رغم تعقيد المهمة.. السعودية مصممة على النجاح في العراق
رغم تعقيد المهمة.. السعودية مصممة على النجاح في العراقرغم تعقيد المهمة.. السعودية مصممة على النجاح في العراق

رغم تعقيد المهمة.. السعودية مصممة على النجاح في العراق

بدأت السعودية قبل نحو عام ونصف، سياسة جديدة في محيطها تقوم على المبادرة، بوصفها دولة ذات قوة ومكانة في الإقليم، وحققت تقدماً لافتاً في عدة ملفات، لاسيما في اليمن وسوريا، لكن مهمتها في العراق ما زالت تواجه صعوبات جمة، ورغم ذلك تصر الرياض على عدم التراجع.

واستطاعت السعودية ضمن التحالف العربي الذي تقوده، تغيير موازين القوى في اليمن لصالح الحكومة الشرعية ضد الحوثيين وحليفهم الرئيس السابق علي عبدالله صالح، كما مدت المعارضة السورية بدعم مالي وسياسي ولوجستي عسكري ساعدها في الوقوف بوجه قوات بشار الأسد، إلا أن سياستها في العراق تواجه تحديات منعتها حتى الآن من إحراز تقدم كبير، لكنها تواصل المهمة المعقدة.

ودخلت الرياض بقوة في الملف العراقي، منذ تولي الملك سلمان بن عبد العزيز سدة الحكم مطلع العام الماضي، حيث لم يتردد في إثبات قدرة المملكة ومكانتها السياسية والعسكرية والاقتصادية والدينية في الإقليم المضطرب، وعين سفيراً مقيماً لبلاده في بغداد، التي كانت الرياض فيها تعتمد على نفوذ حليفتها واشنطن، قبل أن تغير من سياستها بعد تراجع الدور الأمريكي هناك لصالح منافستها طهران.

قلق إيراني

ويقول مراقبون، إن السفارة التي يتواجد بها موظفون مدنيون يقودهم السفير ثامر السبهان، سببت قلقاً لإيران ذات النفوذ الكبير في العراق، أكبر من قلق طهران من تدخل السعودية عسكرياً في اليمن، ومساندتها للمعارضة السورية، وهو ما دفعها لمحاولة اغتياله بعد أن تجاهل الرجل كل التهديدات وأصر على مواصلة مهمته الشاقة.

ومنذ تعيين ثامر السبهان في منصب سفير الرياض ببغداد، استطاع الرجل جذب أنظار السياسيين والإعلاميين إليه بالقدر ذاته الذي جلبه التدخل السعودي في الملف اليمني والسوري، رغم أن السبهان ذو الخلفيات والخبرة العسكرية، يعمل لأول مرة في منصب دبلوماسي مدني بحت.

السبهان يكسر الرتابة

وقال الكاتب والإعلامي السعودي البارز تركي الدخيل، إن السبهان استطاع أن يدخل البيوت الشيعية والسنية والكردية، وأن يكسر من الرتابة السياسة القائمة بالعراق، المعتمدة على دعم فصيل واحد ذي طابع إيراني محض.

وأضاف الدخيل، في مقال نشرته صحيفة "الشرق الأوسط"، تعليقاً على طلب بغداد من الرياض تغيير السبهان بشخص آخر، "تحاول إيران عبر أذرعها تخويف الدبلوماسيين الذين يقومون بجهد نادر للتواصل مع أطياف المجتمعات التي يعملون فيها، تقوم السفارات السعودية بلبنان والعراق بجهوٍد للاتصال مع مختلف أطياف المجتمع وانتماءاتهم وتياراتهم، وهذا يوجع إيران التي تعودت على التواصل مع فريق واحد فقط".

وتتهم السعودية إيران بالهيمنة على العراق، وفرض نفوذها على مؤسساته السياسية والعسكرية والاقتصادية، ونشر الطائفية والمذهبية هناك، والوقوف خلف العنف المتواصل منذ العام 2003. ويرى محللون سعوديون، أن إيران هي من يقف خلف طلب بغداد من الرياض تغيير السبهان.

ويقول مراقبون، إن السياسة السعودية في العراق متواصلة رغم كل التحديات والمفاجآت، التي تخبئها إيران وحلفاؤها في الحكومة العراقية للرياض التي يصر قادتها على ملء الفراغ، الذي تركه تردد واشنطن في التدخل بالمنطقة، وتزايد نفوذ طهران فيها.

وقال الإعلامي السعودي، جمال خاشقجي، إن "التحدي جداً صعب، لأن السعودية لا تستطيع أن تفعل في العراق ما تفعله إيران، ولا تستطيع أن تمول ميليشيات أو تمول أحزابا وتدخل في جهاز الاستخبارات العراقي مثلما دخلت إيران".

وأضاف خاشقجي، في تعليقه لوسائل إعلام عربية عدة، تصدر الخلاف العراقي السعودي حول السفير السبهان تغطياتها الإخبارية، أن "السعودية مشغولة جداً بالعراق، وتحاول إنقاذه من الحالة الإيرانية التي سقط فيها، وأتوقع ألا تغلق السعودية سفارتها في بغداد، هنالك مطالب شديدة من الوطنيين العراقيين بإبقاء العلاقة مع السعودية".

وخلال عام واحد من عمل السفارة السعودية في بغداد، استطاع السبهان بناء علاقات قوية مع قوى سياسية عراقية شيعية وسنية وكردية، ويتفق الخطاب السعودي حول عروبة العراق، مع خطاب مماثل تتبناه قوى شيعية بارزة بينها دعوات رجل الدين الشيعي القوي مقتدى الصدر.

وندد تحالف القوى العراقية، الذي يمثل أكبر كتلة سنية في البرلمان والحكومة بالعراق، بموقف الحكومة العراقية من السفير السبهان، ورفض طلبها باستبدال السفير السعودي، معتبراً أن ذلك يمثل "سابقة خطيرة لم تألفها الأعراف والتقاليد الدبلوماسية بين الدول المتحضرة، في إساءة متعمدة للدور السعودي الإقليمي".

نجاح سعودي

وقال دبلوماسي سعودي سابق لموقع "إرم نيوز"، إن "بلاده تأخرت كثيراً في التدخل بالعراق ومساعدة القوى الوطنية هناك للوقوف في وجه المشروع الإيراني الطائفي هناك، لكنها أثبتت أنها تمتلك القدرة على فعل ذلك في زمن قياسي".

وأضاف الدبلوماسي الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن "كل هذا الغضب الذي وصل حد الاغتيال للسفير السبهان، يعكس أن النجاح الذي تحققه الرياض لا يروق لطهران، في وقت ليس ببعيد سيكون للسعودية قاعدة شعبية عراقية ذات نفوذ سياسي، يضمن لها دوراً أكبر بغض النظر عن شخصية السفير".

ولم ترد الرياض بعد بشكل رسمي على طلب بغداد تغيير سفيرها، لكن كل التوقعات تتحدث عن الدور السعودي المتواصل هناك، والذي ما كان ليقلق طهران لولا وصوله لمستويات تهدد وجود ونفوذ إيران في العراق، بغض النظر عن شخصية السفير.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com