سعوديون يشخصون مكامن الخلل في القطاع الحكومي.. ميزانيات ضخمة ونتائج هزيلة
سعوديون يشخصون مكامن الخلل في القطاع الحكومي.. ميزانيات ضخمة ونتائج هزيلةسعوديون يشخصون مكامن الخلل في القطاع الحكومي.. ميزانيات ضخمة ونتائج هزيلة

سعوديون يشخصون مكامن الخلل في القطاع الحكومي.. ميزانيات ضخمة ونتائج هزيلة

اعتبر مثقفون وكتاب سعوديون، أن الوضع الاقتصادي الذي تشهده المملكة رغم انتهاج الحكومة سياسة تقشفية صارمة، يدعو للتفكير في مكامن الخلل خاصة في القطاع العام، وتحديدًا الوزارات وطريقة تسييرها.

وجاء تفكير السعوديين بوضعهم الاقتصادي، على خلفية تضرر إيرادات المملكة جراء هبوط أسعار النفط الخام، أكثر من النصف منذ العام 2014، والعجز في الموازنة الذي بلغ مستوى قياسيًا عند 98 مليار دولار أمريكي، العام الماضي؛ وهو ما جعل القطاع الحكومي عرضة للنقد والتمحيص في محاولة لوضع اليد على مكامن الخلل فيه.

ميزانيات ضخمة ومردود ضعيف

وتثير حالة الجمود في بعض الوزارات حفيظة شريحة واسعة من السعوديين، المطالبين بظروف معيشية أفضل ترقى إلى كون المملكة أغنى الدول العربية، وأكبر مصدر للنفط الخام في العالم.

واستنكر الكاتب السعودي شتيوي الغيثي، في مقال نشرته صحيفة "الوطن" السعودية، تحت عنوان "هشاشة التضخيم ومتانة السيطرة" وجود ثغرة بين الميزانيات الضخمة لبعض الوزارات، والخدمات التي تقدمها؛ قائلًا إن "الإنفاق على المشاريع ضخم جدًا في كل المجالات، لكن النتائج لم تكن بحجم ما يصرف عليها".

وضرب الكاتب مثالًا على ذلك ميزانيات وزارتَي التعليم والصحة، اللتَين "تحصلان على أضخم ميزانية من بين كل الوزارات، لكن في المقابل فإن النتائج ضعيفة مع حجم الإنفاق عليهما، فلا التعليم قد أصبح على أفضل المستويات ما لم نقل بالتراجع، ولا الصحة تحظى بقابلية في خدماتها، إضافة إلى تراجع خدماتها وضعف بنية بعض المستشفيات، وتعثر بناء مستشفيات أخرى، فضلًا عن أن بعض المناطق كالشمال والجنوب لا تحظى بخدمات طبية تساوي كبر المنطقة، ما يُلجِئ بعض أبناء الشمال إلى معالجة ذويهم في الأردن لجودة ناتج الخدمات الطبية بالمقارنة مع ناتج الخدمات الطبية في السعودية، هذا مظهر من مظاهر ثنائية الضخامة والهشاشة".

البيروقراطية تحكم القطاع الحكومي

ويضيف الكاتب، أن القضية ليست "في حجم الصرف ولا بضخامة المنجز الشكلي بقدر ما أن المسألة هي عملية بيروقراطية، تستهدف المزيد من إعادة المنجز إلى الدولة نفسها، بمعنى أن التضخيم التنموي هو في شكل من أشكاله تضخيم للحالة البيروقراطية في مؤسسات الدولة المختلفة، وتضخيم البيروقراطية هذا يهدف إلى توسيع نفوذ الدولة وعدم استقلالية أي مجال من مجالاتها عن نفوذها وتغلغلها في القطاعات كافة".

وضرب الكاتب مثالًا على ذلك في ميزانية وزارة الثقافة والإعلام الكبيرة، معتبرًا أن ميزانيتها تُصرف في "عدد من المشاريع الثقافية والإعلامية كل سنة أو ربما كل موسم، لكن الناتج يكون ضعيفًا عادةً، وقبل أيام أيضًا صادرت الوزارة من أحد المقاهي عددًا كبيرًا من الكتب، رغم أنها قد اقتنيت من معرض الكتاب في الرياض نفسه، والسبب في رأيي ليس في عدم صلاحية ما يعرض من كتب بقدر ما هو راجع إلى الذهنية البيروقراطية التي أفرزتها ذهنية السيطرة، والوزارة جهاز من أجهزة الدولة وتعمل وفق آلياتها".

ويأتي حديث الكاتب، في إشارة إلى مصادرة حوالي سبعة آلاف كتاب، تتجاوز قيمتها 100 ألف ريال (حوالي 26.6 ألف دولار) من مقهى "الراوي" الشهير، في العاصمة الرياض، بتوجيه من وزارة الثقافة، دون تقديم الأسباب الموجبة للمصادرة.

ووفقًا للقانون السعودي؛ تُعدّ وزارة الثقافة والإعلام الجهة المسؤولة عن الرقابة والمنع والمصادرة، عبر الاستعانة بمراقبين متخصصين بالعلوم الشرعية واللغوية والاجتماعية والسياسية والتاريخية.

السعوديون يفضلون القطاع الحكومي رغم التقشف

على الرغم من إصدار الحكومة السعودية في الآونة الأخيرة، سلسلة من الإجراءات التقشفية، كان أبرزها تقليص رواتب الموظفين، وإلغاء البدلات، يحاول مثقفون سعوديون تغيير النظرة النمطية لدى شريحة واسعة من السعوديين ممن يتهافتون على الوظائف الحكومية.

وكغيرهم من مواطني دول مجلس التعاون الخليجي؛ يفضل السعوديون الوظائف الحكومية اليسيرة ذات العائد المادي الأكبر، ويرفض الكثير منهم الانخراط في وظائف القطاع الخاص، على الرغم من وصول نسبة البطالة في المملكة إلى حوالي 12%.

هل تحول القطاع الحكومي إلى جمعية خيرية؟

وفي مقال نشرته صحيفة "الوطن" السعودية، تحت عنوان "هذه ليست جمعية خيرية" تساءل الكاتب السعودي، صالح الشيحي، عن الطريقة المثلى لمنع خلط البعض بين القطاعات الثلاثة؛ الحكومي والخاص والخيري.

ويقول الكاتب إن "القطاع الحكومي يفترض أن تكون لديه أنظمة وقوانين وتقاليد عريقة لا تقبل التجاوز، أو المساس بها، مهما كانت النوايا سليمة، الحفاظ على شخصية المؤسسة الحكومية وحمايتها من الاجتهادات هو حفاظ على كيان وهوية الدولة، وهيبتها، حينما تتقمص المؤسسة الحكومية -ورأسها ورئيسها- حالة المؤسسات الخيرية وتفتح ذراعيها للتبرعات من المحسنين، وتقبل الصدقات وما في حكمها من كفارات يمين، وزكوات فطر، وأرز وتمر، وملابس قديمة، ودفايات ومكيفات مستعملة، فهذا يعني أن هناك خللًا لا يقبل السكوت".

ويضيف أنه "حينما تقبل المؤسسة الحكومية الدعم والهبات من أحد موظفيها، هل تستطيع أن تضعه تحت مسطرة واحدة مع بقية الموظفين؟".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com