حزب الله يعلن قصف تجمع لجنود إسرائيليين في موقع المرج
قال خبراء في الشؤون الإسرائيلية إن غرور رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يقود منطقة الشرق الأوسط لما هو أخطر، مشيرين إلى أن حزب الله وفر له بيئة خصبة لإعادة إنتاج نفسه داخليا وخارجيا على أنه الرجل القوي الذي يحقق أهدافه.
وأشار الخبراء إلى أن "كل هذه الدماء والفوضى، في لبنان، ولدت قوة ودعما جديدا لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بل حولته لبطل قومي في إسرائيل".
وأضافوا أنه "لم يعد من المنطقي الحديث عن انتخابات مبكرة أو غيره، بل الأكثر من ذلك أن هناك محاولات لإغلاق ملف قضايا الفساد التي تطارده منذ سنوات، وهو يحاول التهرب منها".
وأكد أستاذ الدراسات العبرية والإسرائيلية بجامعة القاهرة، محمد أحمد صالح، أن "نتنياهو نجح في الآونة الأخيرة في فرض سياسته التي كان الكثيرون يعارضونها بالداخل الإسرائيلي، حتى لو كان الثمن هو التضحية بالأسرى لدى حماس".
وأضاف صالح لـ"إرم نيوز،" أنه "بعد عمليات الاختراق الأخيرة في أجهزة الاتصال بين أفراد وقادة حزب الله في لبنان، فضلا عن اغتيال قادة حماس في الخارج، العاروري في لبنان وهنية في طهران، انتهاء باغتيال قادة حزب الله في الضاحية، وعلى رأسهم حسن نصر الله، كل هذا جعل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بطلا قوميا في نظر رجل الشارع الإسرائيلي العادي".
وأشار إلى أن ذلك "جعله يحتل صدارة المشهد السياسي في الوقت الراهن، وهذا ما كشفت عنه استطلاعات الرأي".
وأردف: "نتنياهو وفريقه يتصدرون المشهد السياسي على حساب معارضة ضائعة".
وأكمل: "يبدو نتنياهو الآن ثعلبا سياسيا يفكر بعقلية استراتيجية بشكل ما، نجح من خلالها في تحقيق جزء كبير من أهدافه في لبنان، واستعادة قوة الردع الإسرائيلية، مؤكدا على أن من يهدد إسرائيل سيناله ما نال حزب الله وقادته".
"قرار مرتجل"
بدوره، قال رئيس قسم اللغة العبرية وآدابها، أشرف الشرقاوي، إن "اغتيال زعيم حزب الله حسن نصر الله لم يكن بناء على تخطيط مسبق، وإنما جاء، على ما يبدو، بموجب قرار مرتجل وفق بعض التصورات، نظرا للتمكن لفترة محدودة من رصد مكان وجود نصر الله، وهذا شيء نادر الحدوث".
وأضاف الشرقاوي لـ"إرم نيوز" أن "رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لم يهدر هذه الفرصة، واستغلها في الدعاية لنفسه أولا ولإسرائيل لاحقا".
وتابع: على المستوى الخارجي، حاول رئيس الوزراء الإسرائيلي أن ينقل للعالم، ولا سيما لجيرانه الخائفين، رسالة واضحة وبكلمات مباشرة بخصوص ذراع إسرائيل الطويلة، القادرة على الوصول لإيران- في تهديد واضح لقادتها بالاغتيال- ملوحا بقدرة تلك الذراع الطويلة أيضا على الوصول إلى أي مكان في الشرق الأوسط، في تهديد واضح لكل من لا ينخرط في المنظومة الإقليمية".
وأشار إلى أن "تل أبيب ترغب في إعادة تشكيل الشرق الأوسط على النحو الذي يتوافق مع مصالحها، فما لديها سوى الاغتيال أو الإطاحة بمن يعارضها، ورغم ما غلف به المغرور نتنياهو حديثه من ثقة بظاهرة الذراع الطويلة المزعومة، فلا شك أن المتابع للأوضاع على الأرض يدرك أن هذه تهديدات جوفاء".
واعتبر أنه "لولا الدعم الأمريكي الذي يرسل لإسرائيل، يوميا حمولة سفينة ونصف من الأسلحة منذ تاريخ 7 أكتوبر الماضي حتى لحظة كتابة هذه السطور، بالإضافة إلى الدعم البريطاني والفرنسي والألماني والإيطالي بالسلاح والجنود، لكانت إسرائيل قد هزمت في الحرب أمام غزة الصغيرة منذ زمن".
وقال: "يكفي لنتحقق من هذا أن نتذكر أن ألمانيا مثلا وضعت قواتها الجوية كاملة تحت تصرف إسرائيل لفترة طويلة، وأن باقي الدول الأوروبية مثل الولايات المتحدة أرسلت سفنا حربية وطائرات استطلاع وشحنات سلاح وأفرادا".
واستكمل حديثه: "على المستوى الداخلي وقف نتنياهو يخاطب العالم، وعينه على الداخل الإسرائيلي، وهو يقول: "نحن ننتصر".
واستطرد: "الواقع أنه وهو يقول هذا لم تكن تبدو عليه مظاهر الثقة بالنفس على الإطلاق. ففي التوقيت نفسه تقريبا تم تخفيض التصنيف الائتماني لإسرائيل درجتين مرة واحدة".
وتابع: "حرص نتنياهو في خطابه للداخل الإسرائيلي على أن يبدو مستندا للتوراة، مطالبا بالإفراج عن الأسرى الإسرائيليين، الذين قتلت قواته مجموعة كبيرة منهم خلال المعارك في غزة، بتشديده: "أقول لحماس: دعوهم يذهبون"، مستحضرا مشهدا من التوراة حيث قيلت العبارة نفسها عن فرعون الذي كان يمنع بني إسرائيل من الخروج من مصر".
وزاد: "يكشف لنا هذا عن مدى جنون العظمة الذي أصيب به رئيس الوزراء الإسرائيلي، والذي لمسه جيدا قادته وخصومه، بل وشركاؤه السياسيون، فجعله يخرج عن العقلانية في خطابه للداخل والخارج".
واستكمل الشرقاوي حديثه أنه "في غضون هذا لا تزال أسر الأسرى تتظاهر مطالبة بصفقة مع حماس للإفراج عن أبنائهم. في النهاية رغم محاولات نتنياهو الظهور أمام الداخل والخارج بمظهر الرجل القوي، إلا أن الواقع يكشف مدى ضعف قواته العسكرية خاصة مع إعلان حالة الطوارئ لمدة أسبوع ومطالبة مواطنيه البقاء بالقرب من الملاجئ والغرف الحصينة في مؤشر واضح على عدم قدرته وجيشه حتى الآن على التعامل بفعالية مع قصف الصواريخ من الشمال والجنوب على حد سواء".
من ناحيتها رأت خبيرة الشؤون الإسرائيلية، داليا عزام، أن "استغلال نتنياهو لمقتل نصر الله له أبعاد متعددة. داخلياً، وخارجيا، فيستخدم هذا الحدث كحجة لتبرير سياساته الأمنية وتعزيز الجيش الإسرائيلي، وتقوية موقفه داخليا".
أما على الصعيد الخارجي، تضيف عزام أن "نتنياهو يسعى إلى تعزيز تحالفاته مع الدول التي تشارك إسرائيل مخاوفها من تهديدات ما يعتبرونه إرهابا، مثل الولايات المتحدة والعديد من الدول العربية".
وفيما يتعلق بالتوقعات المستقبلية، أشارت إلى احتمالين إما تصاعد التوتر إن رد حزب الله وإيران بشكل قوي على ما جرى وصولا إلى حرب إقليمية، أو أن "تكون هناك فرصة للتفاوض إذا كانت الأطراف المعنية تبحث عن استقرار".
واستكملت: "لكن وقتها ستكون بشروط نتنياهو وفريقه الأمريكي والإسرائيلي، حيث يسيطر نتنياهو على المشهدين، كما هو واضح، ومن المحتمل جدا أن يكون هذا ممهدا لاجتياح بري، فقط يتحدد مداه أو توقيته".