بعد الاستعانة بها في شمال دارفور.. هل تدخل الحركات المسلحة كـ"طرف ثالث" في صراع السودان؟
استعان والي ولاية شمال دارفور، نمر عبدالرحمن، بقوة تابعة للحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا للسلام، لسد الفراغ الأمني الذي خلفه صراع الجيش وقوات الدعم السريع، الأمر الذي فتح الباب أمام دخول هذه الحركات كطرف ثالث في الصراع قد يقود إقليم دارفور المضطرب إلى مواجهات عرقية، وفق تقديرات المحللين.
تنسيق محكم
وقالت مصادر مطلعة بولاية شمال دارفور، لـ"إرم نيوز"، إن الوالي قرر الاستعانة بقوة مشتركة من الحركات الموقعة على السلام، لحفظ الاستقرار بعد موجة الفلتان الأمني الذي شهدته الولاية عقب اندلاع القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وأكدت المصادر أن الوالي قبل تكوين القوة المشتركة كان قد جلس مع الجيش وقوات الدعم السريع بالولاية، كل على حده، وأطلعهما على الخطوة، التي وافقا عليها بلا تردد.
وأوضحت المصادر أن "القوة المشتركة التي شكلها والي شمال دارفور قوامها 120 عربة عسكرية، منها 60 سيارة تتبع لحركة جيش تحرير السودان، برئاسة حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، و40 عربة لحركة قوى تجمع تحرير السودان، برئاسة عضو مجلس السيادة، الطاهر حجر، و20 عربة لحركتي المجلس الانتقالي برئاسة عضو مجلس السيادة، الهادي إدريس، والعدل والمساواة برئاسة وزير المالية، جبريل إبراهيم".
حفظ الأمن فقط
واستبعد الكاتب الصحفي المهتم بشؤون دارفور، محمد علي محمدو، أن تقود الخطوة إلى إدخال الحركات الموقعة على السلام، في لج المواجهات المسلحة بين الجيش والدعم السريع، مشيرا إلى أن ما جرى كان بتنسيق بين جميع الأطراف بما فيها الجيش والدعم السريع ولا يتضمن انحياز الحركات لأي من الطرفين المتقاتلين.
وقال علي محمدو لـ"إرم نيوز"، إن "الحركات تريد من هذه الخطوة أن تحفظ الأمن وتتصدى للمتفلتين الذين استغلوا حالة الفلتان الأمني، في نهب المؤسسات الحكومية وممتلكات المواطنيين"، مشيرا إلى أن "الحركات تعي بأن انحيازها لأي من الطرفين يعني توسيع رقعة الحرب، التي قد تصل إلى المواجهات العرقية في الإقليم المضطرب"، وفق تقديره.
ولم تتخذ أي من ولايات دارفور الأخرى، الخطوة التي أقدمت عليها حكومة شمال دارفور، رغم أنها تعاني نفس الفراغ الأمني الذي تسببت فيه الحرب الدائرة بين الجيش والدعم السريع.
وكانت مؤسسات حكومية وخاصة في مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، قد تعرضت لنهب وتخريب بواسطة مجموعات استغلت حالة الفراغ الأمني الذي تسبب فيه الصراع الحالي.
وحدث الشيء ذاته في مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور، التي تحول فيها الصراع إلى عرقي بين القبائل العربية وقبيلة المساليت، بحسب تقديرات المراقبين.
نموذج لا يمكن تطبيقه
ويقول المحلل السياسي، محيي الدين زكريا، وهو مقيم في مدينة الجنينة، إن "نموذج تشكيل قوات مشتركة من الحركات الموقعة على السلام، الذي طبق في الفاشر، لن ينجح في ولاية غرب دارفور، نسبة للانقسام العرقي الحاد الذي تعانيه الولاية وحاضرتها الجنينة".
وقال زكريا لـ"إرم نيوز"، إن "غرب دارفور تكاد تكون الولاية الوحيدة التي لن تتعافى قريباً من الانقسام العرقي، نسبة للصراعات المميتة التي دخلت فيها خلال السنوات الأربع الماضية، بين قبيلة المساليت والقبائل العربية التي تمثل عصب قوات الدعم السريع".
وأشار إلى أن حركة التحالف السوداني، التي يرأسها والي الولاية خميس أبكر، انضمت باكراً إلى الجيش في مواجهة الدعم السريع، وهو ما زاد من الاحتقان المجتمعي باعتبار أن مقاتلي الحركة من قبيلة "المساليت"، وقال: "لذلك من المستبعد أن تدخل الحركات كطرف ثالث بغرض حفظ الأمن لأنها لن تكون محل ثقة عند القبائل العربية".