تزعم إسرائيل وجود مركز قيادة لحركة حماس أسفل مستشفى الشفاء في غزة، إلا أن الدلائل الموثقة التي تدعم هذه الادعاءات تبدو مشوشة وملتبسة، مع شبكة من الأدلة المتضاربة والروايات المختلفة، مما يثير تساؤلات كثيرة ويفتح بابًا أمام تداعيات دولية ذات أبعاد عميقة.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، تحاول إسرائيل تقديم أدلة دامغة لتأييد ادعائها، لكن جولة قادها الجيش الإسرائيلي برفقة الصحفيين في أرض المستشفى لم تظهر بشكل مباشر سوى حفرة وسلالم، تم عرض صورها على انها مداخل للأنفاق المفترضة، ولم تقدم دليلاً حاسمًا.
كما شملت الأدلة الداعمة التي نشرتها إسرائيل مقاطع فيديو من داخل مستشفى الأطفال الرئيس في غزة، زاعمة إنها تكشف عن أسلحة ومتفجرات تم العثور عليها في المركز الطبي، وغرفة قال الجيش إن الرهائن كانوا محتجزين فيها. وقد واجهت هذه الادعاءات التي لم يتم التحقق منها معارضة شديدة من المسؤولين الفلسطينيين والعاملين في المستشفى، مما ألقى بظلال من الشك على مصداقية الرواية.
وتحتفظ السلطات الإسرائيلية والأمريكية على حد سواء بحيازة معلومات استخباراتية تؤكد أن حماس تدير مراكز قيادة ومستودعات ذخيرة تحت المستشفيات. ومع ذلك، لا يزال المحتوى الدقيق للاتصالات بين مقاتلي حماس التي تم اعتراضها غير معلن، مما يؤكد حساسية الوضع وتعقيده.
ويزعم الخبراء العسكريون ان الطبيعة المعقدة لهذه الأنفاق هو سبب تأخير تقديم رواية حاسمة للأمر، كما يشكل احتمال أن تكون هذه الأنفاق مفخخة بالمتفجرات مخاطر كبيرة على مساعي التحقيق، مما دفع المسؤولين العسكريين الإسرائيليين إلى إجراء عمليات استكشاف حذرة في النفق المكتشف في مستشفى الشفاء.
وقال مسؤولون في البنتاغون إن هناك إحباطًا من أن إسرائيل لم تأخذ المزيد من الوقت للتخطيط لغزو غزة، وهو ما كان من الممكن أن يسمح للقوات الإسرائيلية بإجلاء المدنيين.
وبعيدًا عن الصراع على الأرض، يخوض كل من إسرائيل وحماس أيضًا حربًا من أجل الرأي العام العالمي، حيث تزعم إسرائيل أن حماس تستغل المستشفيات والمدنيين كدروع بشرية، وهو ما تقابله حماس باتهامات ارتكاب تجاوزات إسرائيلية. وتعمل هذه المعركة السردية على تشكيل الرأي العام العالمي بشكل كبير، خاصة في ضوء تصاعد الخسائر في صفوف المدنيين.
كما يمتد نطاق الاتهامات الإسرائيلية لحماس إلى ما هو أبعد من النزاع حول مستشفى الشفاء، ليشمل شبكة أنفاق غزة المعقدة، والتي توصف بأنها مدن تحت الأرض. وقد كانت هذه الأنفاق محورية للحياة في المنطقة، وتوسعت منذ أن سيطرت حماس على السلطة في 2007، لتنسج شبكة معقدة من الممرات تم استخدامها لتهريب المواد الغذائية والبضائع والأشخاص.
ويبقى تحديد طول هذه الأنفاق لغزًا، حيث كان زعيم حماس، يحيى السنوار، قد اقترح في وقت سابق إنشاء أكثر من 300 ميل من الأنفاق، ويؤكد الخبراء العسكريون أن تدمير هذه الشبكات سيتطلب مهمة واسعة النطاق وطويلة الأمد، قد تمتد لعدة سنوات.
المصدر: صحيفة "نيويورك تايمز"