مسلحو الحوثي في أكثر من منطقة يمنية، باعتبار هذا تهديد صريح لوجود الدولة ولحياة المواطنين، من خلال استجلاب عصابات من خارج المحافظات بهدف بسط سيطرة الجماعة على مناطق النفوذ القبلي، بقوة السلاح"..

وعابَ "غُريب" ما أسماه "تواطؤ بعض تشكيلات القوات الحكومية مع مسلحي الحوثي، خاصة قوات ما كان يسمى بالحرس الجمهوري الذي كان يقوده نجل الرئيس السابق أحمد علي عبدالله صالح، التي ما تزال تدين بالولاء للنظام السابق"، على حد تعبيره.

وأشار الزعيم القبلي إلى أن جماعة الحوثي المسلحة تسعى لإيجاد موطئ قدم لها في مناطق النفط والثروات كمحافظة مأرب، وهي محافظة تعد الرافد الأكبر لميزانية اليمن بنفطها.

والمؤسسة القبلية في اليمن كيان لا يمكن تجاهله، وتلعب على مدى العقود الماضية أدواراً رئيسة في المسرح السياسي، وبرز دورها كلاعب استراتيجي هام في ثورة 26 سبتمبر 1962 التي طوت صفحة الملكية وجاءت بالجمهورية، كما ساهمت بشكل كبير في ما يمكن تسميته بـ"توازن الرعب" في ثورة فبراير الشبابية الي أطاحت بنظام علي عبدالله صالح بعد 33 عاماً من حكم البلاد.

والقبيلة في اليمن إحدى الظواهر الاجتماعية والثقافية والسياسية، ويشير المراقبون إلى أن الدولة اليمنية في كثير من المراحل كانت من صنع القبيلة التي كان لها دور في تكوين الدولة أو سقوطها مثل سبأ وحمير، وما زالت المؤسسة القبلية ذات تأثير كبير في مرحلة ما بعد الثورة، حيث تعتبر شريكة أساسية في التحالفات السياسية سواء كانت هذه التحالفات في العلن أو الخفاء.

ويرى محللون أن جماعة الحوثي تسعى إلى الثأر من القبيلة التي تعتقد أنها السبب وراء طي صفحة حكم الأئمة في اليمن في السادس والعشرين من سبتمبر/أيلول 1962، لذا فأغلب تحركات الحوثي كانت في مناطق القبائل، لا سيما قبائل شمال الشمال.

ولا يُخفي الحوثيون استهدافهم للقبائل، فقد عمدت الجماعة إلى تفجير بيوت تابعة لـ"آل الأحمر" كبرى العائلات وبيوت المشيخ القبلي في حاشد، تحت مبرر محاربة الفاسدين، فيما الهدف الرئيس، وفقاً لمراقبين، هو الأخذ بالثأر من القبيلة ككيان حارب حكم الأئمة وساعد في تحويل النظام إلى جمهوري.

ونشأت فكرة اللجان الشعبية وهم مسلحون قبليون يساندون القوات الحكومية، لغرض مساعدة الجيش اليمني في مواجهاته وحروبه المختلفة، ففي 2010 أنشئت في محافظة شبوة وأبين الجنوبيتين، لدعم الجيش في مواجهة مسلحي تنظيم القاعدة وأنصار الشريعة في محافظات اليمن الجنوبية.

وفي الشمال تخوض اللجان الشعبية، منذ أشهر، معارك شرسة إلى جانب الجيش اليمني في حروبه ضد جماعة الحوثي المسلحة في محافظة الجوف ومأرب شمال اليمن، أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى من الطرفين.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com