السودان.. هل تفلح أطراف الحوار في معالجة تحديات "اتفاق جوبا"؟‎‎

السودان.. هل تفلح أطراف الحوار في معالجة تحديات "اتفاق جوبا"؟‎‎

تخطط أطراف "الاتفاق الساسي الإطاري" في السودان لعقد ورشة تنطلق غدا الثلاثاء، لمناقشة "اتفاق جوبا للسلام"، لأجل التقييم والتقويم.

يأتي ذلك وسط تخوفات بمخرجات من الورشة يمكن أن تزيد من تعقيد الأزمة، بعد أن أعلنت أطراف رئيسية عدم المشاركة فيها.

ونص "الاتفاق السياسي الإطاري" الموقع في الخامس من كانون الأول/ديسمبر، الماضي، بواسطة المكون العسكري ونحو 40 كياناً من القوى السياسية والمدنية والحركات المسلحة، على مراجعة "اتفاق جوبا".

ووقع "اتفاق جوبا" في تشرين الأول/أكتوبر عام 2020، بين الحكومة الانتقالية برئاسة رئيس الوزراء السابق، عبد الله حمدوك، و"الجبهة الثورية"، التي تضم عددا من الحركات المسلحة في دارفور ومنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان.

وترفض ذلك قوى رئيسية في "اتفاق جوبا" هي حركتا "العدل والمساواة"، و"تحرير السودان" برئاستي جبريل إبراهيم، ومني أركو مناوي، حيث تعتبر المراجعة التي يتحدث عنها هي غطاء لإلغاء الاتفاقية برمتها.

الحديث عن المراجعة والتقييم هو غطاء لإلغاء الاتفاق، ما يمثل نكوصا عن المواثيق، مثلما كان يفعل نظام المخلوع عمر البشير، الذي وقع عشرات الاتفاقات دون الالتزام بها.
المتحدث باسم حركة العدل والمساواة، حسن إبراهيم

"مخرجات لا تعنينا"

وأكد المتحدث باسم حركة العدل والمساواة، حسن إبراهيم، عدم المشاركة في الورشة المنعقدة غداً بالخرطوم.

وقال إبراهيم إن "الحركة سبق وقدمت ملاحظات موضوعية على الاتفاق الإطاري الذي رفضت التوقيع عليه، وأي مخرجات عن هذا الاتفاق بحالته الراهنة لا تعنينا في شيء".

وأضاف لـ"إرم نيوز"، أن "مجموعة الاتفاق الإطاري تصدت لمهمة غير معنية بها، لجهة أن اتفاق جوبا لسلام السودان، حدد بوضوح أطراف وآليات التقييم والمراجعة، والتي ليس من بينها الأحزاب السياسية".

وأوضح أن "معظم الذين يتحدثون عن اتفاق جوبا كانوا ضد الاتفاق منذ يومه الأول، وما زالوا أعداءً للسلام".

واعتبر إبراهيم أن "الحديث عن المراجعة والتقييم غطاء لإلغاء الاتفاق، ما يمثل نكوصا عن المواثيق، مثلما كان يفعل نظام المخلوع عمر البشير، الذي وقع عشرات الاتفاقات دون الالتزام بها".

ومن بين نصوص "اتفاق جوبا" التي تطالب قوى الحرية والتغيير، بتعديلها، البند المتعلق باستثناء قادة الحركات المسلحة من المشاركة في الانتخابات المقبلة، مع الاحتفاظ بقواتها العسكرية التي تخضع بالتوازي لدمج وتسريح وفق عملية تستمر لمدة 10 سنوات، بينما الانتخابات تجرى بعد سنتين من تشكيل الحكومة الانتقالية.

ورأى المتحدث باسم العدل والمساواة، أن هذا البند هو الجوهر المراد من مراجعة الاتفاق، وهو يعني إفراغ الاتفاق من مضمونه، ودفع أطراف السلام الى مربع الحرب، حسب قوله.

أخبار ذات صلة
جوبا: الخرطوم وأديس أبابا وافقتا على وساطتنا لحل النزاع الحدودي

"مشاكل أكبر"

لكن المتحدث باسم العملية السياسية، خالد عمر، نفى الحديث عن إلغاء "اتفاق جوبا" للسلام، مشيرا إلى أن "المطالبات بإلغاء الاتفاق صدرت من بعض الجهات - ليس من بينها الحرية والتغيير"، مؤكداً أن "إلغاء الاتفاق سيجلب مشاكل أكبر للبلاد".

وقال خالد عمر، خلال منبر صحفي بالخرطوم، اليوم الإثنين، إن "قوى الحرية والتغيير ليس لديها أي مشكلة مع حركتي العدل والمساواة، وتحرير السودان، وهنالك تباينات في المواقف السياسية لكنها لم تصل لمرحلة الخلافات".

وأكد أنه "من مصلحة البلاد أن يُنفذ اتفاق جوبا على وجه أكمل بعد إزالة العوائق السياسية والعملية من طريقه بالتشاور مع الأطراف المعنية، والاتفاق هو المخرج الأفضل للبلاد".

الاستثناء الذي منحه الاتفاق الإطاري لقادة الحركات المسلحة، بالمشاركة في الانتخابات التي تعقب الفترة الانتقالية، هو من العيوب التي ينبغي معالجتها.
عضو اللجنة القانونية السابقة، لقوى الحرية والتغيير، عبد المطلب الختيم

عيوب الاتفاق

ومن جهته، أكد عضو اللجنة القانونية السابقة، لقوى الحرية والتغيير، عبد المطلب الختيم، أن "هنالك عيوبا كبيرة في اتفاق جوبا للسلام، على رأسها عدم انعكاس الاتفاق على أصحاب المصلحة في مناطق النزاعات، حيث لا يزال المواطنون يعانون في معسكرات النزوح واللجوء".

وأشار الختيم في تصريح لـ"إرم نيوز" إلى "ضرورة مواجهة ذلك وتقييمه ومعرفة الأسباب الحقيقية التي حالت دون تنفيذ الاتفاق، ومعالجتها، لكن بمشاركة أطراف الاتفاق"، مقرا بأن "انفراد أطراف الاتفاق الإطاري بالأمر دون مشاركة القوى الموقعة سيعقد الأمر".

وأضاف أن "الاتفاق أفرز تشوهات في مستويات الحكم، حيث أوجد 4 مستويات في دارفور والنيل الأزرق، هي الحكم المحلي، والولائي، والإقليمي، والمركزي، بينما بقية مناطق السودان ما زالت تحتفظ بالمستويات الثلاثة".

وذكر أن "الترتيبات المرتبطة ببناء النظام الفيدرالي الذي نص عليه الاتفاق، أيضاً لم يحدث فيها تقدم على النحو المطلوب، بجانب عملية الدمج والتسريح"، مشيراً إلى أن "الصرف المالي ينصب حالياً على الجيوش بدلاً عن المدنيين أصحاب المصلحة المتأثرين بالحرب".

وأكد الختيم أن "الاستثناء الذي منحه الاتفاق لقادة الحركات المسلحة، بالمشاركة في الانتخابات التي تعقب الفترة الانتقالية، هو من العيوب التي ينبغي معالجتها، من خلال النقاش المباشر بين الأطراف الموقعة على الاتفاق.. والصحيح أن تتحول الحركات لحزب سياسي مدني حتى تكون مؤهلة للمنافسة في العملية الانتخابية".

أستبعد أن تفلح أطراف الاتفاق الإطاري في تقييم ومراجعة اتفاق جوبا، في ظل غياب أطراف مهمة تمثل ثقل الحركات المسلحة.
المحلل السياسي الدكتور محيي الدين محمد محيي الدين

أزمة المسارات

وأشار المحلل السياسي الدكتور محيي الدين محمد محيي الدين، إلى تحديات أخرى خلقها "اتفاق جوبا" من بينها قضية المسارات التي خُصصت لمناطق ليس بها نزاعات مسلحة، مثل "شرق السودان، والوسط، والشمال".

وكان "اتفاق جوبا" للسلام، قد تضمن 5 مسارات وهي "دارفور، والمنطقتين، والشمال، والوسط، والشرق"، ما أجج الخلافات خصوصاً في شرق السودان، حيث برزت أصوات عالية تطالب بإلغاء مسار الاتفاق وتخصيص منبر جديد لحل أزمة الإقليم.

وقال محيي الدين لـ "إرم نيوز" إن "معالجة أزمة المسارات ينبغي أن تتم بتشاور واسع من القوى السياسية والحركات المسلحة، وأن غياب أي طرف يجعل من الصعوبة بمكان حل القضية".

وأوضح أن "أزمة مسار الشرق لا يمكن حلها بإلغاء الاتفاق، لأن الذين وقعوه سيرفضون ذلك ويقاومونه، كما لا يمكن إجبار الرافضين له بقبوله، وإنما تتم معالجتها بعقد مؤتمر يجمع الطرفين لمناقشة القضية والاتفاق على طرق المعالجة".

ويستبعد محيي الدين أن تفلح أطراف "الاتفاق الإطاري" في تقييم ومراجعة اتفاق جوبا، في ظل غياب أطراف مهمة تمثل ثقل الحركات المسلحة، متوقعاً أن تنتج الورشة المقبلة، أزمة سياسية قد تفتح الباب أمام العودة للحرب مرة أخرى.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com