إطلاق نحو 30 صاروخا من لبنان باتجاه الجليل الأعلى
استبعد محللون ومختصون في العلاقات الدولية، أن يتعامل أمين عام "حزب الله" المرتقب، من منظور صفاته الشخصية والمزاجية، مع ملف الحرب الإسرائيلية.
يأتي ذلك في ظل شن إسرائيل، هجمات على لبنان، وتوجيه ضربات استهدفت مقدرات الحزب العسكرية والقيادية، كان آخرها اغتيال الأمين العام للحزب، حسن نصر الله.
وأوضح المحللون أن هناك "منهجًا" سيتبعه الأمين العام الجديد للحزب في التعامل مع الحرب الإسرائيلية، وذلك في حال بقاء المرشحين هاشم صفي الدين المعروف بالحدة والاندفاع، أو نعيم قاسم الذي يعتبر نقيضًا له إلى حد ما، أو أي شخص آخر من قيادات التنظيم على قيد الحياة، وأفلتوا من خطة الاستهداف الإسرائيلية المكلفة بتفكيك قيادات وبنية "حزب الله" بمباركة "واشنطن".
وأشاروا إلى أن التعامل المتوقع من خليفة نصر الله المنتظر مع الحرب ضد إسرائيل، سيأتي في إطار منهج "معبأ" من طهران، يتمثل في البحث عن "تهدئة" بأقل الخسائر، والخروج بتنفيذ الحد الأدنى من أهداف تل أبيب، تلافيًا للاستمرار في تدمير "حزب الله" كتنظيم وقوة عسكرية للأبد في لبنان، وخشية من التحول بعد ذلك إلى استهدافات بالداخل الإيراني.
وفي وقت سابق، قال الأمين العام الحالي للمجلس الإسلامي العربي في لبنان، د. محمد علي الحسيني، الذي تنبأ باغتيال نصر الله، إن هاشم صفي الدين، الخليفة المحتمل لأمين عام "حزب الله"السابق، هو شخص متعطش للدماء، وسيكون أكثر اندفاعًا وتشددًا وصرامة من "الراحل" ضد إسرائيل، وإنه سيضرب تل أبيب عند تسلمه زعامة الحزب.
وفي هذا الصدد، قال الباحث السياسي اللبناني، باسم معلوف، إن الأمين العام المقبل لحزب الله، أو من سبقه، ليسوا أصحاب قرار في اتخاذ توجه سياسي يتعلق بالتنظيم أو بلبنان، بمعزل عن ما يقدم من طهران.
وأضاف معلوف، لـ"إرم نيوز"، أن الأمر في الاختيار ليس مرهوناً أبدًا بصفات شخصية أو مزاجية في التعامل مع ملف يخضع لترتيبات تأتي مباشرة من إيران، وهذا لا جدال فيه، مهما كان حجم الأزمة التي يتعرض لها "حزب الله" وقياداته وحاضنته.
وتوقع بأن التعامل المتناسب مع المصالح الإيرانية الحالية، والمرتبطة بضرورة بقاء "حزب الله" كذراع تنظيمي عسكري لطهران، يذهب إلى البحث عن "التهدئة" بأقل الخسائر، والخروج بتنفيذ الحد الأدنى من أهداف تل أبيب، ومحاولة أن تكون متعلقة بتنفيذ القرار 1701 بخصوص "نهر الليطاني" جنوب لبنان، تلافيًا للاستمرار في تدمير "حزب الله" كتنظيم وقوة عسكرية للأبد في لبنان، وخشية من التحول بعد ذلك إلى استهدافات بالداخل الإيراني.
ورجح معلوف بنسبة 75% أن يتم اختيار الأمين العام الجديد لحزب الله ووضع سياساته، من قبل "الحرس الثوري" مباشرة، والذي لا يسمح له التوقيت الحالي في التعامل مع إسرائيل بخطط مواجهة وضربات متبادلة، لأن السياسة الإيرانية واضحة في تخفيف أشكال المواجهة، كمظهر دبلوماسي أمام أوروبا والولايات المتحدة،للحصول على الحوافز المنتظرة من جهة، وبحكم الواقع العسكري مع إسرائيل من جهة أخرى.
وأوضح أن الأمر يتعلق بالسياسات إلى حد كبير، وليس بالأشخاص، فما يهم طهران هو اختيار الشخص الذي يكون التحكم به أكبر من الوقوف على سماته الشخصية والقيادية في التعامل على الأرض، لأنه في جميع الأحوال، سيتحرك وفق استراتيجية تتعلق بالحرس الثوري.
بدوره، يرى الباحث في العلاقات الدولية، د. محمد المذحجي، أن خليفة نصر الله المحتمل، سواء كان صفي الدين أو قاسم، أو أي شخص آخر، لن يستطيع التعامل مع الحرب الإسرائيلية سواء بالتهدئة أو التصعيد، لأن كلاً من تل أبيب وواشنطن ستقضي على أي منهما تدريجيًا، سواء جاء أحدهم لمنصب الأمين العام أم لا، وذلك ضمن خطة تنفذ بالفعل.
ويؤكد المذحجي، لـ"إرم نيوز"، أن خطة التصفية تأتي ضمن آلية اتخذ قرارها من إسرائيل وواشنطن، بتفكيك أدوات الميليشيات المسلحة في المنطقة، وعلى رأسها ميليشيا حزب الله، التي تشهد تزامنًا في تدمير بنيتها التحتية مع تصفية كبار قادتها.
ولفت إلى أن أي تغيير في رأس الهرم، لن يغير بقدرات "حزب الله" في التعامل مع إسرائيل، موضحًا أنه حتى إن ظل هؤلاء القادة على قيد الحياة، وتولى أي منهم القيادة، لن يكون له توجه إلا بما سيأتي من طهران، ما سينعكس في قرارات تهدئة، وعدم خوض حرب مفتوحة، أو الدخول في ضربات عسكرية قد يكون لها آثار عكسية، تطال العمق الإيراني، أو تقضي على ما تبقى من بنية "حزب الله".
وقال المذحجي إن أي صفات تتداول بالتشدد أو غيره لأمين عام الميليشيا المقبل، سواء صفي الدين أو نعيم، لن تنعكس على نهج التعامل مع إسرائيل، ولن تكون بعيدة عن ما يأتي "مشفرًا" للتنفيذ من طهران.
ودلل على ذلك بأن صفي الدين ونعيم، اللذين يعتبران من أهم قادة "حزب الله"، ولهما تأثير في القرارات، لم يخرجا بما هو مختلف عن أوامر إيران، والتي انتهت بتدمير حزب الله وبنيته التحتية واغتيال قياداته، الأمر الذي كان متوقعًا منذ العام الماضي، وليس بالمفاجأة.
وأكد المذحجي أن الوقوف على شخص خليفة نصر الله لن يغير من مشكلة "حزب الله" الذي بات بدون ظهير، في وقت لا تريد فيه إيران أي صدام مباشر وحقيقي مع تل أبيب، نظرًا لإدراك مدى قدراتها في ظل مشاكل جمة بالداخل.
وختم قائلاً إن تغير القيادة في "حزب الله" لن يكون له امكانية برد أقوى على إسرائيل، وما يحدث حاليًا هو أقصى قدرات "حزب الله" العسكرية والسياسية.
ولفت إلى أن الأمر لا يقاس هنا بمدى القدرات الحاضرة من الترسانة التسليحية فقط، ولكن أيضًا بالوضع في الاعتبار بأن أي ضربة مؤثرة تجاه عمق إسرائيل، ستؤدي إلى رد يدمر ما تبقى من إمكانيات وشخصيات على الأرض للحزب.