خبراء لـ "إرم نيوز": حادثة طابا محاولة لدفع مصر لمواجهة إسرائيل
في إطار التصعيد الحالي في غزة، سقط صاروخ، ليلة الخميس، على مدينة طابا المصرية المجاورة للحدود مع إسرائيل، أدّى إلى إصابة ستة أشخاص، فيما أعلنت القوات المسلحة المصرية، في بيان، أن "الحادثة سببها سقوط إحدى الطائرات الموجهة المسيَّرة، بجوار أحد المباني بجانب مستشفى طابا"، واصفة إياها بأنها "مجهولة الهوية".
ولم يحدد الجيش المصري الجهة التي أطلقت الصاروخ على وجه اليقين، ولكن قوات الأمن بدأت تحقيقًا لتحديد مكان إطلاق الصاروخ، وهذا ما أشار إليه المتحدث باسم الجيش عندما قال في البيان: إن "لجنة مختصة من الجهات المعنية تحقق في الحادثة"، ولم يذكر أي تفاصيل أخرى.
وعلق الجانب الإسرائيلي على الحادثة، فقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي، أفيخاي أدرعي، في تدوينة على منصة "إكس": إن "الإصابة التي تعرَّضت لها مصر ناجمة عن تهديد جوي في منطقة البحر الأحمر".
توريط مصر
ومن وجهة نظر خبير الأمن القومي المصري والعلاقات الدولية، اللواء محمد عبدالواحد، قد تكون الحادثة ممنهجة لدفع مصر للتنسيق والمشاركة مع إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية في حماية أمن البحر الأحمر من مخاطر صواريخ الحوثي، وبالتالي حماية أمن إسرائيل.
وأشار إلى أن الدولة قد تستفيد من هذه الحادثة، التي وصفها بالمدبرة من قوة إقليمية لتوريطها، بأن تطلب أجهزة إنذارات متطورة لحماية أمنها القومي.
وبشأن المشهد العام وتداعيات الحادثة، رأى الخبير الأمني، في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن الأمر مرتبط بحسابات الربح والخسارة، على أساس أن السيناريوهات مطروحة للقيادة السياسية لاتخاذ القرار والإجراء المناسب للرد.
وأشار إلى أن الدولة تعاني على المستوى الاقتصادي، فلا حاجة لها للدخول في نزاع أو صراع مباشر.
كل الخيارات متاحة
ووفق أدرعي، ستعمل إسرائيل مع مصر والولايات المتحدة على تعزيز الحماية في المنطقة، لمواجهة "التهديدات القادمة من محيط البحر الأحمر"، ولكن وسائل إعلام مصرية أشارت، نقلًا عن مصدر سيادي، إلى أنه "بمجرد تحديد جهة إطلاق صاروخ طابا، فإن كل الخيارات متاحة للتعامل معها، وتحتفظ الدولة لنفسها بحق الرد في التوقيت المناسب".
وهذه الحادثة تأتي بعد أيام قليلة من إصابة تسعة مصريين على الأقل، وتدمير برج مراقبة؛ جرَّاء "طلقات ضائعة" أطلقتها دبابة إسرائيلية على موقع عسكري مصري على الحدود مع قطاع غزة، وقال المتحدث باسم الجيش المصري، غريب عبدالحافظ، في بيان: إن "البرج أصيب عن طريق الخطأ بشظايا قذيفة دبابة إسرائيلية"، دون أن يذكر تفاصيل أخرى.
ولكن وسائل إعلام إسرائيلية أشارت إلى أن "الصاروخ الذي سقط على مدينة طابا المصرية أُطلق باتجاه إيلات، ولكنه سقط بالخطأ عليها".
إجراءات مناسبة للرد
وتحدث المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية في مصر، اللواء عادل العمدة، لـ"إرم نيوز"، أن أطرافًا عدة- لم يذكرها- تريد أن تحدث مشكلات بين مصر وإسرائيل، لإقحامها في أزمات، وأشار إلى قدرة مصر على التعاطي مع الموقف في إطار حق الرد.
وفي هذا الشأن، أشار رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق في القوات المسلحة المصرية، اللواء نصر سالم، إلى ضرورة انتظار نتائج التحقيقات التي تجريها القوات المسلحة، مؤكدًا قدرة مصر على تحصين نفسها ضد أي تهديدات.

وتوقع اللواء نصر سالم، في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن تكشف التحقيقات التي ستعلن بشأن الحادثة جميع الأمور، لاتخاذ الإجراءات اللازمة والمناسبة للرد.
وقال: "حادثة طابا لن تعقد المشهد العام؛ لأنه أمر صغير لن يستدعى إعلان الحرب وتدمير العلاقات بين الدول، لكن قد تتبعه زيادة في إجراءات التأمين، وهو الأمر الذي يتفهمه الجانب الإسرائيلي".
خيارات سلمية
ويرى الخبير العسكري والاستراتيجي والمستشار بأكاديمية ناصر العسكرية في مصر، العميد خالد فهمي، أنه من المناسب عدم استباق التحقيقات حتى تتكشف الأمور على طبيعتها، لكن مصر تؤكد دائمًا اللجوء إلى الخيارات السلمية باستمرار من خلال التهدئة وضبط النفس ضد أي أحداث بالمحيط الإقليمي، وتجنب العنف أو الدخول في أي طرق أخرى بخلاف الطرق السلمية.
وبين العميد خالد فهمي، في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن الجانب الإسرائيلي يحرص على عدم تصاعد الأمور مع مصر، أو فهمها بنحو خاطئ، وقد ترجم هذا الأمر في الاعتذار الذي قدمته تل أبيب بشأن حادثة رفح.
وتؤدي مصر، الوسيط التاريخي بين المنظمات الفلسطينية وإسرائيل، دورًا رئيسًا خلال الحرب، فالمساعدات الإنسانية التي تصل حتى الآن إلى غزة تمر عبر معبر رفح الحدودي، الذي يربط القطاع الساحلي، الذي تسيطر عليه حماس، مع مصر، مع شبه جزيرة سيناء.
وفي الساعات الأخيرة، أجرى الجيش الإسرائيلي توغلًا بريًّا جديدًا في قطاع غزة، بالدبابات والمروحيات وقوات المشاة، التي هاجمت أهدافًا تابعة لحركة حماس، وفق ما ذكر الجيش الإسرائيلي، وهو الأمر الذي قد يحمل سيناريوهات عدة خلال الفترة المقبلة.