حذّر خبراء سياسيون وعسكريون من انتقال سيناريو غزة إلى الضفة الغربية، لا سيما بعد العملية العسكرية التي بدأها الجيش الإسرائيلي، فجر اليوم الأربعاء، في مدن ومخيمات جنين وطولكرم ومخيم نور شمس والفارعة وطوباس، وسط اتهامات لإيران بتهريب السلاح إلى الضفة الغربية.
وبعد ساعات على العملية، قال وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إن التهديد في الضفة يشبه مثيله في غزة، مؤكدًا أن على إسرائيل تنفيذ إخلاء مؤقت للسكان هناك.
وأضاف: "الإرهاب في الضفة الغربية هو ذراع إيرانية، وتعمل إيران على إنشاء جبهة شرقية ضد إسرائيل في الضفة الغربية على غرار نموذج غزة ولبنان، من خلال تمويل وتسليح الشبان وتهريب الأسلحة المتطورة من الأردن."
في هذا الصدد، حذر مراقبون من تأجيج الصراع في الضفة الغربية؛ لما لذلك من تداعيات خطيرة ليس على الداخل الفلسطيني فحسب، وإنما على المنطقة برمتها.
انتفاضة مسلحة
المحلل العسكري ضيف الله الدبوبي شدد على أن تفجر الوضع في الضفة الغربية ستكون له تداعيات خطيرة على أمن المنطقة، وسط مطالبات إسرائيلية بتهجير سكان مخيم طولكرم إلى الأردن، الأمر الذي تعتبره المملكة "إعلان حرب".
وقال الدبوبي، لـ"إرم نيوز"، إن التصعيد في الضفة الغربية قد يفضي إلى سيناريو مشابه لما جرى في غزة، وبالتالي فتح ملف العمليات العسكرية، وسط تحييد السلطة الوطنية الفلسطينية.
وتوقع أن تؤدي العمليات العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية إلى نشوب انتفاضة مسلحة، بدعم إيراني، محذرًا من تداعيات تلك الانتفاضة، لا سيما على ملف التهجير، وعلى المواطن الفلسطيني في الداخل، إذا ما نشب قتال مسلح قد يكرر سيناريو غزة.
ولفت إلى أن السلطات الأردنية سبق أن أعلنت عن إحباط محاولات لتهريب الأسلحة من سوريا، جنبًا إلى جنب مع ادعاءات إسرائيلية بالقبض على مهربي أسلحة كانت في طريقها إلى حركتي حماس والجهاد الإسلامي وغيرهما من الفصائل الفلسطينية في الضفة الغربية.
قلق من التهجير
من جانبه، قال وزير الإعلام الأردني الأسبق، والمحلل السياسي سميح المعايطة، إن الأردن ينظر بقلق إزاء التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية، لا سيما في القدس، التي تقع مقدساتها الإسلامية والمسيحية تحت الوصاية الهاشمية.
وقال المعايطة، في تصريح لـ"إرم نيوز"، إن هذا التصعيد سيأخذ الضفة الغربية إلى الفوضى؛ ما يفتح الباب أمام تكرار نموذج غزة، لافتًا إلى العديد من الممارسات والتصريحات الإسرائيلية التي أثرت في العقيدة السياسية بالسلام، كمسار إستراتيجي في المنطقة.
ودلل المعايطة على ذلك بتصريحات وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف، إيتمار بن غفير، حول إقامة كنيس يهودي في المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف، في محاولة لتغيير الوضع التاريخي والقانوني في القدس ومقدساتها، جنبًا إلى جنب مع تسليح المستوطنين، وإضعاف أو إزالة السلطة الفلسطينية، وغيرها.
وحذر من السياسات الإسرائيلية الهادفة إلى تهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية، سواء عبر التهجير الناعم أو الخشن، الأمر الذي يهدد المصالح الأردنية العليا، موضحًا أن "معركتنا القادمة فلسطينيين وأردنيين هي الضفة الغربية والقدس".
وأكد المعايطة أن الأردن يضطلع بواجباته تجاه حماية أرضه وسمائه من أي تهديد خارجي يحدق بأمن المملكة، مشيرًا إلى أن العدوان على غزة أعاد هيكلة العلاقة الأردنية الإسرائيلية في ظل موقف أردني شاهد العالم صلابته السياسية واستمراريته.
وفي أبريل/نيسان الماضي، أكدت حركة فتح، في بيان، "رفضها للتدخلات الخارجية، وتحديدًا الإيرانية، في الشأن الداخلي الفلسطيني"، موضحة أن "هذه التدخلات لا هدف لها سوى إحداث الفوضى والفلتان والعبث بالساحة الداخلية الفلسطينية، الأمر الذي لن يستفيد منه إلا الاحتلال الإسرائيلي وأعداء شعبنا الفلسطيني".
وقالت إنها لن تسمح باستغلال القضية الفلسطينية "كورقة لصالح مشاريع مشبوهة لا علاقة لها بشعبنا الفلسطيني ولا قضيتنا الوطنية"، مؤكدة أنها "ستحبط أي تدخل خارجي يهدف لإلحاق الضرر بقوات الأمن والمؤسسات الوطنية".
مسارات التهريب
كانت صحيفة "نيويورك تايمز" قد نقلت عن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين وإيرانيين قولهم إن طهران تدير مسارات لتهريب الأسلحة عبر الشرق الأوسط إلى الضفة الغربية، من خلال عملاء استخبارات ومتشددين مسلحين وعصابات.
وزادت المخاوف من تحول الضفة الغربية إلى بؤرة مشتعلة، بعد اندلاع حرب غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول عام 2023، وما تبعها من تصعيد بين إسرائيل من جهة، وإيران ووكلائها في المنطقة من جهة أخرى.
ووفق الصحيفة، قال المسؤولون إن كثيرًا من الأسلحة المهربة من إيران إلى الضفة الغربية تمر عبر العراق وسوريا ولبنان والأردن.
ونقلت الصحيفة عن مدير برنامج مكافحة الإرهاب في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، ماثيو ليفيت، قوله إن "الإيرانيين أرادوا إغراق الضفة الغربية بالأسلحة، وكانوا يستخدمون الشبكات الإجرامية في الأردن والضفة الغربية وإسرائيل".