حرب غزة تعزز "الملفات الصدامية" بين الجزائر وفرنسا
دخل على خط المسائل "الصدامية" في مسار العلاقات الجزائرية الفرنسية، معطى جديد قادم من الأوضاع المتوترة في الشرق الأوسط، قد يكبح زيارة الرئيس عبد المجيد تبون المؤجلة إلى باريس لوقت غير معلوم.
ويثير اصطفاف فرنسا إلى جانب إسرائيل في حربها على قطاع غزة "توترًا مكتومًا" بين الجزائر وباريس، وهو انزعاج نقلته السلطات العليا لمبعوث الرئيس إيمانويل ماكرون خلال لقاءات أخيرة وفق مصدر حكومي لـ"إرم نيوز".
وبينما اقترح ماكرون خلال زيارته إلى إسرائيل إنشاء تحالف إقليمي ودولي لمحاربة حركة حماس بدعوى أنها حركة إرهابية، مبديًا تقديم كل الدعم لتل أبيب في حربها ضد غزة، ردَّ الرئيس الجزائري على وصف قادة إسرائيل ومسؤولين غربيين لعناصر حماس بـ"الإرهابيين" بقوله: "ما يحدث في غزة جرائم حرب مكتملة الأركان، والفلسطينيون ليسوا إرهابيين لأنهم يدافعون عن وطنهم وحقوقهم مثلما كان المقاومون الجزائريون يواجهون الاستعمار الفرنسي لبلادهم طيلة 132 عامًا"، بحسب تصريحات أخرى لشخصيات رسمية.
وبعد أيام التقى السفير الفرنسي في الجزائر ستيفان روماتي تبون والرجل الثاني في الدولة رئيس مجلس الأمة صالح قوجيل، فأين حضر ملف الأوضاع في الشرق الأوسط ضمن المحادثات، إذ قوجيل على الموقف الجزائري الداعي لوقف العدوان الذي تشنه إسرائيل على قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة.
وبسبب مواقف الجزائر، والانتقادات اللاذعة في البرلمان، والإعلام المحلي للانحياز التام للسلطات الفرنسية لإسرائيل، تبدي أطراف يمينية فرنسية توصف بـ"المتطرفة" امتعاضًا شديدًا من تجديد ماكرون دعوته للرئيس تبون لزيارة باريس بعد زيارتين تم تأجيلهما هذا العام، إذ تحدثت مصادر فرنسية أن السفير ستيفان روماتي سلّم رسالة للرئاسة الجزائرية تتضمن إحياء موعد أجندتها.
وبدا أن توقيت الدعوة فاجأ محللين سياسيين، حيث أوضح الإعلامي والمحلل السياسي المتابع للشؤون الافريقية عبد الرحمان أميني، أن "الانزعاج الجزائري من الدعم الفرنسي اللامحدود لإسرائيل جاء على خلفية مخاوف من تدويل الحرب غير المتكافئة عبر تشكيل تحالفات غربية عسكرية، مثلما حدث في العراق وفي أوكرانيا أو على غرار تدخلات غير محسوبة النتائج لفرنسا خلال حقبة الرئيس السابق نيكولا ساركوزي في ليبيا التي عفّنت الأوضاع أكثر".
وقال أميني لـ"ارم نيوز"، ان "النخب السياسية في الجزائر تنظر بعين الريبة إلى التحركات الفرنسية في عدة بؤر توتر لأنها تعتقد أن باريس ما دام أنها لم تعترف بعد بجرائم الاستعمار ليس بإمكانها الاصطفاف مع حقوق الإنسان بسبب سوابقها التاريخية".
بدورها علقت مجلة "لوبوان" الفرنسية، الجمعة، أن "الجزائر التي ترفض وصف حماس بأنها إرهابية، تقف في موقف معارض جذريًا لباريس حيث تبدو زيارة تبون إلى فرنسا معرضة للخطر".
وبمناسبة ذكرى ثورة التحرير الجزائرية (1954-1962)، وبحسب الرئاسة الجزائرية، راسل ماكرون تبون مؤكدًا له أن "البلدين يتقاسمان نفس الطموحات في إطار ديناميكية التقارب التي عززها التوقيع على إعلان الجزائر".
كما شدد الرئيس الفرنسي على "ضرورة مواصلة العمل في إطار اللجنة المشتركة التي شكلها الرئيسان". وهي اللجنة المختلطة من المؤرخين الجزائريين والفرنسيين والتي ظلت تعيش منذ أشهر دون أجندة عمل محددة.