امرأة فلسطينية تحمل طفلها بالقرب من موقع غارة إسرائيلية في خان يونس جنوب قطاع غزة.
امرأة فلسطينية تحمل طفلها بالقرب من موقع غارة إسرائيلية في خان يونس جنوب قطاع غزة.رويترز

من سيدير غزة بعد انتهاء الحرب؟

يبدو مستقبل قطاع غزة بعد الحرب وكأنه أحجية تحاول إسرائيل يومًا بعد يوم توضيح طريقة حلها لكن بتصريحات غامضة، وكل ما يقال إسرائيليًّا أو حتى أمريكيًّا، هو أنهم كيف يتمنون أن يكون شكل القطاع بعد الحرب، دون الخوض بالتفاصيل.

آمنًا، مستقرًّا، لا يشكل أي تهديد، تتكرر هذه العبارات حول مستقبل القطاع، إلا أن الخوض بالتفاصيل يعقبُه ألف سؤال وسؤال، قد تكون إجاباتها بحاجة للكثير والكثير من البحث والدراسة.

قد يسأل البعض: ماذا عن إدارة عربية للقطاع؟، ويأتي السؤال هنا من سيتبرع من الدول العربية أو الإسلامية لخوض هذه المهمة؟.

قطاع غزة هو جزء من أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية، وكان يدار من مقرها في رام الله حتى عام 2007، بعد فوز حماس بالانتخابات، والانقلاب على كل ما يربط هذا القطاع بالضفة الغربية بشكل مباشر.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال مؤخرًا إن دولته ستتولى لفترة غير محددة "المسؤولية الأمنية الشاملة" في قطاع غزة بعد الحرب، وردًّا على سؤال بشأن الجهة التي يفترض بها أن تحكم القطاع، قال نتنياهو: "أولئك الذين لا يريدون مواصلة السير على طريق حماس"، في إشارة إلى السلطة الفلسطينية.

امرأة فلسطينية تحمل طفلها بالقرب من موقع غارة إسرائيلية في خان يونس جنوب قطاع غزة.
بلينكن يعارض نتنياهو: على الفلسطينيين أن يحكموا غزة بعد الحرب

لكن إذا كان القطاع سيعود لإدارة السلطة بعد الحرب، سيخرج الكثير من الأصوات التي ستقول إن الأخيرة عادت إلى القطاع على "ظهر دبابة إسرائيلية"، وهو ما قد يهدد نجاح السلطة بإدارة هذا الملف، بعد التدني المتوقع لشعبيتها في حال حصل ما حصل، وإذا نجحت السلطة بذلك تأتي معضلة أخرى، وهي الانتخابات الفلسطينية، ماذا سيحدث اذا نجحت حماس مرة أخرى أو مقربون منها بالانتخابات؟، وهنا ربما تحضر إجابة سريعة، سيعود الوضع إلى المربع الأول، وهو الأمر الذي لن ترضى به إسرائيل، وهي مستعدة أن تدخل في حرب جديدة إن حصل ذلك.

إدارة عربية؟

وقد يسأل البعض: ماذا عن إدارة عربية للقطاع؟، ويأتي السؤال هنا من سيتبرع من الدول العربية أو الإسلامية لخوض هذه المهمة، في ظل الموقف العربي والإسلامي الحالي المعارض للحرب الإسرائيلية، خاصة الدول القريبة جغرافيًّا، مثل: الأردن ومصر، والتي تطالب بوقف إطلاق النار، والعودة لطاولة المفاوضات، وإيجاد حل سياسي دائم للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

فشل إسرائيل بدخول القطاع، والتحول إلى مرحلة الحرب الطويلة، سيناريو معقد بحد ذاته، فالقطاع يقطنه أكثر من مليوني نسمة، وهناك حاجة للاتفاق حول أمور كثيرة.

وإذا سلمنا جدلًا أن هذه الدول أو غيرها، وافقت على هذا المقترح، إلا أنه قد لا يكون مقبولًا، خاصة إذا اعتبر سكان القطاع أن هذه الإدارة حتى ولو كانت من المنطقة العربية، ستكون إدارة غير فلسطينية، وهو ما سيولد توترًا بين الغزيين والإدارة الجديدة، ولا يعرف أحد إلى أين ستسير الأمور.

مجلس حكم مؤقت

لم يتبق سوى خيار واحد بالنظر إلى كل الخيارات الموضوعة، وهو إدارة محلية تتألف من مجلس حكم مؤقت للقطاع، مبنية على ممثلين من المدن الرئيسة، وتتولى هذه الإدارة الشؤون الاجتماعية والاقتصادية للغزيين، وستكون بعيدة كل البعد عن الأمور الأمنية، التي ستكون معقدة، والتي لن تسمح إسرائيل، إذا ما استطاعت دخول القطاع والسيطرة عليه بتسليمها لأي أحد، رغم أن هذا التصور قد يولد مواجهات يومية بين الفلسطينيين والقوات الإسرائيلية، ويحوّل القطاع كباقي مدن الضفة، وهو الأمر الذي قد يقلق إسرائيل أيضًا.

امرأة فلسطينية تحمل طفلها بالقرب من موقع غارة إسرائيلية في خان يونس جنوب قطاع غزة.
غوتيريش: هناك "خطأ ما" في العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة

أما السيناريو الأخير، فهو فشل إسرائيل بدخول القطاع، والتحول إلى مرحلة الحرب الطويلة، وهو سيناريو معقد بحد ذاته، فالقطاع يقطنه أكثر من مليوني نسمة، وفي ظل حرب طويلة، هناك حاجة للاتفاق حول أمور كثيرة، منها دخول مساعدات بشكل دائم، وموضوع الوقود الذي يعتبر شريان حياة لغزة، بالإضافة إلى ملف إيواء النازحين، والتعليم والصحة.

هذه ملفات كثيرة يمكن التعامل معها أو الضغط فيها لمدة قصيرة، لكن في حال التحوّل لحرب طويلة الأمد، سيختلف الأمر كليًّا، وإذا كانت هذه إحدى المعضلات التي ستواجه إسرائيل في الحرب الطويلة، فهناك واحدة أخرى بانتظارها، لكن هذه المرة في الداخل الإسرائيلي، والذي لن يرضى أن تطول الحرب أكثر، فتكلفتها بالنسبة لهؤلاء ستكون كبيرة، خاصة مع وجود رهائن لدى حماس في القطاع، وهو ما سيهدد بشكل مباشر بالإطاحة بالحكومة الحالية، وجلب أخرى قادرة على إنهاء الوضع حتى ولو "بالثمن الباهظ"، فمن يستطيع التكهن بمستقبل قطاع غزة بعد الحرب؟.

Related Stories

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com