كيف اخترق "حزب الله" الأجهزة الأمنية والعسكرية في لبنان؟
خلّف الخطاب الأخير لأمين عام "حزب الله" اللبناني حسن نصر الله انطباعًا بأنّ الحزب بات يتحدّث باسم الجيش والشعب، لا باسم "المقاومة" فحسب، ما يعني أنّ الميليشيات الشيعية اخترقت الأجهزة الأمنية والعسكرية اللبنانية، وفق تقرير إخباري فرنسي.
وقال التقرير الذي نشره موقع "موند أفريك" إنّ "حزب الله" فرض نفسه على الشعب اللبناني من خلال تجسيد مقولة "الجيش والشعب والمقاومة"، مشيرًا إلى أنّ هذا التعبير جاء على لسان نصر الله، ووُلد في أعقاب حرب العام 2006، التي وضعت الجيش الإسرائيلي في مواجهة الحزب الشيعي.
وظهر الجناح المسلح لـ "حزب الله" في الثمانينيات في خضم الحرب الأهلية بهدف تحرير الأراضي اللبنانية من الاحتلال الإسرائيلي، لكن "هذه الحركة التابعة لإيران، والتي تغلغلت تدريجيًا في الدولة اللبنانية، أصبحت العقبة الأساسية أمام الحياة السياسية السلمية في بلد لم يتمكن منذ عام من انتخاب رئيس للجمهورية" وفقًا للتقرير.
واعتبر تقرير "موند أفريك" أنّ الجيش اللبناني محكوم عليه بالتعايش مع هذا الوضع بكثير من الدبلوماسية، مشيرًا إلى أنّ قائد الجيش العماد جوزيف عون الذي يحظى بتقدير كافة القوى السياسية "يقود جيشًا يتكون نصفه من الضباط المسيحيين، على الرغم من أن الرئيس السابق ميشال عون، حليف "حزب الله" مارس، خلال السنوات الأخيرة، ضغوطًا على الناشطين من حركته، التيار الوطني الحر، لزيادة صفوف المتعاطفين معه داخل المؤسسة العسكرية."
كما يجب على العماد جوزيف عون الاعتماد على ضباط الصف بنسبة السُّنة 35%، والمسيحيين بنسبة 28%، أمّا ربع التسلسل الهرمي العسكري الأوسط فقط فهم من الشيعة، ولكن ليس بالضرورة تحت تأثير "حزب الله"، وفق التقرير.
وتابع التقرير أنّه "خلال السنوات الأخيرة، كان تركيز الجيش على تجنيد النساء، وهو بالتأكيد طريقة ذكية لتجنب وصول الجنود المسلمين الأصوليين"، وفق ما نقله عن أحد الضباط.
وأشار التقرير إلى أنّ كل شيء في لبنان مرتبط بالتوازنات، حيث إنّ هناك ضباطًا كبارًا في الجيش معروفون بقربهم من "حزب الله" مثل العميد مالك شمص، عضو المجلس العسكري، والمدير العام للإدارة، وتظهر مهامه السابقة كنائب قائد قطاع جنوب الليطاني، ونائب مدير المخابرات، ومنسق الحكومة اللبنانية مع البعثة الأممية للسلام في جنوب لبنان".
ووفق التقرير، "تضم قوات الأمن الداخلي نحو 30 ألف ضابط شرطة وجهاز استخبارات متطور، ويتم تقديمها على أنها قلعة سُنية، وزعماؤها في الواقع ينتمون إلى هذا المجتمع السُّني، وقد كان رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، الحريص على بناء شرطته السياسية، هو الذي أعطى قوات الأمن الداخلي وسائل كبيرة للتدخل، لا سيما على مستوى أنظمة الاستماع الأكثر كفاءة في لبنان، كما تم تدريب المديرين التنفيذيين من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي وفرنسا وإيطاليا، وكان التمويل أمريكيًا".
وأكد التقرير أنّه "على مدى السنوات العشر الماضية، تطورت العلاقات بين قوات الأمن الداخلي وحزب الله، وحسن نصر الله، ورفاقه يفضلون الآن التسلل على المواجهة، ومن المؤكد أن رئيس قوات الأمن الداخلي الحالي عماد عثمان مقرب من "تيار المستقبل" الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق ونجل رفيق الحريري، ويرأس جهاز المخابرات خالد حمود، لكن القتال ضد الشبكات الإسرائيلية في لبنان أو القتال ضد الجماعات المرتبطة بتنظيم داعش الإرهابي، غالبًا ما يكون نتيجة للتعاون الوثيق بين قوات الأمن الداخلي والأجهزة التي يهيمن عليها حزب الله."