شهادات مروعة لفلسطينيين حول الوضع في مخيم جباليا شمال غزة
أطبق الجيش الإسرائيلي الخناق على محافظة شمال قطاع غزة من محورين، محور شمال شرق المحافظة الذي يطل على شارع صلاح الدين والقريب من السلك الحدودي ومحور شمال غرب المحافظة القريب من قاعدة زيكيم العسكرية والمطل على البحر.
وتوغلت الدبابات والآليات العسكرية الإسرائيلية وسط إطلاق قذائف مكثف بالإضافة إلى غطاء جوي عنيف أدى إلى تدمير أكثر من 50% من مساحة المباني المتواجدة بالمحافظة بحسب ما أظهرته صور للأقمار الصناعية وثقتها صحيفة نيويورك تايمز.
واستمرارًا لهذا التوغل، تم حصر جميع سكان المحافظة المتبقين ويصل عددهم إلى 300 ألف نسمة في مساحة أقل من كيلو متر مربع واحد فقط يتركز وسط مخيم جباليا.
وقال شاهد العيان في مخيم جباليا يدعى حمادة أبو عون: "لا يكاد يخلو متر مربع واحد في منطقة وسط مخيم جباليا من عائلة نازحة جرّاء القصف الإسرائيلي المتواصل على المناطق المحيطة بالمخيم، حيث تعيش هذه العائلات أوضاعًا مأساوية في ظل سقوط الأمطار عوضًا عن سقوط القذائف والصواريخ".
وأضاف أبو عون لـ"إرم نيوز": "تفاجأنا قبل يومين بوجود عائلتين معظمهم من الأطفال والنساء داخل منزلنا هاربين من قصف مدرسة الفاخورة الذي أودى بحياة قرابة 200 مواطن، واضطررنا إلى استقبالهم إضافة للأقارب الذين لجأوا للمنزل الذي تحول في ليلة وضحاها إلى مركز للإيواء".
ولفت إلى عدم وجود أدنى متطلبات الحياة من طعام وشراب، "حتى حليب الأطفال وحفاظاتهم لم يعد لها وجود داخل مخيم جباليا منذ أسابيع في ظل الحصار المطبق على المخيم".
من جهة أخرى قال شاهد العيان محمد التري: "الوضع في مخيم جباليا كونه المكان الوحيد الذي يعج بالمواطنين والنازحين في شمال قطاع غزة لا يمكن وصفه، فنحن هنا نتعرض إلى عملية إبادة جماعية وقصف جوي وبري متواصل ولا يتوقف عوضًا عن نفاد جميع المواد الغذائية وأبسط مقومات البقاء بالإضافة إلى نفاد المياه الصالحة للشرب واضطرارنا إلى شرب مياه ملوثة".
وأوضح التري لـ"إرم نيوز": "كنا قبل 3 أسابيع نشعل النار لعدم توفر غاز الطهي ونعد الطعام من العدس والفاصولياء بكميات كبيرة جدًا وتوزيعها على المواطنين المحتاجين الذين كانوا بالآلاف، ولكن منذ أسبوعين أو أقل توقفنا عن إعداد الطعام بسبب نفاد المواد الغذائية اللازمة".
وأضاف: "كان الوضع مبكيا ومحزنا للغاية حيث استمرت الأمهات والأطفال بعد التوقف عن الطهي بالقدوم عدة أيام إلى المكان متأملين بأن يكون هناك ما يسد رمق الأطفال الجوعى".
وتابع التري أنه "لا يبالغ عندما يقول إن محافظة شمال قطاع غزة هي المنطقة الأخطر على وجه الأرض فالدبابات والآليات العسكرية تتمركز ما قبل مدينة الشيخ زايد شمال شرق مخيم جباليا بالإضافة إلى وصولها ومحاصرتها لمستشفى كمال عدوان والذي يقع كآخر منطقة في حدود المخيم الشمالية بالإضافة إلى وصولها إلى دوار الشهداء والفالوجا والتي تعتبر في الأساس ضمن نطاق المخيم الغربي".
ويتخلل هذا التوغل البري قصف مكثف بالقذائف والصواريخ وإبادة مربعات سكنية كاملة مأهولة دون تواجد لأي من طواقم الإسعاف والدفاع المدني كون المستشفى الإندونيسي المركزي خرج عن الخدمة تمامًا، بحسب شاهد العيان.
وأشار التري إلى "عدم وجود وسيلة لنقل الجرحى والمصابين في الشوارع، ومنهم من راح ضحية انعدام الإمكانيات، حتى أن عمليات الدفن تتم دون أي وداع وفي مقابر جماعية دون حتى معرفة أسماء أصحاب الجثث الضحايا في مشهد أشبه بفيلم رعب لا يتوقف، ولكن للأسف هو حقيقة وسط صمت عالمي ودولي وتوقف شبكات الاتصالات والإنترنت وعدم مقدرتنا على نقل ما يحصل لوسائل الإعلام أو لخارج حدود شمال غزة".