"فورين أفيرز": مخاوف دولية من إحياء حرب غزة للحركات "الإرهابية"
كشف تقرير لمجلة "فورين أفيرز" عن مخاوف دولية من إمكانية أن يشكل هجوم حماس على إسرائيل، ورد الفعل العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة، فرصة سانحة لإحياء الحركات المتشددة.
ونشرت المجلة الأمريكية تحليلاً حول المقاربة التي سعت إسرائيل إلى ترويجها بين حركة حماس و"الجماعات الإرهابية"، مثل تنظيمي "داعش" و"القاعدة"، خاصة بعد هجوم حركة "حماس" على إسرائيل يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر المنصرم.
وأشارت إلى أن إسرائيل استخدمت في مقاربتها تلك شعارات مثل" لقد هزم العالم داعش وسنهزم حماس"، وكذلك المقارنة بين "وحشية حماس" في هذا الهجوم و"وحشية داعش"، وتعطشه للدماء من خلال نشر مقاطع للأطفال والنساء الذين ادّعت إسرائيل أن "حماس" استهدفتهم في هجومها على إسرائيل.
وأشارت المجلة إلى أن عددًا من الجماعات المتشددة ومؤيديها أصدروا دعوات عديدة لشن هجمات "إرهابية" على أهداف يهودية وغربية، وأنه حتى الآن، تم الإعلان عن المسؤولية عن هجوم واحد على الأقل في أوروبا باسم "داعش".
وحذَّرت "فورين أفيرز" من أن الحملة الإسرائيلية المطولة في قطاع غزة والتي تودي بحياة الآلاف من المسلمين الفلسطينيين يمكن أن تعمق مشاعر الاستياء التي سعت جماعات مثل "داعش" إلى استغلالها.
خلاف أيديولجي عميق
وشددت الصحيفة على أهمية إدراك أن "حماس" والجماعات المتشددة العالمية على خلاف أيديولوجي عميق، حيث أعلن "داعش" في بداية ظهوره تكفير حركة "حماس"، وامتنع بوضوح عن الإشادة بهجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر، الذي نفذته الحركة ضد إسرائيل.
في المقابل، احتفل تنظيم "القاعدة"، منافس "داعش" على التفوق في "الجهاد العالمي"، وفق وصف المجلة، بهجوم "حماس"، ودعا إلى توسيع المعركة، على الرغم من أن لدى القاعدة "تاريخًا في توبيخ حماس بسبب اختلافاتهما الإيديولوجية".
وأردفت المجلة: "يمكن أن يتغير الوضع على الأرض بطرق ذات أهمية بالنسبة لهذا التنظيم، وكلما أصبح الصراع أطول وأكثر دموية، زاد الغضب بين المسلمين، وأعطى مصداقية للنظرة الجهادية العالمية للإسلام الذي يواجه قوى الكفر"، وفق تعبيرها.
واعتبرت المجلة أن الاختلافات الأيديولوجية ستحد من مدى قدرة المتشددين على اغتنام هذه اللحظة لإعادة تنشيط حركتهم.
سياسي أكثر من كونه دينيًا
وأشارت المجلة إلى أن الشغل الشاغل لـ"الجماعات الإرهابية" مثل داعش والقاعدة كان ينصب على شن الحرب ضد حكام الشرق الأوسط الذين تعتبرهم "مرتدين"، ومؤيديهم.
ولفتت إلى أن الجماعات المرتبطة بتنظيميْ "داعش" أو "القاعدة" لم تكن نشطة بشكل خاص في الأراضي الفلسطينية على الإطلاق، على الرغم من أن القضية الفلسطينية تحتل مكانة بارزة في الخطاب المتشدد.
ونوهت إلى أن حركة حماس، الني تأسست، العام 1987، كجناح فلسطيني لجماعة الإخوان المسلمين، هي منظمة سياسية أدانها "الجهاديون" مرارًا بسبب "نهجها التدريجي في الأسلمة، واستعدادها للعمل ضمن الأنظمة السياسية القائمة."
وأردفت: "على الرغم من هذه الاختلافات، أشاد القادة الجهاديون، في السابق، بحماس لمقاومتها المسلحة للدولة اليهودية."
وتابعت الصحيفة: "حركة حماس شاركت، العام 2006، في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني وفازت بها، وواصلت تشكيل حكومة وحدة مع فتح، وهو ما حدا بتنظيم للقاعدة إلى إدانة هذه الخطوة من قبل حركة حماس بسبب ما اعتبره زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن "الطبيعة الشركية للديمقراطية".
وتابعت المجلة: "لقد ذهب الحد بتنظيم القاعدة إلى القول إن قيادة حماس، من خلال احتضانها للسلطة الفلسطينية، وبالتالي الاعتراف بـ "الاتفاقيات" التي تعترف بحق إسرائيل في الوجود (في إشارة إلى اتفاقيات أوسلو) "تخلت عن دينها."
وأضافت الصحيفة أن بعض منظري الفكر المتشدد رفضوا اعتبار قتلى حركة حماس في المعارك شهداء، معتبرين أن "كل من قُتل من أجل الديمقراطية، ودعم جماعة تمتنع عن تطبيق الشريعة ليس شهيدًا".
قضية خاسرة
وتابع التقرير أن تنظيم داعش أيضًا كان أقل تسامحًا مع حركة حماس، حيث اعتبرها "جماعة مرتدة"، وأنها "لا تستحق الدعم بل تستحق التكفير الصريح".
ووفق الصحيفة، فقد أدان تنظيم داعش حركة حماس بشكل روتيني في كثير من المرات لأن هدف حماس النهائي "ليس إقامة الدولة الإسلامية"، وأنه حتى لو تمكنت "حماس" من هزيمة إسرائيل، فإن هذا لا يعني إلا استبدال "نظام حكم وثني بآخر."
وأشارت المجلة إلى أن إعلام تنظيم داعش كان يكره التأكيد على أولوية "الجهاد" في الأراضي الفلسطينية، بل اعترف بأنه لن يفعل ذلك.
وأردفت المجلة أنه "على الرغم من أن القضية الفلسطينية كانت مهمة بالنسبة لداعش، إلا أنها لم تكن أمرًا ينبغي أن يصرف الانتباه عن ساحات القتال المهمة في أماكن أخرى"، مشيرة إلى أن " نشاط داعش في إسرائيل والأراضي الفلسطينية، كما هو الحال مع تنظيم القاعدة، كان في حده الأدنى ولكنه لم يكن معدومًا."
وذكرت "فورين أفيرز" أنه "لم يكن من المستغرب أن يشيد تنظيم القاعدة بهجوم 7 أكتوبر ويضعه في إطار ما يصفه بـ "الجهاد العالمي ضد التحالف الصهيوني الصليبي"، حيث أصدرت فروع تنظيم القاعدة الإقليمية بيانات تهنئة لـ "المجاهدين" الفلسطينيين، ولكن لم يهنئ أي منهما حركة حماس، تماشيًا مع السياسة الرسمية لتنظيميْ القاعدة وداعش ."
ورأت "فورين أفيرز" أن "داعش" و"القاعدة" يريدان توسيع نطاق الحرب لتستهدف الجميع تقريبًا، بما في ذلك اليهود على مستوى العالم، والغرب، والدول العربية.
ولكن على عكس تنظيم "القاعدة"، لم يعرب "داعش" عن أي دعم للمسلحين الفلسطينيين على الأرض، وطالب بدلاً من ذلك قادة "حماس" بضرورة إصلاح أنفسهم.
وأردفت المجلة أن الجماعات العالمية المتشددة مثل "القاعدة" و"داعش" خصصت القليل من الموارد للقضية الفلسطينية، وليس لها وجود يذكر على الأرض في غزة أو الضفة الغربية.
وأضافت أنه من المرجح أن احتكار "حماس" شبه الكامل للمشهد الإسلامي الفلسطيني المتشدد يمنع تنظيم "القاعدة" أو "داعش" من لعب دور مهم في أي مقاومة للغزو البري الإسرائيلي لغزة.
وخلصت المجلة إلى أنه من المرجح أن تواجه الخلايا المتشددة الفاعلة التي تتوق إلى القتال في قطاع عزة عقبات كبيرة لا يمكن التغلب عليها في الوصول إلى القطاع المعزول.
وأضحت أن الحرب في غزة قد تستفز المتعاطفين مع المتشددين لارتكاب المزيد من أعمال العنف، وأنه من غير المرجح أن تؤدي الحرب بين إسرائيل و"حماس" إلى تنشيط الحركة المتشددة الأكبر.
وختمت "فورين أفيرز" بالقول: "قد يكون تنظيم القاعدة حريصًا على الاستفادة من حرب جديدة بين إسرائيل و"حماس"، لكنه على مدى العقد الماضي، كان أقل قدرة على إلهام الإرهاب الدولي مثلما فعل تنظيم داعش"، معتبرة أن "مشكلة داعش هي أنها لم تحتضن القضية الفلسطينية قط بذات الحماس الذي أبداه منافسها تنظيم القاعدة".
المصدر: مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية