ماكرون يسير على خيط رفيع في حقل ألغام بين السعودية وإيران
ماكرون يسير على خيط رفيع في حقل ألغام بين السعودية وإيرانماكرون يسير على خيط رفيع في حقل ألغام بين السعودية وإيران

ماكرون يسير على خيط رفيع في حقل ألغام بين السعودية وإيران

 بعد أن انحاز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بقوة تجاه السعودية ضد إيران، تتأهب فرنسا للعب دور الوسيط بين الخصمين المتنافسين، لكن حيادها الشديد قد يجردها من أي وسيلة ضغط ذات مغزى.

ومع احتدام التوتر بين الرياض وطهران منذ استقالة سعد الحريري من رئاسة وزراء لبنان، قام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بزيارة لم تكن معدة سلفًا للسعودية، حيث التقى ولي العهد محمد بن سلمان، يوم الخميس.

وهذه الخطوة التي اتخذها ماكرون، قبل زيارة محتملة لإيران العام المقبل، تتماشى مع نهجه في السياسة الخارجية، والذي يتمثل في محاولة الوساطة بين جميع الأطراف دون أي التزام يقع عليه ودون أن يكون مصدر إزعاج لأحد.

وقال وزير الخارجية الفرنسي السابق، آلان جوبيه، للصحفيين أمس الجمعة: "هناك قدرة على الأخذ بزمام المبادرة أقوى من ذي قبل". وأضاف: "جميل أن يتدخل الرئيس. إنها مبادرة أخذها على عاتقه وقد تنجح".

وخلال زيارته دبي، يوم الخميس الماضي، سار ماكرون على خط دقيق وهو يطالب بموقف دولي حازم تجاه برنامج إيران النووي والصاروخي، وبين التحذير ضمنيًا من أن نهج الرياض تجاه خصمها الشيعي مبالغ فيه.

والسير على هذا المنوال قد يساعد على حماية روابط فرنسا التجارية والاقتصادية في إيران ويتيح متسعًا من الوقت للسعودية، لكن بعض الدبلوماسيين يتملكهم القلق من أن الرئيس، البالغ من العمر 39 عامًا والحديث العهد بالشؤون الدولية، قد يترك فرنسا في مهب الريح في نهاية الأمر.

وقال مصدر دبلوماسي فرنسي: "ينبغي أن نحد من المخاطر التي يمكن أن نواجهها في المنطقة. يمكن أن نتلقى ضربات عديدة وليس لدينا نقاط نضغط بها عليهم... لا أعتقد أن من صالحنا أن ندخل في عراك بين القوى".

وسواء في عهد الرئيس السابق، فرانسوا أولوند، الذي أخذ صف السعودية، أو في عهد سلفه، نيكولا ساركوزي، الذي انحاز لقطر، وطدت فرنسا أواصر جديدة مع الدول العربية الخليجية، بينما اتخذت منحى متشددًا إزاء إيران خلال المفاوضات النووية.

لكن خلال حملته الانتخابية تعهد ماكرون باتخاذ نهج مختلف. وانتقد علنًا السعودية وقطر لما رآه دعمًا لجماعات إسلامية متشددة في المنطقة. وبعد الاتفاق النووي الذي رفع العقوبات عن إيران عادت فرنسا لتعاملاتها التجارية والاستثمارية معها.

لكن خلال نفس الفترة، أحدث ولي العهد السعودي (32 عامًا) تغييرًا واسعًا على الساحة وأقام علاقات وثيقة مع ترامب، واتخذ نهجًا يتسم بقدر أكبر من المواجهة مع إيران، وفي الأسبوع الماضي أحدث تغييرات كاسحة بالهياكل السياسية في السعودية.

عامل توازن

"فرنسا تحاول أن تكون عامل توازن بين إيران والسعودية".. كانت هذه عبارة دومينيك مواسي، المستشار الخاص المسؤول عن العلاقات الدولية في معهد مونتاني بباريس.

وأضاف: "مع تفاقم الوضع في المنطقة، فإنها تعرض نفسها كوسيط بعد أن فضّل ترامب معسكرًا على الآخر"، مشيرًا إلى قرار الرئيس الأمريكي عدم التصديق على التزام إيران بالاتفاق النووي.

حاول ماكرون أن يبدو محايدًا يعرض شيئًا ما على كل طرف. وتعهد بالالتزام بالاتفاق النووي مع إيران، بينما أخذ يعزز العلاقات مع ترامب والسعودية. وفي الوقت ذاته هدد بفرض عقوبات جديدة على طهران بسبب برنامج صواريخها الباليستية، ووعد بالتعامل مع نفوذها المتصاعد في المنطقة. غير أن إيران لم تبدِ تأثرًا كبيرًا.

وقال مسؤول إيراني كبير تحدث، شريطة عدم الكشف عن اسمه، "لا أعتقد أن هذه السياسة ناجحة. إن كانت دولة بحجم فرنسا تحاول استرضاء الأطراف، فإن ذلك سيأتي بأثر عكسي مع شخص مثل ترامب وسيشجع إدارته على التمادي".

ويؤكد المسؤولون الفرنسيون أن باريس يمكن أن تلعب دورًا في صراعات دولية عديدة نظرًا لكونها عضوًا له حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي، ولعلاقاتها التاريخية في الشرق الأوسط. ويقولون إن بقاءها على الحياد سيكسبها مصداقية ويجعلها تبدو متسقة مع نفسها على المدى الطويل.

ومنذ تولى ماكرون الرئاسة، عرض الوساطة في ليبيا وأوكرانيا وسوريا وفي الأزمة مع قطر بل وفي فنزويلا. وفي كل مرة كان يحاول تجنب الانحياز مع أحد ضد أحد. لكن هذا قد لا يجدي.

قال جلال حرشاوي، الباحث بجامعة (باريس 8): "فرنسا تدرك تمامًا أن هناك مشكلة زعامة في الجانب الأمريكي، وتعي أن هذه ربما كانت فرصة لإحداث اختلاف".

وأضاف: "لكن يبدو حتى الآن أن ماكرون وفريقه في حالة انعدام تركيز، وأنهم في عجلة للإعلان عن مبادرات كبرى، لكن النتائج محدودة للغاية".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com