السعودية ولبنان.. طلاق مؤلم
السعودية ولبنان.. طلاق مؤلمالسعودية ولبنان.. طلاق مؤلم

السعودية ولبنان.. طلاق مؤلم

لخص رسم كاريكاتيري لاذع في صحيفة الشرق الأوسط، حجم الغضب وراء قرار المملكة العربية السعودية إلغاء مساعدات عسكرية بمليارات الدولارات لبيروت، ووقف الدور الذي قامت به الرياض في الحياة السياسية الحافلة في لبنان طوال عقود، إذ قال التعليق المصاحب له: "كذبة نيسان ... دولة لبنان".

نشر الرسم في اليوم الذي قررت فيه قناة العربية التلفزيونية إنهاء أعمالها في لبنان في أحدث مؤشر على خلاف بدأ في يناير/ كانون الثاني الماضي وظل يشتد حدة.

وخلاصة الرسم اللاذع أن الحكومة اللبنانية خرافة وتعكس اقتناع السعودية بأن جماعة حزب الله الشيعية التي تدعمها إيران خصم الرياض على المستوى الإقليمي هي التي تحرك الأمور في بيروت الآن.

لكن كثيرين من اللبنانيين يرون أن الرد السعودي بوقف المساعدات العسكرية التي تبلغ ثلاثة مليارات دولار، ومساعدات أخرى للأجهزة الأمنية قدرها مليار دولار، يحمل في طياته بذور النتائج العكسية، وذلك بإضعاف الجيش الذي يمثل قوة مقابلة لحزب الله ويجعل الجماعة الشيعية أقوى من أي وقت مضى.

وقال دبلوماسي أوروبي رفيع المستوى: "إن الوضع الحالي معناه أننا نترك لبنان لإيران، وهذه لطمة كبيرة للبنان".

وسيتيح ذلك لحزب الله وبالتالي لمؤيديه في طهران مزيداً من الهيمنة أكثر من ذي قبل في لبنان غير المستقر، الذي يعد مركزاً للنشاط المصرفي والتجاري في الشرق الأوسط ويستضيف أكثر من مليون لاجئ سوري.

وكانت الشرارة التي أطلقت القرار السعودي المفاجئ في فبراير/ شباط عدم انضمام لبنان إلى بقية الحكومات العربية في التنديد بالاعتداءات التي وقعت قبل ثلاثة أشهر على السفارة السعودية في طهران.

وكان الإفراج عن وزير سابق "ميشيل سماحة" من سجن لبناني بعد إدانته بتهريب متفجرات في مؤامرة مع السلطات السورية، إشارة للسعودية بأن القضاء اللبناني أصبح أسير خصومها.

وقادت السعودية الجهود التي استهدفت صدور قرارين من دول الخليج ومن الجامعة العربية باعتبار حزب الله منظمة إرهابية، وأدى ذلك إلى تقارير عن إرغام مواطنين لبنانيين على مغادرة دول خليجية بسبب ما تردد عن صلات تربطهم بحزب الله.

ويقول لبنان، إنه عاجز عن إثبات حدوث عمليات طرد، لكن ساسة في لبنان يأخذون هذه التقارير على محمل الجد.

وقال عادل الجبير وزير الخارجية السعودي الشهر الماضي: "إن المزعج في موضوع لبنان أن ميليشيا مصنفة كمنظمة إرهابية صارت تسيطر على القرار في لبنان".

وبخلاف ذلك تعتقد السعودية أن حزب الله ينشر نفوذه - والنفوذ الإيراني - خارج حدود لبنان.

وقد شاركت جماعة حزب الله في الحرب السورية الدائرة منذ خمس سنوات إلى جانب قوات الرئيس بشار الأسد، واتهمتها الرياض بالتدخل في اليمن، وهي اتهامات نفاها حزب الله.

ترك لبنان

أشار التحول السعودي إلى تراجع عن تاريخ طويل من الانخراط النشط في لبنان.

فقد استضافت المملكة محادثات السلام التي وضعت نهاية للحرب الأهلية التي شهدها لبنان من 1975 إلى 1990، ودعمت المسلمين السنة وحلفاءهم من المسيحيين في ائتلاف 14 آذار خلال السنوات التي أعقبت الحرب عندما خفت حدة العنف كثيراً ولكن تزايدت المشاحنات.

وقبل ست سنوات زار الملك عبد الله عاهل السعودية الراحل بيروت لنزع فتيل أزمة بين حركتي 14 آذار والثامن من آذار التي تضم في صفوفها حزب الله بعد أن هددت تلك الأزمة بتجدد الصراع.

وحولت الرياض مئات الملايين من الدولارات لحلفائها في لبنان سواء مباشرة أو بطريق غير مباشر عن طريق رجل الأعمال الملياردير سعد الحريري رئيس الوزراء السابق، ووالده الراحل رفيق الحريري، وتملك عائلة الحريري شركة سعودية كبرى للإنشاءات هي شركة سعودي أوجيه.

ومن وجهة النظر الخليجية تعكس التحركات السعودية إعادة تقييم عقلانية لضآلة العائد على ما بذلته المملكة من جهود في لبنان، وشعور بالإحباط لما أصاب حلفاءها اللبنانيين من ضعف متزايد بالإضافة إلى أولويات إستراتيجية وضعت البلاد في مرتبة تالية لسوريا واليمن والعراق فيما يشهده الشرق الأوسط من اضطرابات.

وقال مصطفى العاني المحلل الأمني الذي تربطه صلات وثيقة بوزارة الداخلية السعودية: "كانت المنحة (للجيش اللبناني) مبنية على افتراض أنها ستقوي مؤسسات الدولة وتسمح لها بتحدي المؤسسات غير الرسمية، ولم يحدث ذلك".

وأضاف: "اقتنعوا بأن حزب الله خطف الدولة اللبنانية".

وقال دبلوماسي يعمل في الرياض: "إن السعودية تشعر -أيضاً- بالإحباط تجاه سعد الحريري الذي أمضى معظم السنوات الخمس الأخيرة خارج لبنان بسبب مخاوف متعلقة بأمنه الشخصي، وكان والده اغتيل في بيروت العام 2005".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com