"نيويورك تايمز": إيران بين معضلتين بسبب حرب غزة
قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن حكام إيران تعهدوا على مدى أكثر من 4 عقود بتدمير إسرائيل، مشيرة إلى أن القادة العسكريين الإيرانيين عملوا على تدريب وتسليح الجماعات المعادية لإسرائيل في جميع أنحاء المنطقة، بما في ذلك "حزب الله"، وحركة "حماس".
وأضافت الصحيفة الأمريكية في تقرير لها أنه "عندما نفذت حماس الهجوم على إسرائيل، في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، والذي أسفر عن مقتل 1400 إسرائيلي، أشاد المسؤولون الإيرانيون به باعتباره إنجازًا بالغ الأهمية، وحطم شعور الدولة اليهودية بالأمن".
ورأت الصحيفة أن إيران تواجه، الآن، معضلة تتمثل في كيفية الرد -هي والميليشيات التابعة لها - على الغزو الإسرائيلي لغزة، وما إذا كان عليها تعزيز أوراق اعتمادها الثورية على حساب خطر إشعال حرب إقليمية أوسع نطاقًا.
وفي هذا الصدد، قال المحلل الإيراني المقرب من الحكومة، ناصر إيماني، في تصريحات صحفية، إنه "لا يوجد ما يدفع إيران للتورط، حاليًا، في حرب مباشرة مع إسرائيل، لأن طهران لديها ميليشيات محور المقاومة التي تتبع سياسات إيران وإستراتيجياتها، وتتصرف نيابة عنها".
وأضاف إيماني أنه "في الوقت الحالي، إيران في وضع السيطرة، فهي تطلب منهم جميعًا، بما في ذلك حزب الله، أن يبقوا الأمور في حالة غليان، ولكن في الوقت ذاته المحافظة على ضبط النفس".

وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن المسؤولين الإيرانيين يعبرون في العلن عن أن طهران لا تريد حربًا واسعة النطاق في الوقت الراهن.
لكن الصحيفة لفتت إلى تصريحات وزير خارجية إيران حسين أمير عبداللهيان، والتي حذَّر فيها من أن الميليشيات الإقليمية في لبنان، واليمن، والعراق، وسوريا، يمكن أن تفتح جبهات متعددة ضد إسرائيل، وسط احتمالية أن نتائج المرحلة الحالية "لن تسير بالطريقة التي يريدها نظام إسرائيل".
وتساءلت الصحيفة عن الأمر الذي يمكن أن يدفع الجماعات المسلحة للتدخل في الحرب، والتي قال عنها الوزير الإيراني إن هذه الميليشيات "تتصرف بشكل مستقل".
وأشارت إلى أن إيران مع ذلك، لا تريد تحول الصراع الحالي إلى حرب إقليمية، تهدد إيران ذاتها وحكامها، بحسب ما نقلته الصحيفة الأمريكية عن 3 مصادر حكومية إيرانية مطلعة على المداولات داخل إيران، والذين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم.
وأوضحت "نيويورك تايمز" أن هؤلاء المسؤولين أشاروا إلى احتمالية تضاؤل القدرات العسكرية لحلفاء طهران بشكل كبير من خلال معركة طويلة الأمد مع إسرائيل، خاصة في حال دخول الجيش الأمريكي في المعركة.
ورأت الصحيفة أن إيران تنظر إلى الميليشيات المرتبطة بها في المنطقة باعتبارها "أذرع نفوذها الممتدة"، والقادرة على توجيه ضربات ضد الأعداء، بينما تمنح طهران قدرًا ممكنًا من الإنكار.

وأشارت الصحيفة إلى أن بعض المحافظين الإيرانيين المتشددين تساءلوا عن سبب عدم تطابق تصرفات إيران مع خطابها السياسي حول "تحرير القدس" من قبضة إسرائيل، بل إن العديد من أنصار الحكومة الإيرانية قاموا بالتطوع - بشكل رمزي - من أجل القتال في غزة ومحاربة إسرائيل.
ونقلت عن مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية، علي فائز، قوله إن "السيناريو الأول يتمثل بمخاطرة إيران بخسارة أحد أذرعها، أما السيناريو الثاني فهو مخاطرة إيران بفقدان ماء وجهها".
ورأى فائز أن إيران "قد تحاول حل هذه المعضلة من خلال السماح لحلفائها بتصعيد هجماتهم ضد إسرائيل والولايات المتحدة بطريقة محسوبة".
وقالت "نيويورك تايمز" إن هجمات "حزب الله" في لبنان وميليشيات الحوثي في اليمن على إسرائيل، مؤخرًا، كانت "محدودة النطاق"، مشيرة إلى أن المطلعين على هذه الإستراتيجية قالوا إن الهدف من ذلك هو ليس الدخول في حرب مع إسرائيل، بل إبقاء الجيش الإسرائيلي تحت الضغط، مما قد يحد من قدرته على شن حرب ضد حركة حماس.
ولفتت الصحيفة إلى قول المتحدث باسم الحوثيين، محمد البخيتي، لوسائل إعلام إيرانية، الثلاثاء الماضي، إن هناك تنسيقًا كاملًا على كافة المستويات بين كافة قيادات محور المقاومة.
كما لفتت إلى قول مستشار رئيس البرلمان الإيراني للشؤون الإستراتيجية، مهدي محمدي، في منشور على "تليغرام"، إنه "من الناحية العملية، تم بالفعل فتح جبهات أخرى، ولكن تتم السيطرة على نطاق هذه الهجمات".
وكثفت الجماعات المسلحة المدعومة من إيران في كل من العراق وسوريا هجماتها على القواعد العسكرية الأمريكية في كلا البلدين بعد فترة من الهدوء.
ورأت الصحيفة أن طهران تريد ممارسة الضغط على إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لكبح جماح إسرائيل، أو على الأقل جعل الولايات المتحدة تدفع ثمن دعمها القوي لإسرائيل.

ويقول إيرانيون مطلعون على المداولات الحكومية في إيران، إن طهران وحزب الله يراقبان ما إذا كانت حركة حماس تواجه "تهديدًا وجوديًا خطيرًا" من قبل إسرائيل، الأمر الذي سيدفعهما إلى تسريع الهجمات على إسرائيل، على حد ما نقلته الصحيفة.
وأضافوا أن" كبار قادة فيلق القدس الإيراني وحزب الله يعتقدون أنه إذا نجحت إسرائيل في القضاء على حماس، سيأتي الدور عليهم".
المصدر: صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية