قيادي بحزب الله عن مصير صفي الدين: إسرائيل لا تسمح بتقدم عملية البحث في الأنقاض
ريمان ضو
مع كل زيارة للبنان، يدرك المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان أن مقولته التي قالها منذ أكثر من 3 سنوات، إن "الانهيار السياسي والاقتصادي في لبنان يشبه غرق السفينة تايتانيك، لكن من دون موسيقى" باتت أقرب إلى الواقع.
هو العليم في الزواريب اللبنانية والانقسامات الداخلية، منذ كان على رأس الدبلوماسية الفرنسية عام 2017، قد يكون أحرص على مصلحة اللبنانيين من المسؤولين فيه، وأكثر حماساً لبلورة حل سياسي يرسي استقراراً سياسياً دائماً.
صحيح أنّ زيارته كانت مقررة قبل التصعيد الإسرائيلي الأخير، في محاولة منه لتحريك المياه الرئاسية الراكدة، إلا أن التصعيد الإسرائيلي باغته، لكن لم يمنعه من إتمام مهمته.
في خلاصة جولته، تقول مصادر متابعة لـ"إرم نيوز" إن لودريان لم يحمل جديداً، ولم يسمع أي جديد أيضاً. بل كانت زيارة تضامن مع لبنان، والإعراب عن الدعم الفرنسي للجهود الدبلوماسية لوقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل على قاعدة تطبيق القرار الدولي 1701، الذي أقر بعد حرب تموز 2006، وأمّن استقراراً نسبياً في الجنوب اللبناني على مدى سنوات طويلة.
وكان لودريان حذراً، أمام من التقاهم، بأن دائرة إمكانية التوصل إلى اتفاق سياسي باتت تضيق، وعلى المسؤولين اللبنانين التقاط الفرصة قبل فوات الأوان.
وتشير المصادر إلى أنّ لودريان، وفي جولاته السابقة، حاول تقديم بعض الاقتراحات، إلا أنّه كان يصطدم بالمواقف نفسها، والانقسام نفسه. فلا طرحه بالاتفاق على مرشح ثالث لرئاسة الجمهورية، ولا تأييده مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري بحوار يسبق انتخاب رئيس وجد مكانا في أولويات النواب اللبنانيين.
وتضيف المصادر أنّ المسؤولين اللبنانيين يفضلون الحوار مع الأصيل، أي الأمريكي، وليس الوكيل؛ فكبير مستشاري الرئيس الأمريكي آموس هوكستين قاد أكثر من جولة محادثات في محاولة لتخفيف التوتر بين حزب الله وإسرائيل، إلا أنّه لم يتمكن من تحقيق أي فرق.
وتأتي زيارة لودريان، استكمالا لرسالة الدعم التي عبر عنها نهاية الأسبوع الماضي الرئيس إيمانويل ماكرون في رسالته المصورة التي قال فيها، إن المسار الدبلوماسي هو الحل. وحث الجميع على التحرك لتجنب الحرب، وانتخاب رئيس للجمهورية يقود البلاد لمواجهة التحديات.
وبحسب المعلومات التي حصل عليها موقع "إرم نيوز" فإن لودريان قال أمام من التقاهم إن فرنسا مستاءة وقلقة من التصعيد الإسرائيلي، وقد أبلغ ماكرون ذلك صراحة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مكالمتهما الهاتفية الأخيرة وفرنسا تعمل مع شركائها الدوليين للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار.
وشجع لودريان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على تكثيف الجهود التي سيقوم بها في نيويورك لوقف الحرب، على اعتبار أن الدبلوماسية هي الوسيلة الأفضل.
لكن لودريان وخلال زيارته رئيس كتلة "حزب الله" محمد رعد في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت، في الوقت الذي كانت تتعرض فيه لغارة إسرائيلية استهدفت منطقة الغبيري القريبة من مكاتب نواب "حزب الله"، قال لرعد إن على الحزب أن يضبط النفس، ويجنب لبنان الحرب الواسعة.
وهي ليست المرة الأولى التي يلتقي فيها المبعوث الفرنسي ممثل "حزب الله"، وقد عاد وسمع بحسب مصادر متابعة موقف الحزب نفسه بأنه لن يوقف الحرب ما لم تتوقف العملية العسكرية في غزة، وقبل ذلك لا حديث عن وقف إطلاق النار أو إطلاق التسوية السياسية، كما أن رعد كرر على مسامع ضيفه بأن انتخاب رئيس للجمهورية مفصول عن الحرب بغزة.
لقاءات لودريان شملت أيضًا الأحزاب المعارضة التي كررت أمامه موقفها الرافض لاستفراد حزب الله بقرار السلم والحرب، كما التقى سفراء اللجنة الخماسية (الولايات المتحدة فرنسا وقطر ومصر والمملكة العربية السعودية).
وبحسب المعلومات، فإن لودريان سمع من ممثلي الدول بأن تحركاتهم تصطدم بالمواقف اللبنانية المتصلبة، وهو ترك في أعناقهم أمانة استكمال المساعي التي تركزت في الفترة الأخيرة على ضرورة فصل المسار الرئاسي عن حرب غزة، إلا أنها لم تأت بنتيجة.
أستاذ القانون في جامعات فرنسا محي الدين شحيمي المقيم في باريس قال لـ"إرم نيوز" إن زيارة لودريان أتت بناء على الاجتماع الأخير الذي عقد في الرياض بينه وبين الوزير المفوض نزار العلولا، وهو انطلق من مؤشرات وصلته من بعض القيادات المحلية عن إمكانية تحقيق خرق في الملف الرئاسي، وانطلاقاً من تحرك اللجنة الخماسية التي تؤكد على مواصفات الرئيس التي طرحتها وأبرزها تطبيق القانون والدستور والقرارات الدولية وأن يكون مقبولا من الجميع.
ويضيف شحيمي أن لقاء سفراء الخماسية كان الهدف الأبرز من زيارة لودريان، إضافة إلى إعادة الاطلاع على الأجواء المستجدة لدى الأفرقاء اللبنانيين حول ما تقتضيه المرحلة المقبلة، بعد ما استجد من تطورات ميدانية إثر التصعيد الإسرائيلي، وتحول لبنان من جبهة إسناد إلى جبهة مركزية.
وتحولت أولويات لودريان من سياسية إلى أمنية، عن ضرورة وقف إطلاق النار. واقتصر الحديث عن الاستحقاق الرئاسي بين السطور. وركز لودريان في محادثاته على "اليوم التالي" الذي سيلي نهاية الحرب التي تستوجب وجود رئيس للجمهورية يواكب المرحلة، ويكون قادرًا على تطبيق القرارات الدولية وإتمام اتفاق الترسيم البري.
على إيقاع الحرب المتصاعدة في الجنوب اللبناني، أتى تحرك لودريان، وهو سيعود أدراجه لينقل تقريره إلى قصر الإليزيه، حاملاً مزيدا من الخيبة، بأن كل تحذيراته بنهاية "لبنان السياسي" لم تلق آذانا صاغية، وأن مهمته بتدوير الزوايا لا مكان لها بين اللبنانيين، لتكون زيارته "رفع مسؤولية" وعلى قاعدة "اللهم قد بلغت".