يراوح ملف الاستحقاق الرئاسي في لبنان مكانه عند عقدة ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية، الذي ترفضه الكتل النيابية المسيحية الكبرى، ويدعمه في المقابل حزب الله وحركة أمل، ومن الخارج تدعمه فرنسا.
وتثير العقد في مسار هذا الاستحقاق مخاوف كثيرة، أبرزها أن يتمدد الفراغ الدستوري إلى آجال غير معروفة، وهو دخل عمليا الشهر السادس، وأيضا تغييب لبنان الدولة عن طاولة التفاهمات والمصالحات الإقليمية المعني بها بأشكال مختلفة.
في ظل هذه الهواجس، ونتيجة لعدم التوافق اللبناني والمسيحي تحديدا على اسم مرشح لرئيس الجمهورية، بدأ نائب رئيس مجلس النواب إلياس أبو صعب، لقاءات "استكشافية" على جبهة الاستحقاق الرئاسي وفي أكثر من اتجاه، شملت الثلاثاء، جهات وكتلا نيابية مسيحية تتعارض في ما بينها وتعارض في آن انتخاب فرنجية رئيسا، بعد لقاء كان جمعه الأسبوع الماضي، مع محمد رعد رئيس كتلة حزب الله، الداعمة لفرنجية.
أصبحت سمة الفراغ تلازم المؤسسات الدستورية اللبنانية، وتستدعي تدخلات إقليمية ودولية.إلياس أبو صعب، نائب رئيس مجلس النواب اللبناني
وبحسب أبي صعب، فإن هذه اللقاءات هي مبادرة شخصية منه، ولم تتم بتكليف من التيار الوطني الحر ومن رئيس كتلته النيابية جبران باسيل، والهدف منها دعوة القيادات المتضادة للحوار للتفاهم والوصول إلى مخرج للأزمة.
وكرر أبو صعب بعد أكثر من لقاء التأكيد على ضرورة الحوار وعلى الاهتمام بعامل الوقت، لافتا إلى ما يجري في الإقليم من استقرار، فيما لبنان يراوح مكانه.
وقال أبو صعب: "لم نصل إلى مرحلة تحديد أسماء المرشحين؛ لأن أزمتنا أعمق وأكبر، لا أحد يتكلم مع أحد وكل فريق رافض للفريق الآخر".
ووصف أبو صعب واقع الحال بدقة، وهو الواقع الذي يرافق كل استحقاق لبناني، رئاسي أو حكومي، حتى أصبحت سمة الفراغ سمة تلازم المؤسسات الدستورية اللبنانية، وتستدعي تدخلات إقليمية ودولية.
الرئيس السيادي هو من يحمي الدولة وليس من يحمي المقاومة.الدكتور غادة أيوب - تكتل الجمهورية القوية الممثلة للقوات اللبنانية
وتعليقا على تحركات أبو صعب، قال النائب آلان عون عضو تكتل لبنان القوي، إن كل استعداد للحوار هو إيجابي، ويضيف في تصريح لـ"إرم نيوز"، "أنه لا يمكن لأي فريق التفرد بالحل لوحده فالجميع بحاجة للآخر وللالتقاء حول طاولة حوار".
ويبدي النائب عن التيار الوطني الحر خوفه على مصير الاستحقاق الرئاسي: "أتوقع إذا لم ينجز الاستحقاق الرئاسي خلال الشهرين المقبلين فإن الفراغ سيمتد دون أفق".
ومن جانبها ترى الدكتور غادة أيوب عن تكتل الجمهورية القوية الممثلة للقوات اللبنانية، أن مبادرة نائب رئيس مجلس النواب إلياس أبو صعب هي مبادرة عملية لاستطلاع وتقريب وجهات النظر ولكسر الجمود الحاصل.
وأعادت أيوب التذكير بالمواصفات التي تشدد عليها القوات ووجب على أي مرشح التمتع بها، مثل أن يكون سياديا وإنقاذيا وإصلاحيا.
وقالت أيوب لـ"إرم نيوز": "ضمن هذه المواصفات والشروط وفي إطار الدستور نمدّ اليد لأي فريق يتوافق معنا".
وعن إمكانية التوافق مع التيار الوطني الحر، أوضحت أيوب "إذا أعاد التيار الوطني الحر تموضعه وتقييمه لانتمائه إلى محور الممانعة سيكون هناك حديث عن تقارب، لكن ما نراه اليوم هو مزايدة ومناورة لتحسين الشروط في حال تخلي محور الممانعة عن ترشيح فرنجية".
وتابعت أيوب: "الرئيس السيادي هو من يحمي الدولة وليس من يحمي المقاومة"، معتبرة أن "حظوظ فرنجية آخذة في التراجع، وأن المعارضة فرضت على قوى الممانعة إعادة النظر من ترشيح فرنجية وأن ليس بإمكانهم تعطيل البلد".