الجيش الإسرائيلي ينشر صورا لما يقول إنها أنفاق لحزب الله بداخلها أسلحة وغرف قيادة
أثارت التصريحات المتناقضة لمساعد القائد العام للجيش السوداني الفريق ياسر العطا، وظهوره في مناسبات مختلفة مع جنرالات الجيش الآخرين؛ شكوكاً بشأن طموح الرجل في تولي قيادة الجيش بدلًا عن البرهان، وتحضيره لـ"انقلاب ناعم" في السودان.
يأتي ذلك في وقت تتحدث فيه المجالس عن توافق خفي بين الجنرال العطا وقادة تنظيم المؤتمر الوطني الحاكم على عهد الرئيس السابق عمر البشير، لتبني أجندتهم الرامية للعودة للسلطة على ظهر الجيش السوداني.
وظل العطا بالفعل يعبر عن الرؤية السياسية للنظام السابق، من خلال التصريحات التي يدلي بها، وتبدو متوافقة تمامًا مع سرديات النظام السابق، كما ظهر الرجل في أكثر من مناسبة بصحبة الميليشيات الإسلامية التي تقاتل إلى جانب الجيش، بما يشير إلى أنه من يتبناها داخل المؤسسة العسكرية.
وفي آخر الخلافات التي ظهرت بين الجنرال العطا وقائده عبد الفتاح البرهان، ما ظهر الأسبوع الماضي من تضارب في التصريحات عن مسألة التفاوض لإنهاء الحرب، حيث أعلن البرهان استعداده للتفاوض تلبية لدعوة أمريكية، بينما أكد العطا مواصلة القتال ضد قوات الدعم السريع.
وأثارت هذه التصريحات المتناقضة تساؤلات حول حقيقة موقف القيادة السودانية من عملية السلام، ومدى تأثير الجماعات الإسلامية على قرارات الجيش.
وجاءت تصريحات العطا الرافضة للتفاوض في سياق مخاطبته لجنود الجيش، حيث أثنى على قائد كتيبة البراء بن مالك، المصباح أبوزيد طلحة، الذي يقود إحدى الميليشيات الإسلامية المدعومة من فلول نظام الرئيس السابق عمر البشير.
وتواجه هذه المليشيا اتهامات بانتهاك حقوق المدنيين، وتتحكم، بشكل كبير، بقرار الجيش السوداني، خاصة في ظل دعم ياسر العطا إياها، وتبنيه خطابها السياسي الرافض للتفاوض.
وفي المقابل، رحب البرهان بدعوة الرئيس الأمريكي جو بايدن للعودة إلى طاولة المفاوضات ووقف الحرب، في خطوة مفاجئة وصفتها الأوساط السياسية بأنها محاولة للحصول على الشرعية الدولية، خاصة مع سعيه إلى حضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة كممثل شرعي للسودان.
أجندة النظام القديم
ويعتقد المحلل السياسي، عمار الباقر، أن الجنرال ياسر العطا يتبنى أجندة النظام القديم، لاعتقاده أنه الطريق الأقصر إلى تحقيق طموحه الشخصي بتولي قيادة الجيش السوداني.
وقال الباقر لـ"إرم نيوز"، إن "الظهور المتكرر للجنرال العطا سببه ببساطة أنه مسنود من تيار الإسلاميين داخل الجيش السوداني، وقد اختار أن يعبر عن طموح وتطلعات وأشواق مجموعة النظام السابق داخل الجيش؛ لأنه يعتقد أنهم الأكثر تأثيرًا في المشهد وداخل المؤسسة العسكرية؛ ومن ثم يمكن أن يحملوه إلى كرسي القيادة".
وأضاف أن "العطا لديه طموح شخصي في أن يصعد ويعتلي قيادة الجيش بدلًا عن البرهان، وقد رأينا أبواق الإخوان على مواقع التواصل الاجتماعي يمجدونه ويطالبون صراحة بعزل البرهان وترك القيادة للعطا؛ ما يشير إلى أن هنالك تخطيطًا خفيًا بينهم".
وتوقع الباقر أن تكون التصريحات المنفردة للجنرال العطا القصد منها شق طريق قصير يعتقد أنه سيوصله إلى القيادة.
وأضاف: "لكن العطا يدرك أن الانقلاب في الوقت الراهن يعني نهايتهم جميعًا؛ لأن لديهم خصما قويا يتربص بهم وهو قوات الدعم السريع، لذلك لا أتوقع أن يقود انقلابًا الآن، بل قد يعمل على المدى الطويل لاعتلاء سدة الحكم في السودان، فهي تبدو خطة بعيدة المدى".
وكانت مصادر رفيعة المستوى في قوات "الدعم السريع"، كشفت لـ"إرم نيوز" عن مخطط ينفذه "الإخوان" للتخلص من قائد قوات الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، وبعض رجاله المقربين، وفي صدارتهم شمس الدين الكباشي، من خلال عضو مجلس السيادة الانتقالي ومساعده "ياسر العطا".
وأفصحت المصادر عن وعود قُدمت لـ"العطا" من جانب "الإخوان"، بأن يكون قائدا للجيش بديلا عن "البرهان" الذي بات حملا ثقيلا، ويرون فيه سببًا في خسارة مدن وولايات بعد الهزائم العسكرية على يد "الدعم السريع".
خلاف ظاهري
ومن جهته يرى المحلل السياسي، صلاح حسن جمعة، أن ما يظهر من تناقض في التصريحات بين البرهان والعطا هو مجرد خلاف ظاهري في إطار عملية "تقسيم الأدوار" تهدف إلى اللعب على الحبال كافة.
وأوضح، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن العطا يظهر أنه يعمل كمنسق مع الجماعات الإسلامية التي تقاتل إلى جانب الجيش، مثل كتيبة البراء بن مالك، ويشرف عليها، بشكل مباشر، وأن تصريحاته تهدف لطمأنة هذه الجماعات بأن الجيش لن يتفاوض مع قوات الدعم السريع.
وأشار "جمعة" إلى أن هذه التصريحات ليست معارضة للبرهان، بل تعكس تنسيقًا محكمًا بين قادة الجيش لتقديم صورة مختلفة للمجتمع الدولي والمحلي، وأن العطا يلعب دورًا في إقناع الإسلاميين بأنهم ما زالوا شركاء في المعركة، حتى وإن كانت هناك جهود للتفاوض.
وفي الوقت الذي يستمر فيه الجيش السوداني في إطلاق تصريحات متناقضة حول الحرب والتفاوض، يتضح أن البرهان والعطا يتبعان نهجًا منسقًا للضغط على المجتمع الدولي، وشراء الوقت لضمان بقاء الجيش في السلطة، في ظل توتر متزايد بين الجماعات الإسلامية والقوات المسلحة.
وجاءت تصريحات "العطا" الأخيرة في وقت نصت فيه كل وثائق الاتفاقيات السابقة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في منابر "جدة والمنامة"، على خروج الجيش عن السياسية، وتسليم السلطة لحكومة مدنية يخضع لها العسكريون، كما تطابقت في ذلك رؤى القوى السياسية المطروحة لمعالجة الأزمة في البلاد.