مراسل "إرم نيوز": دوي صافرات الإنذار قرب قاعدة "بالماخيم" الإسرائيلية بعد الاشتباه بتسلل مسيّرة
أجبرت الغارات الإسرائيلية الأخيرة على الضاحية الجنوبية لبيروت، الآلاف من العائلات على الفرار من منازلها نحو مصير مجهول، ووجهت عائلات رسالة لزعيم ميليشيا "حزب الله" الذي أعلنت إسرائيل مقتله بعد استهدافه أمس، قائلين: "ما ذنب الشعب؟ شرعتم بالحرب لكن ما ذنبنا نحن؟".
وعرضت "فرانس برس" روايات لعدد من أفراد هذه العائلات حول الظروف العصيبة التي مروا بها إثر القصف العنيف على مناطقهم ورحلة النزوح المفاجئ التي بدؤوها مضطرين.
رحاب ناصيف وجدت نفسها بين ليلة وضحاها تمضي ليلتها في العراء، بعدما فرّت على غرار الآلاف من منزلها في ضاحية بيروت الجنوبية، على وقع غارات إسرائيلية كثيفة جعلت ليل سكان المنطقة أشبه بكابوس طويل.
وتقول المرأة، البالغة 56 عاما، بعدما أمضت ليلتها في حديقة كنيسة في وسط بيروت، على غرار كثيرين: "توقعت أن تتوسّع الحرب، لكنني خلت أنها ستطال أهدافًا، لا المدنيين والبيوت والأطفال".
وتتابع "لم أجهز ملابسي ولم يخطر ببالي حتى إننا سنخرج بهذا الشكل، ونجد أنفسنا فجأة في الشارع".
وتقول رحاب، التي تعتني بسيدة مسنّة وتقيم في حي السلم، أحد أفقر أحياء ضاحية بيروت الجنوبية، "أشعر اليوم بقلق وخوف من المجهول. أن تتركي منزلك ولا تعلمي إلى أين تتجهين، وماذا سيحدث لك وهل ستعودين إلى بيتك؟ كلها أسئلة بحاجة إلى أجوبة".
ورغم وتيرة الغارات العنيفة، لم يتضح حجم الدمار الذي خلّفته بعد ولا عدد الضحايا الناتج عنها.
وبثّت وسائل إعلام محلية ومنصات على مواقع التواصل الاجتماعي لقطات مصورة صباح السبت أظهرت دمارًا هائلًا وأبنية من طوابق عدة سوِّيت بالأرض.
وبدت المنطقة بعد توقف الغارات في ساعات الصباح الأولى أشبه بساحة حرب منكوبة مع استمرار تصاعد سحب دخان من أنحائها.
ومنذ سلسلة الانفجارات التي طالت مساء الجمعة "المقر المركزي" لحزب الله في حارة حريك، وفق ما أعلن الجيش الإسرائيلي، لم يصدر أي بيان رسمي من الحزب الذي اكتفى بنفي "ادعاءات" إسرائيل بتخزينه أسلحة في أبنية مدنية طالتها الغارات ليلًا بعد إنذار سكانها بإخلائها.
على وقع الغارات، فرّت مئات العائلات من الضاحية الجنوبية على عجل وسط حالة إرباك وهلع وغضب. وأعلنت مدارس ومساجد وكنائس فتح أبوابها ليلًا في محاولة لاستيعاب تدفق النازحين.
في وسط بيروت كما على الكورنيش البحري وفي أحياء عدة من العاصمة، أمضت عائلات بأكملها ليلتها مع أطفالها في العراء وافترشت الحدائق والأرصفة، في مشهد لم تألفه العاصمة اللبنانية منذ زمن.
في ساحة الشهداء، توزعت عائلات في كل ناحية مع سياراتها وبدت ملامح الإرهاق والتعب واضحة على الوجوه، فيما أمضى آخرون ليلتهم على الأرض، تحميهم أغطية خفيفة.
وتقول هلا عز الدين (55 عاما) التي نزحت مع عائلتها وأحفادها الصغار من برج البراجنة، إحدى المناطق التي طالتها الغارات الإسرائيلية "اشتدت حدّة القصف ليلًا وبدأ البيت يهتز بنا".
وتضيف "ما ذنب الشعب؟ تريدون أن تخوضوا الحرب لكن ما ذنبنا نحن؟"، في إشارة إلى فتح حزب الله جبهة من جنوب لبنان ضدّ إسرائيل منذ نحو عام دعمًا لحركة حماس في غزة.
ووصفت هلا التي تهدّم منزلها خلال حرب تموز/يوليو 2006 بانفعال ما جرى ليلًا بأنه "كبير جدا".
وقالت وهي تجلس على رصيف في ساحة الشهداء، حيث أمضت الليلة، "لسنا مضطرين لأن نعيش ما حدث في غزة، ولسنا مضطرين لتحمل ذلك".
ويقاطعها زوجها قائلًا "نحن نصبر لكن يجب ألا ندفع الثمن وحدنا".
على بعد أمتار، كانت حوراء الحسيني (21 عاما) تحاول أن تتمالك نفسها بعد ليلة مضنية.
وتقول بعدما أمضت ليلتها مع والدها وشقيقها وشقيقتها في ساحة الشهداء: "كانت ليلة صعبة جدًا، الصواريخ فوق منزلنا، ولن أنسى صوت الأطفال" في الحي.
وتضيف "سنعود الآن إلى منزلنا (في الضاحية الجنوبية)، لكننا خائفون، لم نعد نستطع بصراحة أن نعيش في هذا البلد".