رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهوأ ف ب

"فورين أفيرز": اجتثاث حماس من غزة لن يكون بالسهولة المتوقعة

أكدت مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية أن إستراتيجية الردع الإسرائيلية كانت مجرد وهم، وأثبتت فشلها خلال عملية "طوفان الأقصى".

وأكدت أن اجتثات حركة "حماس" من غزة لن يكون بالسهولة المتوقعة، فإسرائيل هذه المرة تخوض حربًا لم تختبرها سابقًا في تاريخها.

وأضافت المجلة الأمريكية ذائعة الصيت في تحليل الشؤون الدولية أن "اجتثاث حماس باعتبارها حركة إيديولوجية واجتماعية، تتمتع الآن بامتداد عميق في المجتمع الفلسطيني، سيتطلب أكثر من مجرد سحقها في ساحة المعركة"، حيث "يتعيّن على إسرائيل أن تجد السبل لحشد الأطراف الفلسطينية والإقليمية للتوصل إلى حلٍ مستدام".

أشهر وليس أسابيع


وترى فورين أفيرز أنه و"بينما تبدأ إسرائيل عمليات برية واسعة النطاق في غزة، فمن الأهمية بمكان أن ندرك أنه سيكون من المستحيل هزيمة حماس بسرعة، وعلى النقيض من معظم العمليات الإسرائيلية السابقة منذ حرب لبنان الأولى العام 1982، سيكون من الضروري شن حملة طويلة لإضعاف حماس وعزلها، وبمرورالوقت، القضاء على حماس في غزة".

وشددت المجلة على أنه "لا ينبغي للحرب طويلة الأمد أن تعتمد بشكل حصري على القوة، بل يجب أن تشمل أيضًا جهودًا دبلوماسية وإعلامية وقانونية واقتصادية بدعم من الشركاء".

وبحسب المجلة، فإن "الموارد الاستثنائية اللازمة للمجهود الحربي واقتصاد الحرب والتصميم الوطني العميق والضروري لمواصلة المسار على مدى أشهر وحتى سنوات، يجب أن يتم، جنبًا إلى جنب، مع الجهود الرامية إلى تجنب حدوث أزمة إنسانية، ومع الجهود الإعلامية لمواجهة دعاية حماس المكثفة في النضال من أجل كسب الرأي العام العالمي".

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو
إسرائيل تعلن الدخول للمرحلة الثالثة من حرب غزة.. ماذا بعد؟

وهم إستراتيجية الردع


وبرغم الكلفة الباهضة للحروب الطويلة، ترى المجلة أنه "بعد هجوم السابع من أكتوبر سيتعيّن على إسرائيل أن تنفذ إستراتيجيات عسكرية مستمدة من نماذج الحرب طويلة الأمد، فهجوم "حماس" الأخير كان بمثابة انهيار كارثي للإستراتيجية الأمنية المعمول بها، حاليًا، في  الدولة العبرية، كما أن نموذج الردع القديم الذي افترض إمكانية احتواء "حماس" من خلال التكنولوجيا الدفاعية، وعمليات الردع المحدودة، وغير الحاسمة في غزة قد مات".


وتحدثت المجلة الأمريكية عن خلق نموذج أمني إسرائيلي جديد وفعّال في أعقاب الصراع، فإلى "جانب غزة، ستحتاج إسرائيل إلى معالجة الشبكة الأوسع من التهديدات والجماعات المسلحة المدعومة من إيران والتي تهدد إسرائيل الآن على جبهات متعددة".

وقالت "فورين أفيرز" إن نموذج الردع الذي كان يوجه السياسات الأمنية الإسرائيلية تجاه غزة في السابق قد تبلورعلى مدى سنوات عديدة وهو يقوم على" احتواء حماس والجهاد الإسلامي، اعتمادًا على الإنذارات الاستخبارية المبكرة، والدفاعات الحدودية القوية، والاستخدام العرضي للقوة لقمع الهجمات".

وأكدت أن هذا ما كان عليه الحال في الأعوام الماضية، التي شهدت عمليات نفذتها إسرائيل على قطاع غزة، بدا معها أن "حماس" تكتسب قوة أكبر وأسلحة أفضل، بما في ذلك الصواريخ الأطول مدى ذات الرؤوس الحربية الأكبر حجمًا، إلى جانب الطائرات دون طيارالتي يمكن أن تشكل تهديدات جوية وبحرية، لكن معظم هجماتها البرية والبحرية والجوية كانت فاشلة ضد إسرائيل .

وأردفت المجلة أن هذه الإخفاقات أقنعت إسرائيل بأن إستراتيجيتها الدفاعية كانت ناجحة، عندما لم تكن "حماس" قادرة على ضرب سكان إسرائيل بفاعلية في العمق.

وأوضحت أن المسؤولين الإسرائيليين خلصوا إلى أن "محاولة تدمير قوات حماس بشكل كامل ستكون مكلفة للغاية، وقد تخلق مشاكل جديدة خطيرة".

ورأت المجلة أن الحكومة الإسرائيلية " أبقت على صراعات محدودة النطاق مع حماس وقصيرة المدة إلى حد ما بشكل عام"، مضيفة أن "مفهوم الصراع المحدود هذا إلى جانب قبول إسرائيل الضمني بحكم حماس في غزة، خدم أهداف نتنياهو المتمثلة في تقسيم النظام الفلسطيني من خلال السماح لحماس بالحفاظ على سيطرتها على القطاع، وبالتالي تمكين إسرائيل من إضعاف السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، والتهرب من الحوار السياسي معها".

لكن في المقابل اعتبرت المجلة أن هذا النهج "سمح أيضًا لحماس بالحصول على الموارد التي تحتاجها لتحويل جيشها إلى جيش رعب عالي الكفاءة فيما اختارت إسرائيل عدم تعطيل برامج أسلحة حماس بالقوة إلا خلال هذه الصراعات المتقطعة والقصيرة الأمد".

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو
تقرير: حرب غزة كشفت الضعف الإسرائيلي.. والدولة الفلسطينية قادمة

نتنياهو ... من أسباب الكارثة


قالت مجلة "فورين أفيرز" إن هجوم حماس الأخيرعلى إسرائيل كان "مدمرًا أيضًا للسياسة الدفاعية الإسرائيلية" وشكل فشلاً للحكومة الإسرائيلية ومؤسستها الأمنية حيث "مرت ساعات عدة قبل أن يتمكن الرد العسكري الأكثر تنظيمًا من الوصول إلى المجتمعات التي تعرضت للهجوم، حيث كان الوقت قد فات بالنسبة للضحايا".

وأردفت: "على الفور تقريبًا انهارت المفاهيم والسياسات والمعتقدات التي حكمت العقيدة الأمنية الإسرائيلية لفترة طويلة والتي كان من بينها الافتراضات القائلة بأن الصراع الفلسطيني يمكن احتواؤه، وأن حماس قد وضعت حكمها ورفاهها الاقتصادي في قطاع غزة قبل أيديولوجيتها المتشددة ضد لإسرائيل، وبأنه يمكن للإسرائيليين احتواء حماس بتكاليف معتدلة وقوة بشرية محدودة نسبيًا"، معتبرة أن على إسرائيل "القضاء على حماس بشكل كامل".

ورغم اعتقاد المجلة بأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو هو أحد أسباب الكارثة، إلا أنها أوضحت "أن مفهوم الحرب الطويلة، التي لم يتم تحديد مدتها حتى الآن، يمكن أن يسمح للحكومة الحالية بالبقاء في السلطة على الرغم من الأزمة غير المسبوقة في إسرائيل.

لكنها لم تستبعد أن يقوم الجمهورالإسرائيلي، المعبأ حاليًا للمجهود الحربي، بالمطالبة - عاجلاً أم آجلاً - بالمحاسبة والتغيير."فبالإضافة إلى مطالبتهم بالتحقيق الشامل حول الأخطاء التي حدثت، فإنهم سيطالبون بمحاسبة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن دوره في "الكارثة".

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو
تقرير: إسرائيل أضعف حلقات محور الغرب والدولة الفلسطينية في الطريق

معضلات إنسانية صعبة  


وأشارت المجلة إلى أن " الطبيعة غيرالمسبوقة لهجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول قد تركت إسرائيل أمام معضلات إنسانية صعبة أولها تتعلق بالأعداد المتزايدة للقتلى الفلسطينيين، والتي تجاوزت 9 آلاف ضحية، والثانية مسألة وجود أكثرمن 240 رهينة تحتجزهم حماس في غزة، بما في ذلك الإسرائيليون والأجانب".

"وإلى جانب عملياتها العسكرية فإن إسرائيل تحتاج بمساعدة الشركاء والوسطاء الدوليين والإقليميين، إلى بذل كل ما في وسعها لضمان إطلاق سراح الرهائن بشكل آمن"، وفق الصحيفة التي ترى أن "العمليات العسكرية تزيد أيضًا من المخاطرالتي يتعرض لها الرهائن أنفسهم، الذين تستخدمهم حماس كدروع بشرية".

ورأت المجلة أن "إسرائيل تستطيع أن تفعل الكثير في هجومها الحالي على غزة، إلا أن لبنان يظل يمثل مشكلة كبرى فبعد حرب العام 2006، سحق حزب الله بشكل صارخ مفهوم المنطقة العازلة مع إسرائيل".

وأضافت أن حزب الله "يشكل تهديدًا وشيكًا للمجتمعات الشمالية في إسرائيل، والتي تم إخلاؤها الآن، وإذا فشلت الدبلوماسية والأدوات الاقتصادية، إلى جانب القوة المحدودة، في إزالة التهديد فلابد من النظر في خيارات أخرى أكثر تكلفة".

ورأت المجلة أنه "نظرًا لأن إيران تشن حربًا متعددة الجبهات ضد إسرائيل، وأن التهديد الذي تشكله جيوشها الإرهابية بالوكالة يتزايد، ستحتاج إسرائيل إلى جعل مواجهة "محور المقاومة" الإيراني، أولوية وطنية قصوى لسنوات مقبلة".

 

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو
ما خطة "غيورا آيلاند" وإلى ماذا تهدف إسرائيل من ورائها؟

غزة جديدة .. إسرائيل جديدة

المجلة التي بدت غير متفائلة بانتهاء حرب غزة قريبًا، قالت إنه بمجرد أن تحقق إسرائيل أهدافها العسكرية من الحرب على حماس، " سيكون لزامًا عليها أن تتعامل مع مسائل أكبر، وأولها كيفية تحقيق الاستقرار في القطاع".

ودعت المجلة إلى العمل مع شركاء دوليين وإقليميين من أجل "دعم إدارة فلسطينية معتدلة وشرعية ومسؤولة في غزة وتوفيرالدعم السياسي والمالي ومساعدتها على مواجهة المهمة الشاقة المتمثلة في إعادة الإعمار والقضاء على التطرف، وتحقيق الاستقرار".

وشددت "فورين أفيرز" على أهمية أن يحكم غزة في نهاية المطاف سكان غزة والفلسطينيون الأكفّاء الذين يحصلون على الدعم الإقليمي والدولي ".

وخلصت إلى أن "تفويض الأمن والحكم الأساسيين للجماعات الفلسطينية المعتدلة سيتماشى مع النهج الذي تتبعه إسرائيل تجاه الضفة الغربية، لكنه لا يتماشى كثيرًا مع أعضاء الجناح اليميني في الحكومة الإسرائيلية الحالية، الذين ينظرون إلى السلطة الفلسطينية باعتبارها وكيلاً للإرهاب".

وختمت المجلة أنه "على الرغم من أن السلطة الفلسطينية نفسها غير متحمّسة لحكم غزة فعليًا، إلا أنها تربط دورها هناك بإطار أوسع يتناول المسرح الفلسطيني ككل".

الأكثر قراءة

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com