"المسافة صفر" ضد "الأرض المحروقة".. هل يتغير مسار الحرب في غزة؟
أظهرت حرب غزة أساليب وتقنيات مختلفة للقتال؛ بهدف تحقيق النصر أو التفوق على الخصم، وأظهرت لقطات فيديو نشرها نشطاء حركة حماس الفلسطينية تدمير معدات عسكرية إسرائيلية بقذائف صاروخية من مسافة قريبة، أو ما يطلق عليها "مسافة صفر".
وعادةً ما تتطور أساليب الحرب مع مرور الوقت، استجابةً للتغيرات في التكنولوجيا أو التكتيكات أو الأسلحة أو ظروف ميدان المعركة.
ولجأ مقاتلو حماس لهذا الأسلوب المفاجئ عبر الالتحام بالأرتال العسكرية الإسرائيلية، ووضع القنابل اليدوية على سطح الدبابات.
قتال متلاحم
ويرى الخبير العسكري والاستراتيجي المصري، العميد محمود محيي الدين، أن فرضية "مسافة صفر"، التي تستخدمها الفصائل الفلسطينية وحماس في هجومها على القوات الإسرائيلية، فرضتها طبيعة القتال المتلاحم داخل المنطقة السكنية في قطاع غزة.
وأشار، في حديث لـ "إرم نيوز"، إلى أن استخدام تلك الفرضية يُفاجئ إسرائيل ويُكبّد قواتها خسائر كبيرة في الآليات والمدرعات والأفراد، ما يؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار.

ومن ضمن الآليات التي دمرتها حماس من "مسافة صفر"، الجرافة المعروفة باسم "تيدي بير"، التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي في عملية التوغل البرّي، التي تُمهد الطريق للجنود وناقلات الجند والدبابات.
لكن الخبير محيي الدين يرى أنه ورغم استمرارية القتال المتلاحم من الفصائل، إلا أن الجيش الإسرائيلي سيواصل حربه ضد غزة.
العبوات الناسفة
وأوضح الخبير محيي الدين أن "حرب المدن التي تستخدمها الفصائل الفلسطينية تعتمد على الأسلحة المضادة للدبابات والمدرعات، إذ أظهرت عناصرها مهارة كبيرة في استخدام كورنيت الروسي المضاد للدبابات، وهو أحد الدروس التي تعلمتها من حرب 2006 في جنوب لبنان".
وأضاف أن "الفصائل الفلسطينية طوَّرت آر بي جي 7 الروسي للنسخة المطورة الياسين 105، التي تعتمد على وصلتين، الأولى لاختراق الدروع الإضافية للمدرعات، والأخرى لاختراق المدرعات نفسها، إذ أثبتت نتائج كبيرة في مواجهة قوات الجيش الإسرائيلي".
ورجح الخبير محيي الدين أن تلجأ الفصائل الفلسطينية إلى سلاح آخر في حربها، وهو العبوات الناسفة على الطرق والمحاور، مشيرًا إلى أنه سيكون لها أثر كبير أمام سلاح المدرعات والمشاة الميكانيكي التابع للجيش الإسرائيلي.
كما استطاع مقاتلو حماس خلال الأيام الماضية تدمير دبابات إسرائيلية عدة من مسافة قريبة جدًا، ومن أبرزها دبابة "ميركافا" الإسرائيلية، التي تُعد من أفضل الدبابات في العالم، ويطلق عليها "رأس الحربة" لأي قوات متقدمة في المعارك البرية.
وتصنف "ميركافا 4" ضمن الدبابات الثقيلة، التي يصل وزنها مع الطاقم والعتاد إلى 66 طنًّا، وتصل سرعتها إلى 46 كيلومترًا في الساعة ومداها 400 كيلومتر، ويصل طولها إلى 8.6 متر وعرضها 3.7 متر وارتفاعها 2.7 متر تقريبًا، وفق موقع "ميليتاري فاكتوري".
سلاح الأنفاق
ويشير خبراء عسكريون إلى أن شبكات الأنفاق تجعل الفصائل الفلسطينية في حالة تفوق أمام القوات الإسرائيلية، إذ يرى مدير كلية الدفاع الوطني الأسبق في مصر، اللواء محمد الغباري، أن "استخدام حركة حماس للأنفاق عامل رئيس للدفاع عن نفسها، لأنها لا تمتلك مدفعية أو صواريخ أرض أرض أو دبابات تساعدها في المواجهات البرية".
وأشار، في حديث لـ"إرم نيوز"، إلى أن "سلاح الأنفاق يُشكّل صعوبات كبيرة على الجيش الإسرائيلي، ولكن استمرار صمود الحركة يتوقف على المؤن والأسلحة والدعم اللوجستي والذخيرة والصواريخ التي تساعدهم على المواجهة لفترات أطول".
طائرات مُسيّرة
وأوضح خبير الأمن القومي المصري، اللواء محمد عبدالواحد، أن استخدام "مسافة صفر" شبيه بالعمليات الانتحارية، لأنها تكون من مسافات قليلة؛ أي من 50 إلى 150 مترًا، مبينًا أن "مواجهات الفصائل الفلسطينية قريبة جيدًا، عند وضع قنبلة على دبابة".
ويرى، في حديث لـ"إرم نيوز"، أن "إسرائيل تمتلك قوة كبيرة في الآليات العسكرية وبدأت في إدخال طائرات مُسيّرة في الحرب، ما سيؤدي إلى تغيير شكل المعركة، لأنها طائرات ذات إمكانيات عالية تستطيع التقاط الأشخاص وتصويرهم من مسافات بعيدة".
وأوضح اللواء عبدالواحد أن "هذا السلاح سيمكّن إسرائيل من تحديد أماكن أنفاق حماس وتحركات عناصرها والكمائن التي ينصبونها للقوات الإسرائيلية"، وأشار إلى أن "القوات الإسرائيلية عازمة على القضاء على الفصائل، محاولةً تقليل الخسائر البشرية".
حرب المدن
بينما يرى الخبير العسكري المصري، اللواء أركان حرب محمد الشهاوي، أن "الجيش الإسرائيلي يخشى من حرب المدن؛ لأنها تؤدي إلى خسائر فادحة، في ظل محاولات الفصائل الفلسطينية استهداف الإسرائيليين من المسافة صفر، باستخدام الأنفاق والعبوات الناسفة والدبابات والأسلحة".
وأوضح، في حديث لـ"إرم نيوز"، أن سلاح الأنفاق يجعل الفصائل الفلسطينية في حالة تفوق وصمود أمام القوات الإسرائيلية، ويصل عددها إلى 1300 نفق بطول 500 كيلو، التي تقدّم الدعم اللوجيستي، وتوفر المؤن والذخائر اللازمة للحرب.