إسرائيل تعلن اعتراض خمسة صواريخ أُطلقت من لبنان
مدّد مجلس الأمن الدولي الأربعاء لمدة عام تفويض قوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان (يونيفيل)، داعيا إلى "خفض التصعيد" في ظل التوتر المخيم على الحدود الإسرائيلية اللبنانية.
وقرر مجلس الأمن في قرار صدر بالإجماع "تمديد التفويض الحالي لليونيفيل حتى 31 آب/أغسطس 2025".
ارتياح لبناني
وعلق رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي على القرار معتبرا أن التجديد "أمر ضروري للحفاظ على الاستقرار في جنوب لبنان".
وأكد في بيان "التزام لبنان في العمل بشكل وثيق مع اليونيفيل لمواجهة التحديات والتهديدات التي تواجه الاستقرار في الجنوب" كما جدد "التزام لبنان بتطبيق القرارات الدولية ذات الصلة وفي مقدمها القرار 1701".
غير أن السفير الإسرائيلي الجديد لدى الأمم المتحدة داني دانون انتقد التمديد واتهم حزب الله أمام صحافيين بجمع "ترسانة هائلة من الصواريخ في جنوب لبنان... تحت أنظار اليونيفيل".
وقال "ما فائدة هذا التفويض حين يفشل بشكل بائس في تحقيق أدنى أهدافه؟" معتبرا أن مجلس الأمن "يغض الطرف عن تعزيزات حزب الله العسكرية المكثفة".
تعديلات واشنطن
من حيث المبدأ، يرى المجتمع الدولي أن تعزيز دور قوّات "اليونيفيل" في الجنوب اللبناني يسهم إلى حد كبير في خفض التصعيد والمناوشات على طرفي الحدود.
لكن واشنطن، وإن كانت تتفق مع المبدأ السابق، لكنها غير راضية تماما عن أداء اليونيفيل، وسعت إلى إدخال تعديلات في مهامها، تجعلها ذات سطوة أكبر.
ويرى خبراء أن التعديلات التي طلبتها واشنطن هي، في الأساس، مطالب إسرائيلية؛ ذلك أن توسيع صلاحيات اليونيفيل كان من المتوقع أن يخدم مسعى إسرائيل في ضبط أنشطة ميليشيا حزب الله العسكرية على حدودها الشمالية.
وطالبت واشنطن، وفقا لتقارير، بالتمديد لـ "اليونيفيل" لستة أشهر فقط، وليس سنة كاملة كما جرت العادة، مع إدخال تعديلات توسع مروحة الأنشطة والمهام التي تقوم بها في الجنوب.
وترى واشنطن أن "اليونيفيل" لم تقم بمهامها المنوطة بها، وتحديدا في ما يتعلق بتطبيق القرار الأممي الذي يحظر وجود ترسانة ميليشيا حزب الله العسكرية جنوب نهر الليطاني.
يشار إلى أن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 يمنع مليشيا "حزب الله" من الاحتفاظ بوجود عسكري جنوب نهر الليطاني، إلا أن المليشيا اللبنانية تشن بانتظام، وخصوصا منذ الثامن من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، هجمات على إسرائيل من مناطق قريبة من الحدود.
وتتهم واشنطن كذلك اليونيفيل بأنها ترفع تقارير "مرنة وهادئة اللهجة" عن الأوضاع في الجنوب اللبناني، في تلميح إلى نوع من "التواطؤ" مع ميليشيا حزب الله.
ويرى خبراء أن التمديد الذي تم دون تعديل كان قرارا مهما خصوصا في هذه المرحلة الحساسة التي تشهد فيها المناطق الحدودية اللبنانية الإسرائيلية تبادلا لإطلاق النار، وسط مخاوف من أن ينزلق الوضع إلى حرب إقليمية شاملة.
وترى بيروت أن أي تعديلات من شأنها توسيع صلاحيات اليونيفيل ومنحها المزيد من الاستقلالية في الحركة، دون التنسيق مع الحكومة والجيش اللبناني، فإن ذلك، فضلا عن كونه انتقاصا للسيادة، كان سيهمش دور الجيش اللبناني.
مخاوف "حزب الله"
أما مخاوف "حزب الله" فتتجاوز الموقف الرسمي اللبناني، ولا يمكن ربطها بمسائل تتعلق بالسيادة الوطنية بل تتعلق بنشاط الحزب ومدى قدرته على المناورة والمراوغة.
ومن المعروف أن "حزب الله" يتحكم في الجنوب اللبناني، وإن بصيغة غير رسمية، وأي تعديل لمهام اليونيفيل قد ينعكس سلبا على تحركاته ونشاطاته العسكرية والأمنية.
ويخشى "حزب الله" من أن توسيع صلاحيات اليونيفيل قد يسمح لهذه القوات بمزيد من حرية الحركة والقدرة على التفتيش والمراقبة في جنوب لبنان، وهو ما قد يعيق قدرة الحزب على الحفاظ على قواعده ومستودعاته العسكرية.
وإذا مُنحت اليونيفيل صلاحيات أكبر في مراقبة نشاطات الحزب، فقد يتم تقييد نشاطاته العسكرية، بما في ذلك تهريب الأسلحة والتدريبات والعمليات الاستخباراتية.
ووفقا لذلك، فقد نقلت تقارير، قبل التمديد، عن مصادر مقربة من "حزب الله" قولها إن الحزب لن يكون معنيًّا "بتنفيذ واحترام أي تعديل قد يصدر حول مهام "اليونيفيل".
وكان زعيم الحزب حسن نصر الله قد اتهم في خطاب سابق واشنطن ودول الغرب بأنها تسعى لجعل قوات اليونيفيل "جواسيس عن الإسرائيليين"، حسب تعبيره.
تاريخ اليونيفيل
تأسست القوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان بقرار من مجلس الأمن في آذار/مارس 1978 للتأكيد على انسحاب إسرائيل من لبنان، واستعادة الأمن والسلام الدوليين، ومساعدة الحكومة اللبنانية على استعادة سلطتها الفعالة في المناطق التي كانت تحتلها إسرائيل.
وعدّلت المهمة مرتين نتيجة للتطورات بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، وبعد انسحاب إسرائيل من المناطق التي كانت تحتلها في جنوب لبنان والبقاع الغربي عام 2000.
وبعد "حرب تموز" عام 2006، عزز مجلس الأمن دور اليونيفيل. وأضاف إلى مهامها مراقبة وقف الأعمال العدائية، ومرافقة ودعم الجيش اللبناني في عملية الانتشار في جنوب لبنان، وتنسيق ذلك مع الجانبين اللبناني والإسرائيلي.
وأتى ذلك بعد أن تضمن قرار مجلس الأمن 1701، القاضي بوقف إطلاق النار إثر حرب عام 2006، إشارة إلى مرافقة الجيش اللبناني لدوريات اليونيفيل ضمن نطاق عملياتها في القرى الحدودية جنوب البلاد.
وبات من مهام اليونيفيل، "مساعدة القوات المسلحة اللبنانية في اتخاذ خطوات ترمي إلى إنشاء منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني خالية من أي عناصر مسلّحة"، وذلك ما يتعارض مع دور حزب الله العسكري في المنطقة.
وتضم اليونيفيل، حاليا، أكثر من 10,000 عنصر، وهي أكبر انتشار لقوات حفظ السلام الأممية في العالم، وتشمل أبرز الدول المشاركة فيها إيطاليا بنحو 1000 عنصر، تليها الهند بـ900 عنصر، ثم نيبال وغانا بـ874 عنصرًا لكل منهما.
وتسهم إسبانيا بـ677 عنصرًا، بينما يبلغ عدد أفراد الكتيبة الفرنسية 667 عنصرًا، إلى جانب مشاركة دول أوروبية أخرى مثل صربيا، وإيرلندا، وفنلندا، واليونان، بالإضافة إلى الصين ودول أخرى.