إطلاق صواريخ من جنوب لبنان نحو أهداف إسرائيلية في الجليل الغربي
يتساءل كثير من المراقبين والمحللين السياسيين، في مختلف الأوساط، عن أهمية الدور الأمريكي في مفاوضات غزة المعقدة، وبات السؤال الأكثر إثارة للاهتمام والجدل هو السبب وراء إصرار واشنطن على تقديم المقترحات بعد 19 جولة فاشلة من المفاوضات".
واعتبر خبراء في العلاقات الدولية أن هدنة غزة تُطرح كمحور أساسي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية بين المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس والمرشح الجمهوري دونالد ترامب، واعتبارها من أفضل أنواع الدعاية الانتخابية لصالح هاريس.
ويرى مراقبون في ظل هذا الكم من جولات المفاوضات وعدم القدرة على التوصل إلى اتفاق، أن تعامل واشنطن مع طرفي الصراع، إسرائيل وحركة "حماس" ينطبق عليه مقولة "تستطيع أن تقود الحصان إلى الماء، ولكن لا تستطيع أن تجبره على أن يشرب".
غياب إرادة سياسية
ويقول أستاذ العلاقات الدولية حسين الديك، إنه "بعد 19 جولة من المفاوضات المستمرة لا تزال واشنطن تطرح المبادرات وتواصل الاتصالات مع الأطراف، ولكن كما يبدو فإن فشل المقترحات كافة، يرجع إلى عدم وجود إرادة سياسية جادة لدى الولايات المتحدة لوقف هذه الحرب أو الضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو".
ويؤكد الديك في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن "الإعلان عن استمرار الاتصال والمفاوضات يصب في مصلحة الإدارة الأمريكية الحالية وبالتحديد الحزب الديمقراطي الذي يستغل ذلك كنوع من الدعاية الانتخابية للحشد للمرشحة الرئاسية هاريس التي هي في الوقت ذاته نائبة الرئيس جو بايدن".
ويشير الديك إلى أن "الأهداف المرجوة من إظهار مساعي المفاوضات تتمثل في استرضاء الجناح التقدمي في الحزب الديمقراطي ولا سيما جيل الشباب، وأيضاً الجاليات العربية والإسلامية، فضلًا عن اليهود التقدميين الداعمين للقضية الفلسطينية من أجل الحصول على أصواتهم في تلك الانتخابات، لذلك فإن إعادة تدوير المفاوضات دون التوصل إلى حل هي مصلحة أمريكية داخلية تتعلق بالإدارة الديمقراطية ودعم مرشحتها بالدرجة الأولى".
وأن الاستمرار في هذا النوع من المفاوضات له هدف لدى واشنطن يتعلق برسالة أمريكية إلى حلفائها في منطقة الشرق الأوسط وفي العالم أيضًا، بأنها ما زالت تمسك بقواعد اللعبة وتقوم بدور ريادي وقوي وهام بين الأطراف المتحاربة من أجل التوصل إلى هدنة مؤقتة، وأنها الوحيدة القادرة على إنجاز تلك الصفقة والتوصل إلى وقف إطلاق النار، وفق الديك.
وتابع أن "السير في المفاوضات من أجل المفاوضات هو هدف أمريكي إستراتيجي على الصعيد الدولي والإقليمي، للقول إن واشنطن لا تزال تتحكم بأوراق اللعبة كافة في منطقة الشرق الأوسط".
نصر سياسي دولي
ومن جانبه أكد المحلل السياسي سعد عبد الله الحامد أن "الولايات المتحدة والحزب الديمقراطي والرئيس الأمريكي جو بايدن يريدون تحقيق نصر سياسي دولي، يُحسب لبايدن قبل نهاية ولايته من جهة، ويحمل دعاية انتخابية إيجابية لصالح المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، بالقدرة على حماية أمن إسرائيل، علاوة على أن إنهاء هذا الصراع عبر المفاوضات، سيأتي بمكاسب دولية لواشنطن، فضلًا عن الرغبة في عدم تدحرج كرة الثلج الخاصة بهذه الحرب إلى ميادين أخرى.
ويوضح الحامد في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن "السعي الأمريكي مستمر لإنجاح المفاوضات من باب حماية أمن إسرائيل في ظل تصاعد التهديدات الإيرانية لتل أبيب، عقب الضربة الإسرائيلية التي وجهت إلى طهران، ونتج عنها اغتيال رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس إسماعيل هنية، ما جاء بمسار قلق إلى واشنطن بإمكانية تفاعل أذرع إيران وتهديد أمن إسرائيل ودفع الولايات المتحدة إلى تعزيز تواجدها وقدراتها العسكرية في البحر الأحمر لمواجهة أي تحرك إيراني".
وعلاوة على ذلك فإن الرغبة الأمريكية في إنجاح المفاوضات بحسب الحامد مرتبط أيضًا بالسعي لإنهاء أزمة الرهائن لدى "حماس" وإطلاق سراحهم، ورغبة واشنطن في التفاعل مع الضغوط الدولية لحصول الفلسطينيين على حقوقهم المشروعة وإقامة دولتهم الفلسطينية على حدود 1967.
ويقول الحامد إن "هناك حراكًا كبيرًا من خلال الولايات المتحدة لإيجاد حل لهذه الحرب، وأن يكون هناك مقترح للمفاوضات يضم خطة يتم من خلالها إنهاء هذا الصراع، وفعلًا هناك جولات كثيرة، جميعها باءت بالفشل بسبب التصعيد من الطرفين سواء إسرائيل أم "حماس" برفع سقف مطالبهم حين ظهور بوادر التوصل إلى اتفاق.
وأشار الحامد إلى أن "التفاوض الأخير الذي تقف وراءه واشنطن، يؤسس لهدنة وإيقاف الاقتتال لمدة 6 أسابيع من خلال اتفاق على 3 مراحل يشهد عودة النازحين الفلسطينيين إلى ديارهم وتبادل الأسرى، وتحاول الولايات المتحدة في هذا الإطار الضغط على حماس عبر المفاوضين للموافقة على بنود الاتفاق والتقليل من العراقيل، وفي الوقت ذاته، تعمل واشنطن على إقناع نتنياهو بأنه حقق ما يريده من العملية العسكرية، وتبرز له مخاطر غليان الداخل الإسرائيلي ومحاولات إسقاطه نتيجة فشله في إعادة الرهائن".
ودلل الحامد على ذلك بما خرج من تصريحات لمنسق الاتصالات الإستراتيجية بمجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيري بأن "واشنطن تسعى لإبرام اتفاق حول وقف إطلاق النار والتوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن وكبار السن، فضلاً عمّا أدلت به مصادر أمريكية حول قيام نتنياهو بتوسيع التفويض الممنوح للمفوضين الإسرائيليين بمزيد من المرونة خلال المفاوضات، ما يدل على أن هناك ضغوطًا أمريكية تمارس بشكل كبير على نتنياهو".