إذاعة الجيش الإسرائيلي تقول إن 30 صاروخا أطلقت من لبنان باتجاه طبريا وتم رصد سقوط 3 منها
أعادت واقعة اغتيال عبد الرحمن ميلاد، المشهور بـ"البيدجا" باستخدام أسلوب المافيا، للأذهان مقتل عدد ممن وُصفوا بـ"أمراء الحرب" في ليبيا، قضوا في ظروف غامضة دون معرفة هوية منفذي الجريمة؛ إذ تشير أصابع الاتهام لجهات خارجية بأياد ليبية.
وتوصّل مكتب النائب العام في ليبيا مساء الثلاثاء، لتحديد هوية ضالعين في واقعة قتل ميلاد عند مروره بالطريق الرابط بين مدينة طرابلس والزاوية.
وأسفر البحث عن تعريف المركبة الآلية التي استُعملت لتسهيل قدوم الفاعليْن إلى مكان واقعة القتل ومغادرته.
كما وصلت سلطة التحقيق إلى السلاح المشتبه أن الفاعلين استعملاه في تنفيذ ماديات الجريمة، وكذلك تعيين حلقة مشتبهيْن اثنين.
وأمرت النيابة العامة بضبطهما، ووجهت مكونات وزارة الداخلية بإنفاذ هذا التدبير وفق بيان للنائب العام.
وسارع رئيس حكومة الوحدة الوطنية الموقتة عبد الحميد الدبيبة، لنعي آمر الأكاديمية البحرية الرائد التي كان يرأسها منذ الأول من سبتمبر/ أيلول الماضي.
وقال الدبيبة إن الفقيد كانت له مساع محمودة لإعادة تأهيل الأكاديمية البحرية وتخريج دفعات جديدة منها بعد توقف دام أكثر من عقد، فضلا عن مساعيه دوما للصلح والمصالحة في مدينته الزاوية.
وكانت الأمم المتحدة فرضت على "البيدجا" عقوبات، وأصبح مطلوبا لدى الإنتربول، واتهم بالاتجار بالبشر والأسلحة والمخدرات.
ومع ذلك استمر في تلقي الترقيات والمهام من السلطات الليبية في طرابلس، حيث ظهر في أحدث الصور على متن زوارق لخفر السواحل مختوم عليها "صُنع في إيطاليا".
قبر الأسرار
وضمنت الجهات التي قضت على الرائد المثير للجدل، قبْر أسرار احتفظ بها المتهم بالتهريب إلى الأبد، كما تصر الصحف الإيطالية والأوروبية عموما على نعتها به بعدما هدّد في عدة مناسبات بالكشف عنها.
وبدأ الغموض ينزاح حول اسم هذه الشخصية في سبتمبر/ أيلول 2019، حين نشرت صحيفة "أفينير" الإيطالية صورا ظلت سرية منذ عام 2017 تظهر "البيدجا" نفسه، الذي كان آنذاك قبطان ما يُسمى بخفر السواحل الليبي، خلال رحلة إلى إيطاليا مشاركا في أحد المؤتمرات برعاية الأمم المتحدة.
وبعد مرور سبع سنوات على الأحداث، لم توضّح الحكومات الإيطالية المتعاقبة الصفة التي دخل بها البلاد، إن كان كقبطان أم مهرب بشر، على الرغم من توجيه عشرين سؤالا برلمانيا لم تتم الإجابة عنها لحد الآن.
وتصر الصحفية والصحفي الإيطاليين نانسي بورسيا ونيلو سكافو على تأكيدهما أنه مهرب بشر سيئ السمعة، وزعيم منظمة إجرامية، ما تسبب في خضوعهما لحراسة مشددة بعد تهديدهما بالقتل عقب نشر تقريرين بعد تغطية صحفية لأنشطة تهريب "البيدجا" الإجرامية.
فيما كتبت الأولى على حسابها الرسمي في "فيسبوك"، قائلة "كإنسانة أعبر عن مشاعري تجاه ابنه الذي لم يتجاوز عمره العامين اليوم بسبب فقدان والده، إن تهديداته لي ولأسرتي هي جزء من قصة لا تزال قيد الكتابة".
أما سكافو فقد صرح بأن "البيدجا" كان يهدد مرارا وتكرارا بكشف أسرار حول التعاملات بين السلطات الليبية والمتاجرين بالبشر.
هذه النتيجة توصّل إليها الخبير العسكري والإستراتيجي عادل عبد الكافي في تصريح لـ"إرم نيوز"، مؤكدا أن المنفّذ محلي مرتبط بالجريمة المنظمة، لكن "الإيعاز جاء من شبكة عصابات الجريمة المنظمة المرتبطة بباقي الشبكة الدولية إيطاليا وإسبانيا ومالطا".
وبيّن أن هناك من يريد خلط الأوراق في أحداث متتالية في ليبيا، في انتظار ما ستسفر عنه تحقيقات الجهات الأمنية المكلفة، وكشف النقاب عن المنفّذين ومن خلفهم.
وخلال التحقيقات الصحفية التي أكدتها التحقيقات القضائية في إيطاليا، ثبتت صلات بين "البيدجا" وثلاثة مهربين اعتُقلوا في صقلية، وحُكم عليهم بالسجن 20 عاما لكل منهم.
وبحسب النيابة في روما، التي اجتازت تدقيق الاستئناف، وتنتظر الآن نتيجة محكمة النقض، فإن الثلاثة عملوا في خدمة "البيدجا" والمدعو أسامة الكوني، وقاموا بممارسة التعذيب الشديد ضد لاجئين، لدرجة التسبب في الوفاة، وفق ما نقلت تقارير إيطالية.
كما كرر التقرير الأخير الصادر عن خبراء الأمم المتحدة في ليبيا الدور السياسي الإجرامي المتزايد الذي لعبه ميلاد، والذي طلب مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من طرابلس إقالة قائد "المهربين"، ومنع دفع راتبه. وبدلا من ذلك، واصلت حكومة طرابلس انتهاك القرار، كما قامت بحماية "البيدجا" من التحقيقات الدولية.
ويؤكد مراقبون أن "البيدجا" كان أكثر ارتباطا بروما ليشهد العام 2019 بداية ابتعاد الإيطاليين عنه، ليصبح المغدور مقربا من تركيا، بعد أن ساعد في تأمين القاعدة البحرية التركية.
المستفيدون من الاغتيال
وبدوره، يرى الباحث والمحلل السياسي الليبي محمد امطيريد، أن "المستفيد الأول من اغتيال ميلاد هو الأطراف الدولية التي كانت على صراع معه، ورأينا مرات عديدة تنديدا بسلوكيات سابقة له، وبطاقات القبض الصادرة عن مجلس الأمن أو الإنتربول دليل على أن له خصومًا دوليين، ناهيك عن خصومه المحليين".
لكن امطيريد في تصريح لـ"إرم نيوز"، أكد تغيّر سلوك "البيدجا" في آخر سنتين، بعدما أصبح خريج خفر السواحل، ونجح في تأسيس الأكاديمية البحرية وإعادة بعثها مجددا.
وأوضح أن "السياسة الانضباطية هذه لا يتفق معها منطق الميليشيات، فقد بدأ يحاول إنقاذ المهاجرين غير القانونيين في البحر، وهنا كان الفيصل، حيث اعتدنا على أن طرابلس في حالة فوضى، ولا تقبل الانضباط".
وقال المحلل السياسي إن انضباطه في طرابلس والزاوية جلب له أعداء كثرا، ويعتقد أن "الجهة الأقرب التي تناصب العداء للبيدجا هي الإيطاليون، فهم أكثر من دوّنوا عليه التقارير في مجلس الأمن".
وتابع امطيريد أن مشكلة رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني في ليبيا هي حقل الغاز في الزاوية الذي يُصدّر المادة لإيطاليا، والذي يقع تحت سيطرة مجموعة "البيدجا"، وحدثت نزاعات كثيرة بينهما حوله.