غارات إسرائيلية على بلدات الخيام والغسانية وطيردبا جنوبي لبنان
رأى خبراء أن اختيار جماعة الإخوان المسلمين في السودان، علي كرتي رئيسًا لما أسموه التيار الإسلامي العريض، يدل على أن هنالك خطة جديدة لإطالة أمد الحرب التي تعصف بالبلاد لأكثر من عام ونصف.
وتلاحق جماعة الإخوان (الحاكمة في عهد الرئيس السابق عمر البشير)، اتهامات بإشعال الحرب الجارية بين الجيش وقوات الدعم السريع، بهدف العودة إلى السلطة التي فقدتها في 19 أبريل 2019، بعد ثورة شعبية انحاز لها العسكريون وقوتها.
ومنذ تفجر الصراع العسكري في الـ15 أبريل/نيسان 2023، سارع أنصار الرئيس السابق عمر البشير بقيادة على كرتي، إلى تأييد الجيش وأعلنوا انخراطهم في القتال إلى جانبه عبر مليشياتهم المتعددة، إذ يتهم أنها تتحكم حاليًا في قرار الحرب.
وأكد الخبير في الجماعات الإسلامية صلاح حسن جمعة، أن اختيار على كرتي لرئاسة التيار الإسلامي العريض، إضافة إلى رئاسته لما يعرف بـ"الحركة الإسلامية السودانية"، يدل على أن الرجل أراد أن يجمع كل خيوط التيارات الإسلامية في يده ليوجهها نحو خيار الحرب.
وأضاف لـ"إرم نيوز" أنه "كانت هناك مجموعات عديدة من الإسلاميين في السودان لا يؤيدون سردية الحرب، وظلوا يقفون على الحياد، كما أن هنالك آخرين بدأت قناعتهم تهتز في استمرار الحرب، بحيث بدأوا يطالبون بوقف الحرب عبر الحوار، لذا أراد علي كرتي بخطوته الأخيرة أن لا يعطي لهؤلاء وأولئك فرصة للقفز من المركبة، ما دام جمع في يده اتخاذ القرار".
وتشكل التيار الإسلامي العريض، عقب انقلاب المكون العسكري على حكومة الانتقال المدنية برئاسة عبد الله حمدوك، في أكتوبر/تشرين الأول 2021، ويضم كل عناصر نظام البشير، تحت شعارات صيانة السيادة الوطنية وتنزيل قيم الدين على جميع أوجه الحياة وإصلاح الشأن السياسي.
وقال حسن جمعة إن فكرة إنشاء التيار الإسلامي العريض، تعود إلى القيادي بنظام البشير أمين حسن عمر، الذي وقع على ميثاق التأسيس باسم الحركة الإسلامية، إذ عمل ضد الحكومة الانتقالية من خلال ما عرف بـ"احتجاجات الزحف الأخضر" حتى أسقطها ثم أوصل البلاد إلى الحرب الحالية.
وأضاف أن "إعلان علي كرتي رئيسًا للتيار، بعد عام ونصف من الحرب، خطوة يراد بها سيطرة داعمو الحرب على كل التيارات الإسلامية، وعلى قرارها بشأن الحرب الدائرة، خاصة بعد تراجع بعضها عن دعم الحرب مثل مجموعة إبراهيم غندور، وبعض التيارات السلفية والشخصيات الإسلامية ومجموعة المؤتمر الشعبي".
وأشار إلى أنه وخوفًا من أن تكبر هذه المجوعات المتراجعة عن دعم الحرب، سارعت مجموعة من داعمي الحرب لاختيار علي كرتي رئيسًا على التيار الإسلامي العريض، للسيطرة على جميع المجموعات التي تلتزم بما يعرف بـ"الإمرة التنظيمية"، أي بعد هذا سيأمرهم "كرتي" ليطيعوه.
يتغلغلون في الجيش
ويؤكد خبراء أن الحركة الإسلامية تتغلغل داخل الجيش السوداني، وتسيطر على قراره من خلال منسوبيها الذين زرعتهم في المنظومة العسكرية على مدى ثلاثين عامًا من حكم السودان.
ومنذ سقوط نظام البشير، ظلت الاتهامات تلاحق جنرالات الجيش السوداني بأنهم يقفون عقبة أمام تحقيق مطالب الثورة الشعبية، رغم أنهم أعلنوا تأييدهم لها، وعزلوا البشير عن السلطة، لكنهم ظلوا يعرقلون إجراءات تفكيك نظام الحركة الإسلامية"، وفق قول علاء الدين بابكر، عضو لجنة تفكيك نظام البشير السابقة.
وقال بابكر لـ"إرم نيوز"، إن "المكون العسكري بقيادة قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان، انقلب على حكومة الفترة الانتقالية بقيادة عبد الله حمدوك، في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021 لقطع الطريق على إجراءات تفكيك نظام البشير التي كانت تقوم بها اللجنة وقتها".
وأكد أن "المكون العسكري ألغى كل قرارات الحكومة المدنية المتعلقة بتفكيك نظام عمر البشير، واستعاد كل الأموال والأصول التي اسُتردت لصالح الدولة بواسطة لجنة التفكيك".
ووصف بابكر ما جرى من الانقلاب على حكومة حمدوك وما تلاها من إجراءات وصولًا للحرب الدائرة الآن في البلاد، بأنها "تفكيك لمطالب الثورة الشعبية والإبقاء على تمكين نظام البشير والحركة الإسلامية".
وكانت القيادية في نظام الرئيس المعزول عمر البشير فجرت في مارس/آذار الماضي، مفاجأة حول علاقة تنظيم الحركة الإسلامية بالجيش السوداني حينما قالت: إن الحركة "أخضعت قادة الجيش للتحقيق" حول أسباب سقوط نظام البشير.
وأكدت سناء حمد، خلال مقابلة على "يوتيوب"، أن "القادة العسكريين الذين جرى التحقيق معهم هم أعضاء اللجنة الأمنية التي أعلنت الانحياز لمطالب الثورة الشعبية، وعزلت الرئيس البشير عن سدة الحكم".
وقالت إن "التحقيق مع قادة الجيش جاء بتكليف من الأمين العام للحركة الإسلامية الراحل الزبير أحمد الحسن، وإن القادة العسكريين المحقق معهم وقعوا على إفاداتهم بعد الانتهاء من التحقيق".
ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في 15 أبريل/نيسان العام الماضي، أعلنت الحركة الإسلامية تأييدها للجيش السوداني، وانخرطت كتائبها العسكرية في القتال ضد قوات الدعم السريع.
وأشهر المجموعات الإسلامية التي تقاتل مع الجيش السوداني تسمى "كتائب البراء بن مالك"، وهي ميليشيا يُشكّلها مجموعة مقاتلين ينتمون لجهاز الأمن السري للحركة الإسلامية المسمى بـ"الأمن الشعبي".
لوردات الحرب
من جهته، يقول الكاتب الصحفي والمحلل السياسي، أبو عبيدة برغوث، إن ما يعرف بـ"التيار الإسلامي العريض" يضم مجموعة من لوردات الحرب والعنصريين الذين يريدون أن يتحكموا في الشأن السوداني من خلال الاستمرار في السلطة أو تدمير السودان عبر الحرب.
وقال برغوث لـ"إرم نيوز" إن ما يسمى بالتيار الإسلامي العريض هو صنيعة علي كرتي وهو آلية من آلياته، للسيطرة على التيارات الإسلامية المتطرفة ودفعها لإطالة أمد الحرب.
وتوقع أن يعقّد علي كرتي الأوضاع في السودان إذا استطاع تجنيد مزيد من المقاتلين باسم التيار الإسلامي العريض والدفع بهم إلى الحرب، ولا يستبعد تشكيل مليشيات جديدة يوفرون لها الأسلحة والعتاد الحربي المتطور، وفق قوله.
وأشار إلى أن كرتي، هو الأكثر تشددًا، في عدم اتخاذ أي مواقف لصالح وقف الحرب باعتبارها آخر حائط صد لوجود الحركة الإسلامية في المجال العام ومؤسسات الدولة.
وأوضح أن الحرب مكنت الحركة الإسلامية مجددًا في الشأن السوداني، بعد نجاحها في تجريم القوى المؤيدة للديمقراطية التعددية التي وجد أعضاؤها ملاحقين من قبل الأجهزة العدلية والأمنية والعسكرية.